دحلان: القيادة الليبية لن تدعو حماس إلى القمة العربية.. لكنها راغبة في إنجاز المصالحة الفلسطينية

زار طرابلس بتكليف من أبو مازن

TT

أكد النائب محمد دحلان، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، المفوض الإعلام، أن القيادة الليبية لن تدعو حركة حماس إلى المشاركة في القمة العربية المقرر عقدها نهاية مارس (آذار) المقبل، وقال: «أبلغتني القيادة الليبية بأن الدعوة ستكون للرئيس محمود عباس، رئيس الشعب الفلسطيني، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية».

وأوضح دحلان في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «أنا زرت ليبيا بتكليف من الرئيس أبو مازن، وبقيت هناك ثلاثة أيام عقدت خلالها عدة لقاءات حول القمة العربية، وتبين لي أن هذا الموضوع ليس مطروحا على جدول أعمال القيادة الليبية، فالرئيس عباس هو ممثل الشعب الفلسطيني، ولا يوجد مجال لدعوة آخرين خارج الوفد الفلسطيني الرسمي. هذا ما أبلغتني به القيادة الليبية، ولكن لديهم رغبة في أن تحدث المصالحة قبل القمة أو خلالها، واتفقنا على أن الورقة المصرية هي أساس تلك المصالحة».

وتعقيبا على من يدعون أن موقف مصر حاليا غامض تجاه المصالحة الفلسطينية، قال دحلان: «بالعكس، موقف مصر واضح، فهي صاغت ورقة المصالحة بالتوافق مع حماس، وفي ضوء ما اتفقت عليه الفصائل الفلسطينية في حوار القاهرة، ثم طلبت توقيع هذه الورقة من دون تعديلات، وحركة فتح التزمت بذلك على الرغم من تحفظاتها الكثيرة، لكن حماس رفضت».

وتعليقا على مطالبة حماس المتكررة بضرورة تعديل الورقة المصرية قبل التوقيع عليها، قال دحلان: «هذا الأمر مرفوض من حركة فتح، وفي حال قيام حماس بالتعديل عليها، فستقوم فتح بالأمر نفسه، وهذا يعني العودة إلى نقطة الصفر».

وحول حقيقة سماح حماس له بزيارة غزة للمشاركة في تشييع جثمان والدته، أوضح دحلان: «لا أرغب في أن تكون روح والدتي جزءا من الجدل السياسي، لذلك عندما قيل: (هل تذهب إلى غزة؟) أجبت: (لدي الاستعداد)، لكن للأسف حماس لا تضع القضايا الإنسانية ولا السياسية ولا الوطنية، في اعتبارها».

وتابع: «عندما وضعوا شروطا أرادوا فرض الحراسة علي، وأمورا أخرى، حينئذ أصدرت بيانا قلت فيه إنني لن أغادر إلى غزة إلا بعد الاتفاق، وعودة القطاع إلى الشرعية الوطنية وبعد صياغة الوحدة الفلسطينية، لذلك خسرت (حماس) ولم أخسر أنا. صحيح كان الوضع صعب علي، والدتي بالنسبة إلي أكثر من والدة، هي بالنسبة إلي موجه روحي، منذ أن كنت طفلا اشتركت معي في العمل النضالي كله، واعتقلت ومُنعت من السفر، وفُرضت عليها إقامة جبرية، وهي أحسنت كثيرا إلى حركة حماس في أزماتها كلها، ولكن هذا ملف لا أريد أن أفتحه، فسلوك حماس يتلاءم معها، لكنه يخرج عن أخلاق الوضع الفلسطيني التقليدي».

وذكّر دحلان بأن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، سُمح له بدخول الأردن عند وفاة والده بسيارته وبرقم سوري، وبحراسته الخاصة، وأنه شارك في وداع والده، وبقي في بيت العزاء ثلاثة أيام، مضيفا: «هذا حدث على الرغم من أنهم متهمون بالتلاعب في الوضع الأردني».

وعن طبيعة الاختراق الذي تم إحداثه على الصعيد العربي فيما يخص دعم المصالحة الفلسطينية، قال دحلان: «بعد عامين من الجدل والنقاش أزيلت الغمة عن كثير من مواقفنا، والناس بدأوا يتفهمون، وانكشف القناع عن حماس، واتضحت حقيقة مواقف الأطراف كلها، ولم يعد هنالك لبس، فعلى سبيل المثال الأشقاء في سورية لا يستطيعون لوم فتح الآن، وكذلك الإخوة في قطر، لأن الأمور باتت واضحة، واتضح من يعيق إنجاز المصالحة».

