حلفاء دمشق يعتبرون مشاركة عون في احتفال سورية تكريسا للتوجه المسيحي المشرقي في مواجهة الغرب

الانقسام المسيحي في ذكرى مار مارون يتفاعل في لبنان

TT

انشغل الشارع المسيحي اللبناني بتداعيات تفضيل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بلدة براد السورية على بيروت للاحتفال بذكرى مرور 1600 عام على رحيل شفيع الطائفة المارونية مار مارون. وقال مصدر في فريق «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» إن «الاستغلال السياسي للذكرى واضح، ويبدو أن الحرب يجب أن تشن على من ينادي بالتعايش بين المسلمين والمسيحيين كما هو دأب البطريرك الماروني نصر الله صفير الذي احتفل بالمناسبة في كنيسة مار جرجس الملاصقة لمسجد محمد الأمين في وسط بيروت وبحضور الدولة بمؤسساتها الرسمية يتقدمها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان المعروف باعتداله، لذا كان لا بد من التشويش من خلال محاولة خطف الاهتمام إلى براد مع شخصيات تطمح إلى نيل الرضا السوري لاستثماره في الشأن الداخلي اللبناني ولو على حساب انقسام الصف المسيحي وتعميق الشرخ بين أبناء الطائفة الواحدة».

إلا أن حلفاء سورية لا يرون الأمر على هذا النحو أبدا. فهم يعتبرون أن «مشهد الاحتفال بالذكرى كان تاريخيا بحضور عون الذي يرأس أكبر كتلة نيابية مسيحية لبنانية وزعيم المسيحيين في الشمال النائب سليمان فرنجية ورئيس الجمهورية السابق إميل لحود. وأهمية هذا المشهد تظهر في تكريسه التوجه المسيحي المشرقي في مواجهة الغرب ومشاريعه ضد لبنان والمنطقة».

وفي سياق متصل، اعتبر النائب في «اللقاء الديمقراطي» إيلي عون أن «هناك محاولة لتغليف المشهد الانقسامي للموارنة بالأمس، المتمثل في احتفالين رسميين أحدهما في بيروت والآخر في حلب، بغلاف ديني على الرغم من أن سورية أرادت احتضان ذكرى مار مارون وهذا الأمر مدعاة تقدير من قبلنا، إنما توزع الموارنة يعبر عن واقع الحال ولا يمكن إغفال البعد السياسي عنه». ورأى في حديث تلفزيوني أنه «إذا كنا سنبقى نختبئ خلف خيال أصبعنا في الأمور المارونية لا يمكن الوصول إلى نتيجة». وقال إن «الانقسام بالأمس هو رسالة انقسامية من قبلنا للغرب. وأنا حريص على وحدتنا كموارنة أينما كنا، فنترك خلافاتنا السياسية ونتوحد حيث يكون بطريركنا». وأشار إلى أنه «كان بإمكان الذين توجهوا إلى سورية إحياء ذكرى مار مارون في براد في وقت لاحق».

إلا أن النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» نبيل نقولا شدد على أن «هذه الزيارة هي دينية بامتياز وهي رسالة للغرب لتؤكد أن المسيحيين ليسوا بقايا صليبية في الشرق بل هم أبناء هذا الشرق، فالمسألة هي لإعادة تنشيط الذاكرة». ودعا إلى عدم تسييس هذه الزيارة «فلا يوجد (مار مارون 14 آذار) و(مار مارون 8 آذار)». وسأل: «من منع الآخرين من الاحتفال بعيد مار مارون في سورية». وذكّر بأن «الدعوة أتت من البطريركية المارونية لكل الاحتفالات التي تمت في لبنان والعالم بهذا العيد». وأوضح أن «أعضاء من التكتل كانوا موجودين في كنيسة مار جرجس في بيروت مما يعني أن عون كان موجودا أيضا».

النائب في كتلة «المستقبل» عاطف مجدلاني قال إن «ما جرى في بيروت (أول من أمس)، كان احتفالا بعيد مار مارون، لأن كل أركان الدولة كانوا موجودين وكان الحضور النيابي كبيرا جدا ومهما، وكان مناسبة وطنية التقى فيها مسؤولو الدولة مع البطريرك صفير الذي شدد على أهمية لبنان وأهمية العيش المشترك بين اللبنانيين، وكان مناسبة لتأكيد وحدة لبنان والحرص على لبنان وسيادته واستقلاله، وما جرى في براد كان ظاهرة إعلامية وليس أكثر. وكان يمكن أن تكون جيدة في مناسبة أخرى، إنما الواضح أن هدفها شعبوي إعلامي»، وأضاف أن «أهداف الذين زاروا سورية معروفة»، كما استغرب «زيارة أحد المسؤولين ممن كانت له أهداف واضحة ومواقف ثابتة، ونحن نحترم آراؤهم، وكان يمكن أن تكون الزيارة في غير هذه المناسبة». وقال: «إذا أردنا توحيد المسيحيين في المشرق فلنبدأ من لبنان من الطائفة المارونية في لبنان». أما الوزير السابق والقيادي في «التيار الوطني الحر» ماريو عون فقد أكد أن «زيارة عون إلى براد لا تحمل معاني سياسية، بل هي زيارة رعوية بمعنى أن زعيما لبنانيا احتفل بذكرى مار مارون في سورية». واعتبر أنه «من الطبيعي أن يتوجه العماد عون إلى المسيحيين المشرقيين في مثل هذه مناسبة».

إلا أن النائب في كتلة «نواب زحلة» جوزيف معلوف قال: «عون وفرنجية ومن خلال زيارتهما براد، أضاعا فرصة لاجتماع الموارنة حول البطريرك صفير».

أما القيادي في «التيار الوطني الحر»، أنطوان نصر الله، فقد رد على الانتقادات بقوله إن «هناك فئة في لبنان لم يعد لها إلا الخطاب التحريضي للبقاء على الساحة السياسية». ولفت إلى أن «مشاركة عون في قداس براد أمر طبيعي. وغير الطبيعي هو التقوقع».