مصدر مغربي لـ«الشرق الأوسط»: الجولة الخامسة من مفاوضات الصحراء لن تكون حاسمة إلا بالدخول في جوهر مبادرة «الحكم الذاتي»

الرباط تدعو الجزائر و«البوليساريو» إلى التخلي عن موقفهما المعرقل للحل

TT

انطلقت صباح أمس في بلدة ارمونك بمقاطعة ويست شيستر الواقعة شمال نيويورك، أعمال الاجتماع غير الرسمي التمهيدي للجولة الخامسة للمفاوضات الهادفة إلى إيجاد حل سياسي ونهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء.

ولم يتسرب أي شيء عن فحوى المحادثات والأجواء التي انطلقت فيها، بيد أن مصدرا مقربا من أعضاء الوفد المغربي قال لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي، إن الجولة الخامسة من مفاوضات الصحراء لا يمكن أن تكون جولة حاسمة إلا بالدخول في جوهر الموضوع أي «الحكم الذاتي» الذي تقدم به المغرب للوصول إلى حل يقوم على أساس «لا غالب ولا مغلوب». وشدد المصدر ذاته بالقول إنه «لا بديل للحكم الذاتي» لطي صفحة النزاع الطويل الذي طال أمده، بعد أن أصبحت مسألة إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء «متجاوزة وغير قابلة للتنفيذ».

وذكر المصدر أن مشاركة الجزائر في الجولة الخامسة ينبغي أن تكون مشاركة مباشرة نظرا لاحتضانها قوات جبهة البوليساريو ومخيمات اللاجئين فوق أراضيها.

ويرى المراقبون أنه في الوقت الذي تلعب فيه الجزائر على وتر حقوق الإنسان في الصحراء، تقول الرباط إن مسألة حقوق الإنسان لا تتجزأ، وإن مقاربتها لهذا الموضوع في شمال البلاد لا تختلف عن جنوبها. وفي سياق ذلك، يواصل المغرب التأكيد على ضرورة الانتباه إلى الأوضاع الإنسانية المتردية في مخيمات جبهة البوليساريو، وضرورة إحصاء عدد سكانها، وهو ما ترفضه الجزائر.

إلى ذلك، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن المغرب دعا الجزائر وجبهة البوليساريو إلى العمل على إيجاد تسوية «واقعية» لقضية الصحراء، مؤكدا على عدم قابلية خيار الاستفتاء للتطبيق.

ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصدر رسمي مغربي أن الوفد المغربي، الذي يضم الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، ومحمد ياسين المنصوري، مدير جهاز المخابرات العسكرية، المعروف اختصارا باسم «دجيد»، وماء العينين بن خليهن ماء العينين، الأمين العام للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، سيجدد خلال محادثات نيويورك دعوته للطرفين الآخرين بـ«التخلي عن موقفهما المعرقل واستراتيجيتهما التحريفية».

واجتماع ارمونك هو الاجتماع الثاني، غير الرسمي التمهيدي للجولة الخامسة من المفاوضات الهادفة إلى إيجاد حل سياسي ونهائي لنزاع الصحراء، بعد الاجتماع الأول الذي عقد في فيينا في أغسطس (آب) الماضي.

وذكر المصدر أن المغرب سينتهز اجتماع ارمونك «ليبرهن مرة أخرى على أن المقاربة القائمة على الاستفتاء ذي الخيارات القصوى غير قابلة للتطبيق، وأنها استبعدت تماما».

وأكد المصدر ذاته أن «اللجوء إلى الاستفتاء يبقى نادرا في الممارسة الأممية، حيث تمت تسوية معظم الحالات من خلال المفاوضات بين الأطراف».

ويندرج الاجتماع غير الرسمي الثاني حول الصحراء في إطار تطبيق قرارات مجلس الأمن، خاصة القرارين 1813 و1871، اللذين تمت المصادقة عليهما على التوالي في أبريل (نيسان) 2008 وأبريل 2009.

وتدعو هذه القرارات الأطراف كافة إلى الانخراط في مفاوضات مكثفة وجوهرية مع الأخذ بعين الاعتبار الجهود التي يبذلها المغرب منذ سنة 2006، وإلى التحلي بالواقعية وروح التوافق للتوصل إلى تسوية سياسية ونهائية للنزاع. ويأتي هذا الاجتماع الثاني (ارمونك) أيضا بعد أربع جولات من المفاوضات التي انعقدت في مانهاست في سنتي 2007 و2008 تحت إشراف المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة، بيتر فان فالسوم.

وكانت واشنطن قد أشادت مساء أول من أمس على لسان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون العمومية، فيليب كراولي، بالإعلان عن انعقاد الجولة الثانية من المباحثات غير الرسمية حول الصحراء التي بدأت أمس. وقال كراولي في بيان: «ندعو الأطراف إلى مواصلة المفاوضات تحت إشراف الأمين العام للأمم المتحدة».

وخلص البيان إلى أن الولايات المتحدة تعرب مجددا للأمين العام للأمم المتحدة وكذا لمبعوثه الشخصي السفير كريستوفر روس عن «دعمها التام لجهودهما من أجل التوصل إلى حل مقبول من جميع الأطراف».