غيتس يدعو في باريس إلى عقوبات ضد طهران لوقف برنامجها «النووي العسكري»

كوشنير: إيران تبتزنا وليست لديها قدرات زيادة للتخصيب.. ولسنا واثقين من تمرير قرار جديد في مجلس الأمن

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد داخل سيارة كهربائية في معرض الاختراعات في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

استحوذ الملف الإيراني على محادثات وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في باريس، أمس، حيث توج نهاره بلقاء رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي، بعدما كان التقى ظهرا نظيره هيرفيه موران، واجتمع لاحقا بوزير الخارجية برنار كوشنير.

وقالت المصادر الفرنسية إن أهمية المحطة الباريسية في جولة غيتس تنبع من عنصرين اثنين، الأول: هو ترؤس فرنسا لمجلس الأمن الدولي لشهر فبراير(شباط) لما لهذا الموقع من أهمية في السعي لتوفير الأصوات اللازمة في مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار عقوبات جديد، والثاني: الرغبة الأميركية في أن تلعب الدبلوماسية الفرنسية دور «الوسيط» مع الصين لإقناعها بالسير نحو العقوبات، أو على الأقل تفادي استخدام حق النقض، «الفيتو»، في مجلس الأمن عند طرح مشروع القرار.

في المؤتمر الصحافي المشترك مع هيرفيه موران، وجه الوزير الأميركي أكثر من رسالة إلى إيران، وأيضا للتيار الداعي إلى استخدام القوة العسكرية لوقف البرنامج النووي الإيراني. والرسالة الأولى كانت بالغة الوضوح، ومفادها أن الولايات المتحدة لا تفكر في عمل عسكري ضد إيران، ولا يمكن أن تسمح به. وقال غيتس ردا على سؤال حول ضمانات أميركية لعدم حصول عمل عسكري بأنه «من المهم للجميع أن تحل هذه المسألة، أي البرنامج النووي الإيراني، من دون إشعال نزاع» مضيفا أنه «لا بد من مواصلة الخيار السلمي».

وشدد غيتس في رسالته الثانية على أهمية الضغوط الدولية، بما فيها العقوبات، من أجل تخلي إيران عن «برنامجها النووي العسكري»، مما يعني أن واشنطن قد حسمت رأيها، واختارت تأكيد أن طهران تطور برنامجا نوويا عسكريا، وهو ما تحاشت تأكيده بهذا الشكل القاطع حتى الآن.

وتنص رسالة غيتس الثالثة على أن واشنطن، على الرغم من قرار طهران تخصيب اليورانيوم إلى درجة 20 بالمائة، فلم تغلق باب المفاوضات بعد، بل إن الغرض من الضغوط الاقتصادية التي دعا إلى تشديدها هو تحديدا عودة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات.

وأشار غيتس إلى المخاطرة السياسية التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما في عرضه التفاوض على الجانب الإيراني، وعدم تلقف طهران لليد الممدودة إليها. أما نجاح المقاربة القائمة على اقتراح الحوار من جهة، واعتماد الضغوط من جهة أخرى، فقد ربطهما غيتس بـ«توحد الأسرة الدولية»، وهو الأمر الذي لا يتوافر حتى الآن. أما رسالة غيتس الأخيرة، فمفادها أن استمرار إيران في برنامجها النووي العسكري سيقود إلى سباق للتسلح النووي في الشرق الأوسط، وهو ما يحذر منه جميع المعنيين بالأمر. وأكد موران وغيتس أن «الخطوة القادمة» ستكون فرض مزيد من العقوبات الدولية.

وترى باريس أنه إذا اضطرت الدول الغربية إلى طرح مشروع قانون «مخفف» في مجلس الآن لتفادي الفيتو الصيني، ولتوفير أكثرية الثلثين، فإن الخطوة اللاحقة ستكون تشكيل مجموعة دولية أميركية - أوروبية تفرض على إيران عقوبات إضافية، إلى جانب عقوبات مجلس الأمن.

وفي لقاء مع الصحافة الدبلوماسية، اعترف وزير الخارجية برنار كوشنير بعدم توافر أكثرية في مجلس الأمن لإصدار قرار بفرض عقوبات جديدة على طهران. وتمثل الصين دولة «الممانعة» الأولى، وهو ما كان أكده وزير خارجيتها الأسبوع الماضي لكوشنير وللرئيس ساركوزي، بل إن يانغ جي شي أبلغهما بأن البحث عن تشديد العقوبات «ستكون له نتائج عكسية».

واستخدم وزير الخارجية الفرنسي لغة متشددة إزاء طهران، التي اتهمها بالسعي لـ«كسب الوقت» و«ابتزاز» المجموعة الدولية. وأعرب كوشنير عن قناعة مفادها أنه «لا يمكن التفاوض مع إيران». غير أن الوزير الفرنسي قال علنا ما كانت تؤكده سابقا مصادر دبلوماسية وعسكرية حول عجز إيران عن تصنيع الوقود النووي لمفاعل طهران للأغراض الطبية بنفسها. وقال كوشنير: «إن الإيرانيين لا يعرفون تصنيع الوقود النووي»، ولذا ترى باريس أن إعلان طهران البدء في تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين في المائة هو من باب التهويل والابتزاز. ويميز الخبراء الفرنسيون بين تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين في المائة من جهة، وتحويل اليورانيوم المخصب إلى قضبان تستخدم في مفاعل طهران من جهة أخرى. ووفق المقترح الذي قدمته الوكالة الدولية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن روسيا كانت ستتولى تخصيب اليورانيوم، على أن ينقل إلى فرنسا التي تتولى تحويله إلى قضبان صالحة للاستخدام، ورأى الوزير الفرنسي أن إعلان إيران زيادة نسبة التخصيب هو «حقيقة ابتزاز بعضهم يريد تسميته دبلوماسية»، داعيا إلى عدم الاهتمام بالتصريحات الإيرانية المتناقضة.