أوباما: المجتمع الدولي موحد «ضد سوء تصرف» إيران.. وراض عن الموقف الروسي

موسكو تشكك في نوايا إيران النووية.. وإسرائيل تدعو لفرض عقوبات معوقة وفورية عليها

متظاهرون إيرانيون أمام السفارة الإيطالية في طهران، أمس (رويترز)
TT

مع مباشرة إيران صباح أمس إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب، بنسبة 20% في موقع ناتانز، تحت إشراف مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أكد الرئيس الاميركي باراك أوباما ان المجتمع الدولي «موحد ضد سوء تصرف» ايران. وعبر اوباما عن رضاه من الموقف الروسي حول القرار الايراني، علما ان روسيا كانت انتقدت خطوة الجمهورية الإسلامية في خطوة أشارت الى اتجاه روسيا نحو الموافقة على قرارات ضد طهران.وقال رئيس مجلس الأمن القومي الروسي أمس إن إعلان إيران بدء عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، يثير «شكوكا» حول أهداف برنامجها النووي، منذرا بتشديد موسكو لهجتها حيال حليفها الإيراني. وقال نيكولاي باتروتشيف، وفق ما نقلت وكالات الأنباء الروسية، إن «إيران تؤكد أنها لا تسعى لحيازة السلاح الذري وأنها تطور برنامجا نوويا مدنيا». وأضاف: «لكن الخطوات التي تقوم بها، لا سيما تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% تثير شكوكا لدى دول أخرى. وهذه الشكوك مبنية على أسس قوية»، داعيا طهران إلى التعاون بصدق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأشار باتروتشيف إلى أنه من الأفضل تسوية النزاع بالسبل الدبلوماسية والسياسية، مؤكدا أن هذا النهج «مهم جدا لكن له حدوده. ثمة حدود للصبر». وأضاف: «من المهم للغاية أن لا نصل إلى الحرب، لكن ثمة خطر بأن تندلع الحرب. وهذا الخطر قائم نظريا، وبعض الدول لا تستبعد عمليات عسكرية».

من جهته، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس بفرض عقوبات معوقة على إيران فورا، وقال لدبلوماسيين أوروبيين: «إيران تسرع الخطى صوب إنتاج أسلحة نووية.. أعتقد أن المطلوب الآن هو تحرك صارم من جانب المجتمع الدولي». وقال نتنياهو في رسالة مقتضبة: «هذا يعني عقوبات معوقة ويجب أن تطبق هذه العقوبات في الحال». وأضاف: «خلال اليومين الماضيين أدلى النظام الوحشي في إيران بمزيد من التصريحات الشائنة، منها دعوة صريحة للقضاء على بلادي». وجاء ذلك في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن الولايات المتحدة تريد أن يقر مجلس الأمن الدولي «في غضون أسابيع وليس خلال أشهر» قرارا يمهد السبيل لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي. وصرح جيوف موريل السكرتير الصحافي للبنتاغون لصحافيين بأن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس تحدث مع قادة في تركيا وإيطاليا وفرنسا حول «الحاجة الملحة» للمضي قدما في العقوبات في أقرب وقت ممكن. وردا على سؤال حول مدى سرعة اتخاذ قرار بشأن العقوبات قال موريل إن غيتس الذي زار باريس هذا الأسبوع يعتقد أن ذلك قد يحدث «في غضون أسابيع وليس أشهرا».

وفي مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، قال غيتس: «هي دائما عملية تفاوض، ونحن في بدايتها فقط. أعتقد أن الأمر سيستغرق بعض الوقت.. أقول أسابيع وليس أشهرا لنرى إن كنا لا نستطع استصدار قرار آخر من مجلس الأمن الدولي». وردا على سؤال حول ما ستفعله الولايات المتحدة إذا عارضت الصين أو أي دولة أخرى القرار، قال غيتس: «كل ما يمكنني أن أقوله هو أننا نجحنا في استصدار كثير من قرارات مجلس الأمن، لذلك أنا متفائل بأننا سننجح مجددا». وبينما لم تتضح بعدُ طبيعة العقوبات التي يمكن فرضها، قالت مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: «قلنا دائما إننا مستعدون للضغط، بما في ذلك (فرض) العقوبات»، مضيفة أن «المحادثات حول الطبيعة المحددة لتلك العقوبات جارية مع شركائنا الدوليين». وتمتنع وزارة الخارجية الأميركية من الحديث عن الدور الصيني في عدم إصدار قانون دولي جديد لفرض عقوبات جديدة على إيران، مشيرة إلى تضامن الدول الست في التعامل مع الملف النووي.

