محاكمة صبي محتجز في معتقل غوانتانامو أمام محكمة عسكرية

جدل محموم داخل إدارة أوباما حول أصغر معتقلي معسكر كوبا

TT

كان عمر خضر، أصغر المحتجزين بمعتقل غوانتانامو في كوبا، يبلغ 15 عاما عندما ألقى قذيفة أسفرت عن مقتل طبيب بالقوات الأميركية الخاصة في أفغانستان.

والآن، وبعد أكثر من سبع سنوات على اعتقاله، تسبب خضر في دخول إدارة أوباما في جدل محموم حول مدى ملاءمة تقديم ذلك الطفل المجند للمحاكمة.

ولم يسفر الصراع ضد «القاعدة» سوى عن عدد قليل من السجناء الذين يماثلون خضر في وضعه وربما خلفيته كذلك؛ فقد انتقل والده خضر بأسرته إلى أفغانستان وانضم إلى الدائرة المقربة من أسامة بن لادن عندما كان عمر في العاشرة من عمره، كما أن أمه وأخته قالتا إن الأميركيين كانوا يستحقون هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. وقال أخاه، الذي يشذ عن بقية القطيع، إنه أصبح عميلا للاستخبارات الأميركية بعد اعتقاله في أفغانستان. وقد أقنعت تلك الخلفية المسؤولين بالأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان ومحامي الدفاع بأن خضر، المواطن الكندي، كان طفلا مجندا ووفقا للممارسات الدولية في الصراعات السابقة يجب أن يعاد تأهيله بدلا من أن يخضع للمحاكمة. فتقول رادهيكا كوماراسوامي، المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون الأطفال والنزاعات المسلحة بعد لقائها مع مسؤولين بالإدارة في أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي إن «موقف الأمم المتحدة هو أنه يجب عدم محاكمة الأطفال على جرائم الحرب».

ولكن المسؤولين بالحكومة الأميركية قالوا إنهم يتوقعون الذهاب إلى المحاكمة بغوانتانامو في يوليو (تموز) القادم ومثول خضر أمام هيئة من المحلفين من ضباط الجيش وتوجيه عدة اتهامات له بارتكابه جرائم حرب بما فيها القتل. كما قال المحامي العام إريك هولدر إن محاكمة خضر هي إحدى قضايا المحتجزين الست التي سيتم عرضها على المحاكم العسكرية بدلا من المحاكم الفيدرالية.

وفي البداية لم يلفت قرار هولدر الانتباه، خاصة في ظل الجدال الذي اندلع في أعقاب الإعلان عن محاكمة خالد شيخ محمد، وأربعة آخرين من المتهمين بالتآمر في هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في نيويورك.

ولكن قضية خضر ربما تزيد من حدة الجدل الدائر حول قرارات الإدارة المتعلقة بالاحتجاز والمحاكمة، وتثير حفيظة المجتمع الدولي بالقدر الذي لم يتسبب فيه سوى عدد قليل من المحاكمات العسكرية.

ويبدو مصير خضر محتوما إلى حد كبير؛ فخلال الشهر الماضي، قضت المحكمة العليا بكندا بالإجماع بأنها لن تلزم الحكومة الكندية بالسعي لترحيله، كما فعلت من قبل. والآن، ستكون قضية خضر على الأرجح هي القضية الأولى التي تحال إلى المحاكم العسكرية تحت إدارة الرئيس أوباما.

في 27 يوليو (تموز) 2002، كانت القوات الأميركية الخاصة التي تعمل مع القوات الأفغانية تحاصر أحد المعسكرات في قرية تقع شرقي أفغانستان. وبعدما رفض الأشخاص المحاصرون داخل المعسكر الاستسلام وبدأوا يطلقون النيران، مما تسبب في مقتل جنديين أفغانيين، قامت مروحيات الأباتشي وطائرة «إيه 10 ثاندر بولت الثانية»، واثنتان من طائرات «إف 18» بإطلاق ذخيرتها مما أسفر عن تحويل ذلك المخبأ إلى كومة من الحطام.

وعندما سكن الغبار المتطاير، بدأت القوات الأميركية في الاقتراب من المعسكر المنهار، فتعرضت لقذيفة من الداخل، توفي على أثرها السيرجينت كريستوفر سبير بقوات «دلتا فورس» الأميركية والأب لطفلين بعد ذلك بأسبوع في أحد المستشفيات العسكرية في ألمانيا، فيما أصيب السيرجينت لاين موريس بالعمى في إحدى عينيه إثر قذيفة أخرى. ولم يكن بداخل المعسكر المنهار سوى ناجٍ واحد هو خضر الذي أصيب برصاصتين في صدره.

ويقول المدعون العسكريون الذين اتهموا خضر بإطلاق القذيفتين القاتلتين إنه وفقا للقوانين الكندية فإن عمره لا يجعله غير مسؤول عن تصرفاته. وهم يستشهدون بقاض عسكري رفض في عام 2008 مذكرة الدفاع التي تعتمد على أن اللجان العسكرية ليس لها سلطة قضائية على الجرائم التي يرتكبها طفل مجند. فيقول الكابتن جون مورفي في البحرية والمدعي العسكري الرئيسي في معتقل غوانتانامو إن «عمره وخلفيته العائلية والخلفية الثقافية التي نشأ فيها؛ جميعها ستكون جزءا من المحاكمة، كما أن جميعها ستكون عوامل يجب على الأعضاء أخذها في الاعتبار». في إشارة إلى المحلفين. مضيفا: «نحن لا نتجاهل حقيقة أنه كان في الخامسة عشرة من عمره.. ولكن حتى في محاكمنا المدنية نحن نقدم الأطفال الذين يبلغون 15 عاما للمحاكمة بوصفهم بالغين».

* خدمة «واشنطن بوست».

خاص بـ«الشرق الأوسط».