السلطة الفلسطينية تنفي موافقتها على البدء في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل.. والرد خلال أيام

واشنطن: جهود إطلاقها مستمرة.. ولم نتوصل لصيغة نهائية بعد

TT

نفت السلطة الفلسطينية موافقتها على البدء في إجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل وفق اقتراح أميركي، حسب ما نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عزام الأحمد، إنه لا صحة لموافقة الرئيس الفلسطيني على البدء في مفاوضات غير مباشرة.

لكن هذا النفي لا يعني أن السلطة رفضت الاقتراح الأميركي، وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة تنتظر بعض التوضيحات من الولايات المتحدة، وعلى الأغلب فإنها ستوافق على هذا المقترح، الذي سيتيح للسلطة توسيع مناطق نفوذها في الضفة وحصولها على امتيازات أخرى، مثل الإفراج عن أسرى، وفتح مؤسسات في القدس.

وقال مجدلاني إن الموقف الفلسطيني في ما يتعلق بالمفاوضات، المتوقفة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2008، «لم يطرأ عليه أي جديد»، موضحا أن القيادة الفلسطينية تواصل دراسة أفكار أميركية تتعلق ببدء جهد أميركي بلقاءات مكوكية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

وحسب مجدلاني، فإن الرد الفلسطيني على هذه المقترحات سيتم خلال أيام عند انتهاء دراسته، واستيضاح بعض الأمور بشأنه من الإدارة الأميركية، إلى جانب إجراء المشاورات اللازمة حوله مع الدول العربية والصديقة.

وترفض السلطة العودة للمفاوضات بشكلها السابق (أي بشكل مباشر)، قبل وقف إسرائيل للاستيطان بشكل تام، بما يشمل القدس، والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67، والقدس الشرقية عاصمتها، كمرجعية لعملية السلام، واستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها.

وفي سياق ذلك, أكد مسؤول أميركي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» أمس أن جهود المبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل لإطلاق مفاوضات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مستمرة، موضحا أنه لا يوجد تطور جديد للإعلان عنه. وردا على أسئلة حول التقارير التي تفيد بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وافق على مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين، قال المسؤول المطلع على ملف المفاوضات: «ما زلنا نركز على استئناف المفاوضات، وهناك مسارات عدة نبحثها، إما على صعيد رفيع المستوى أو بين مسؤولين محددين على مستوى أقل أو بموجب مفاوضات غير مباشرة».

وإشارة إلى عدم التوصل إلى اتفاق نهائي لاستئناف المفاوضات، خلص المسؤول إلى القول: «نحن نواصل محادثاتنا للاقتراب من هدفنا»، أي مفاوضات سلام تتوصل إلى اتفاق لحل النزاع العربي - الإسرائيلي مبني على حل الدولتين وسلام شامل في المنطقة.

وتتعامل الإدارة الأميركية بحذر شديد مع ملف استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين خشية رفع التوقعات مجددا حول عملية السلام بعد تعثرها خلال الأشهر الماضية. وعلى الرغم من أن واشنطن لم تنف التقارير حول موافقة الرئيس الفلسطيني على استئناف المفاوضات، فإنها لم تؤكد التوصل إلى صيغة مناسبة لكل الأطراف بعد. ومن المرتقب أن تشهد الأيام المقبلة مزيدا من النقاشات بين الأميركيين والأطراف المعنية بالمنطقة حول الصيغة الأنسب لإطلاق مفاوضات السلام.

وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قالت، أمس، إنه نتيجة لضغوط دولية شديدة، وافق الرئيس عباس على اقتراح أميركي بإجراء محادثات مع إسرائيل، في شكل مفاوضات غير مباشرة يجريها المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط. وقالت الصحيفة إن «مصادر فلسطينية رفيعة المستوى» أكدت أن الرئيس عباس وافق من حيث المبدأ على الاقتراح الأميركي بإجراء محادثات غير مباشرة. وبحسب المصادر ذاتها، فإن عباس يعتزم المطالبة بعدد من الإيضاحات من الإدارة الأميركية ،وسيجري مشاورات مع قادة عرب قبل إعطاء رده النهائي لواشنطن.

وقالت «هآرتس» إن الرئيس عباس يميل إلى الرد بإيجابية على الاقتراح الأميركي، لأن الرفض سيلقي بظلال سلبية على الموقف الفلسطيني. وأشارت مصادر إسرائيلية بارزة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتقد أن المحادثات ستبدأ في أواخر فبراير (شباط)، وأنها ستفضي إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ويتعلق الاقتراح الذي نقل إلى إسرائيل والفلسطينيين خلال زيارة ميتشل الأخيرة إلى المنطقة قبل نحو أسبوعين، بمفاوضات غير مباشرة تبدأ بوساطة أميركية، على غرار الطريقة التي تمت بين إسرائيل وسورية في تركيا، إذ سيقوم ميتشل بنقل رسائل إلى فرق تفاوض تجلس في غرف منفصلة.

وستجرى المحادثات في البداية على مستويات أقل من الرئيس ورئيس الوزراء، في محاولة لرسم مواقف الطرفين، ووضع جدول أعمال المواضيع التي ستناقش في حال تطورت المحادثات إلى مفاوضات سياسية كاملة.

وسيرأس الوفد الفلسطيني صائب عريقات، الذي يرأس فريق التفاوض الخاص بمنظمة التحرير الفلسطينية. وعلى الجانب الإسرائيلي، من المرجح أن يرأس يتسحاق مولخو، الفريق المفاوض، بالإضافة إلى البريغادير جنرال مايك هيرتسوغ، مستشار وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، وربما مستشار الأمن القومي، عوزي أراد. وعاد عباس الأسبوع الماضي من جولة في أوروبا، حيث التقى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون. وأوصل الزعيمان الأوروبيان، اللذان نسقا موقفيهما مع نتنياهو والرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، رسالة واضحة إلى عباس مفادها: أنهما يتوقعان منه استئناف المفاوضات مع إسرائيل في أسرع وقت ممكن.

وقال نتنياهو الأسبوع الماضي: «أنا أريد الوصول إلى مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين. ليست لدي مشكلة بخصوص محادثات التقارب أو المفاوضات غير المباشرة. أنا أنظر إلى ذلك باعتباره سلما سيمكّن الفلسطينيين من النزول عن الشجرة، وكممر سيوصل إلى محادثات رفيعة المستوى».

وحذر عباس العالم في مقابلة مع «دير شبيغل» الألمانية من أن يدفع الفلسطينيين تجاه النقطة التي تقودهم إلى فقدان الأمل. وانتقد عباس الإدارة الأميركية، وقال إنه عندما فاز الرئيس الأميركي باراك أوباما في الانتخابات، كان متفائلا جدا، وقد جاءه ميتشل وقال له إن المفاوضات ستبدأ بعد وقف الاستيطان، ولكنه لا يعرف لماذا تراجع الأميركيون فجأة عن تعهداتهم. وقال «أنا لست سعيدا طبعا بتغيير الموقف الأميركي، ولكنني لن أتنازل».