وأما عن قرار إيران تسريع تخصيب اليورانيوم، اعتبرت المسؤولة أن «هذا الإعلان حركة مغرضة لتحدي قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الحكومة الإيرانية تعلم أن ذلك لن يتماشى مع احتياجات الشعب الإيراني الإنسانية وتشكل خطر خلق المزيد من عدم الاستقرار الإقليمي». وأضافت أن «إيران لا تستطيع تصنيع الوقود لمنشأة طهران للبحوث في الوقت المناسب لضمان تزويد المنشأة بالنظائر الطبية، مما يثير أسئلة حول السبب الحقيقي للانتقال من 3.5 في المائة من التخصيب إلى 20 في المائة»، معتبرة أنه «في حال اتخذت الحكومة الإيرانية هذه الخطوة ستزيد من إضعاف الثقة وتثير قلقا جديا حول نيات إيران النووية، خصوصا بعد إغلاق موقع قم للتخصيب».

وفي ظل تسارع التطورات في إيران، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أمس أنه يعتزم زيارة إيران قريبا لمحاولة التوصل إلى حل دبلوماسي لأزمة الملف النووي الإيراني. وقال داود أوغلو إن أجهزة وزارته تسعى لتنظيم زيارة إلى طهران سواء الثلاثاء أو لدى عودته من زيارة إلى كازاخستان تنتهي الجمعة. وقال الوزير ردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربيورن ياغلاند: «من المحتمل جدا أن تجري الزيارة في وقت لاحق اليوم (أمس)». وقال داود أوغلو إن «عرض (الدول الست) ما زال قائما (...) نعتقد أنه ما زالت هناك فرصة كبيرة» لتسوية الخلاف بشأن الملف النووي الإيراني، في وقت ندد فيه عدد من العواصم الغربية، في مقدمتها واشنطن وباريس، بالقرار الإيراني داعية إلى فرض «عقوبات مشددة» على طهران.

وأوضح الوزير أنه سيجري محادثات في طهران مع الرئيس محمود أحمدي نجاد ونظيره منوشهر متقي. وتدعو تركيا، العضو في الحلف الأطلسي التي تقيم علاقات جيدة مع إيران المجاورة، إلى حل دبلوماسي للأزمة مع إيران وقد اقترحت مرارا القيام بدور وساطة بين طهران والدول الكبرى.

أما الصين، فقد دعت إلى مواصلة المفاوضات مع إيران للتوصل إلى اتفاق لمبادلة اليورانيوم بالوقود النووي، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ما تشاوشيوي للصحافيين: «نأمل في أن تتبادل الأطراف المعنية وجهات النظر بشأن مشروع الاتفاق المتعلق بمفاعل البحث الإيراني وأن يتوصلوا إلى إجماع في أقرب وقت ممكن، ما سيسمح بتسوية المسألة». وكان رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، قد أعلن أمس لوكالة الأنباء الطلابية: «بدأنا اعتبارا من اليوم (الثلاثاء) تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في سلسلة (أجهزة طرد مركزي) منفصلة في ناتانز (وسط)». وأوضح أن هذه السلسلة المؤلفة من 164 جهاز طرد مركزي، التي تصنف «بمستوى مختبر» أكثر منها بمستوى مصنع، «ستنتج 3 إلى 5 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% في الشهر لمفاعل الأبحاث في طهران، ما يمثل ضعف حاجاتنا».

وكانت السلطات الإيرانية أعلنت قبل يومين إطلاق عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وتم إبلاغ القرار، الاثنين، للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي كان مفتشوها حاضرين أمس في موقع ناتانز بحسب وسائل الإعلام المحلية. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس أن فريقا من مفتشيها موجود في موقع ناتانز لمراقبة عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%. وبررت طهران هذا القرار بعدم التوصل إلى اتفاق مع مجموعة الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) من أجل تسليمها الوقود النووي الذي تحتاج إليه لتشغيل مفاعل البحث الطبي في طهران.