وتابع: «في الماضي كان في إمكانهم اتهام دحلان أو غيره، وهذه الألاعيب كلها انتهت وكشفت، ولم يعد مخزون أكاذيب حماس ينطلي على أحد الآن، أما إيران فدم الشعب الفلسطيني بالنسبة إليها مطروح للمساومة بينها وبين الأمريكان، وليس مطروحا للتحرير، فإن أرادت إيران التحرير فلتتفضل ونحن معها، أما أن تبيعنا شعارات فهذا مرفوض». وحول اتفاقية المعابر عام 2005 ومعارضة حماس لها، قال دحلان: «عندما عقدنا الاتفاقية قدروها وثمنوها، وبعد الانقلاب (خونونا)، والآن يريدون 20% من الاتفاقية، وأنا لا أقبل إلا بالاتفاقية كاملة، وأعرف كم بذلنا جهدا حتى أقنعنا الإدارة الأميركية، وخافيير سولانا، والأطراف الأخرى، بالوصول إلى إنجاز يتمثل في فتح معبر رفح 24 ساعة، وبعدم وجود إسرائيلي فيه، وبسماح حركة التجارة، وأن تسير مركبات النقل العام (الباصات) بين غزة والقاهرة، وأن تتنقل الشخصيات المهمة من دون صعوبات، وللأسف اليوم لا نستطيع إخراج مريض».

وأكمل: «آن الأوان لأن تقدم حركة حماس كشف حساب للشعب الفلسطيني على (الجنون السياسي) كله الذي مارسته، وكانت نتيجته أن ندفع شهداء وأسرى وعذابات كبيرة للشعب الفلسطيني، ومن دون مقابل». وبشأن المفاوضات والأفكار المتعلقة بتجميد الاستيطان لفترة معينة، قال دحلان: «إن انطلاق المفاوضات المباشرة مع إسرائيل تستدعي التزام الأخيرة بالوقف التام للاستيطان، وبتحقيق المطالب التي تقدمت بها السلطة الوطنية».

وزاد قائلا: «أما أن يأتي الطرف الأميركي ليمارس جهده الدبلوماسي بيننا وبين الإسرائيليين لمحاولة كسر الجمود ويخلق أجواء تسمح بالعودة إلى المفاوضات، فلسنا ضد ذلك».

وقال: «نحن لسنا ضد الجلوس مع نتنياهو، ولكن ليس بشروطه، ونأمل أن ينجح المبعوث الأميركي جورج ميتشل في مهمته، وإذا فشل فستكون لنا خطوات كثيرة، منها التوجه إلى مجلس الأمن، بالإضافة إلى خطوات أخرى بالتعاون والتشاور مع الجامعة العربية، ولجنة المتابعة العربية».

وحول طبيعة الأسئلة التي وجهتها السلطة الوطنية إلى الجانب الأميركي للإجابة عنها، قال دحلان: «هي أمور تتعلق بقواعد العمل التي وضعناها للعودة إلى المفاوضات، وفي مقدمتها وقف الاستيطان، ووضوح مرجعية التفاوض والجدول الزمني للمفاوضات، والرؤية حول موضوع الأرض، والحدود».

وأضاف: «هذه الاستفسارات كلها تجيب عن أسباب طلبنا لوقف الاستيطان والعودة إلى حدود 1967، ونحن لن نعود إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل من دون تحديد هذه الأمور، ولم تترك إسرائيل خدعة إلا حاولت تمريرها علينا في السابق، ونحن لدينا خبرة، والآن محصنون جيدا، ونعرف ماذا نفعل وماذا تعني كل خطوة».

وأوضح أن أهمية تحديد الحد الفاصل بين الدولتين يمكن في حل القضايا الرئيسية، وقال: «إذا حددت الحدود، فهذا يعني حل موضوع الاستيطان تلقائيا، و90% من قضايا القدس، و100% من قضايا الأمن، و100% من تفاصيل الترتيبات الأمنية أيضا».

وحول الإنشاءات بين مصر وغزة، أوضح دحلان أن مصر حرة في تحديد طبيعة الوسائل التي تريد من خلالها حماية أمنها، مضيفا: «لا أريد الدخول في ترتيبات أمنية اتخذتها مصر لأن هذا شأنها، وهو موقف يتعلق بأمنها القومي، والمهم في الأمر هو أن مصر تقول: (ما يدخل من تحت الأرض سندخله من فوق الأرض)، وهذا ليس خطأ، ويوميا تصل بضائع إلى غزة عبر معبر (كرم أبو سالم)، ويوميا تنقل مساعدات من الضفة إلى القطاع».

وأضاف: «إذا كان الأمر له صلة بمواد غذائية وبضائع فهو محلول، أما إن كانت له صلة بتهريب آخر فهذا يتعلق بمصر، وهي صاحبة القرار فيه، ومصر غضت العين على مدار السنوات الثلاث الماضية، فحماس أدخلت ما أرادت كله، ولكن النتيجة كانت الهجوم عليها وتخوينها».