تحقيق بريطانيا بشأن حرب العراق يحول الانتباه إلى مسؤولي إدارة بوش

براون يمثل أمام اللجنة الشهر المقبل

TT

ستسعى لجنة تحقيق بريطانية بشأن حرب العراق إلى الاستماع لأعضاء في إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، بعد الحصول على أدلة من رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير ومسؤولين بريطانيين بارزين آخرين. وأكد رئيس لجنة التحقيق جون تشيلكوت في ختام المرحلة الأولى من التحقيق، أول من أمس، رغبته في الحصول على أدلة من مسؤولين داخل الولايات المتحدة، لكنه لم يذكر أسماء أفراد بعينهم، ولم يوضح أن اللجنة ترغب في توجيه أسئلة للرئيس السابق بوش نفسه. وقال تشيلكوت: «لا نستطيع أن نحصل على أدلة رسمية كهذه من مواطنين أجانب، لكننا نستطيع بالطبع أن نجري نقاشا معهم».

يذكر أن جلسات الاستماع كانت قد بدأت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحضرها بلير والرئيس الحالي لوكالة الاستخبارات البريطانية (إم آي 6) جون سويرز ورئيس أركان الجيش البريطاني جوك ستيراب، ومجموعة من الوزراء والمسؤولين بالحكومة للإدلاء بأقوالهم.

وذكر تشيلكوت أن لجنة التحقيق ستستجوب رئيس الوزراء البريطاني الحالي غوردون براون ووزير الخارجية ديفيد ميليباند ووزير التنمية دوغلاس ألكسندر، في مجموعة ثانية من جلسات الاستماع تعقد قبل الصيف المقبل، وستضع أيضا الخطط لجمع الأدلة من مسؤولين أميركيين ومحاربين قدامى. وحسب وكالة «أسوشييتد برس» أضاف تشيلكوت «سنعقد عددا من الاجتماعات وجلسات نقاش مع مجموعة من الأفراد، بريطانيين أو غير بريطانيين.. ومن الممكن أن يكون بينهم محاربون قدماء شاركوا في الحملة على العراق ومسؤولون من الإدارة الأميركية السابقة».

وقال المتحدث باسم لجنة التحقيق راي ستيوارت: إنه لم يُتخذ أي قرار بعد بشأن من سيطلب للاجتماع مع لجنة التحقيق، أو متى ستعقد الجلسات وأين. ورفض ديفيد شيرزر، المتحدث باسم بوش، التعليق عندما سُئل إذا وُجِّه طلب للرئيس السابق، وما إذا كان سيتعاون إذا طلب منه ذلك أم لا. وركز عدد من الجلسات على اتهام بلير بأنه قدم الدعم لبوش بشأن شن الغزو بداية أبريل (نيسان) عام 2002، أي قبل عام من موافقة المشرعين على مشاركة بريطانيا في الغزو.

وأخبر السفير البريطاني السابق لدى الولايات المتحدة كريستوفر ماير لجنة التحقيق، أن بوش وبلير استغلا اجتماعا عقد في أبريل (نيسان) من عام 2002 في مزرعة الرئيس بوش في كراوفورد بولاية تكساس «للتوقيع بالدم» على اتفاق للقيام بعمل عسكري في العراق. إلا أن جوناثان باول، الرئيس السابق لمكتب بلير، نفى في شهادته إبرام أي اتفاق ووصف شهادة مير بأنها غير موثوق بها. وأشار لورانس فريدمان، المؤرخ العسكري وأحد الأعضاء الخمسة في لجنة التحقيق في الاستجواب، إلى أن بوش أحاط بلير علما بأنه يعتزم الإطاحة بصدام حسين حتى إذا تعاون مع مفتشي أسلحة الدمار الشامل في الأمم المتحدة.

إلى ذلك نفى وزير الخارجية السابق (العدل حاليا) جاك سترو أن يكون تجاهل آراء قانونية تحذر من أن غزو العراق عام 2003 سيكون غير مشروع، وذلك خلال ثاني شهادة له قدمها أمام لجنة التحقيق أول من أمس. وخلال الجلسة الأولى في يناير (كانون الثاني) الماضي، أوضح سترو أنه أيد «بتردد» قرار بلير المشاركة في الحرب. وتحدث أمس مطولا عن الأسباب التي دفعته إلى رفض رأي للمستشار القانوني الرئيسي لوزارة الخارجية مايكل وود، الذي أوضح الشهر الماضي أمام اللجنة، أن وزارته تجاهلت تحذيراته بشأن ضرورة صدور قرار ثان من الأمم المتحدة يجيز التدخل العسكري في العراق. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أكد سترو أنه تلقى رأيا من هذا المستشار، قبل شهرين من دخول الحرب، يفيد بأن الغزو من دون موافقة الأمم المتحدة «سيكون بمنزلة عدوان إجرامي». وأوضح أنه قرأه «بإمعان وأولاه ما يستحقه من اعتبار» قبل أن يرد: «أخذت علما برأيكم لكنني لا أوافق عليه».

وبرر سترو موقفه بوجود «تعارض صارخ» بين هذا الرأي وبين رأي آخر كتبه وود في ديسمبر (كانون الأول). وأخيرا حسم بيتر غولد سميث المدعي العام (المستشار القانوني الرئيسي للحكومة) آنذاك الأمر في فبراير (شباط) 2003 معتبرا أنه لا توجد ضرورة لصدور قرار ثان من الأمم المتحدة، ما اعتبرته الحكومة «الرأي القانوني الحاسم» الذي يبرر دخول الحرب.

إلى ذلك، أعلن ناطق باسم لجنة التحقيق أن رئيس الحكومة البريطانية، غوردن براون، سيمثل أمام هذه اللجنة في مارس (آذار). وكان براون وزيرا للمالية أثناء الاجتياح الأميركي للعراق في 2003. وكان شيلكوت قال سابقا إنه لن يستدعي براون أو أيا من الوزراء الحاليين قبل إجراء الانتخابات العامة المقررة في يونيو (حزيران) المقبل، وذلك لتفادي أي استغلال سياسي من عمل لجنة التحقيق في الانتخابات. ونتيجة لتزايد الضغوط من الأحزاب المعارضة، أكد براون لشيلكوت أنه مستعد للمثول أمام اللجنة في أي وقت.