نجاد يعلن إيران «نووية».. ووكالة الطاقة تؤكد إنتاجها أول شحنة يورانيوم عالي التخصيب

الرئيس الإيراني يتهم أوباما بـ«تضييع الفرص».. ولندن تحذره: وصلنا لمرحلة حساسة

TT

كشفت وثيقة للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران ستنتج أول شحنة يورانيوم عالي التخصيب «خلال أيام» لكن الإنتاج سيكون محدودا في الوقت الراهن. وكتب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، في تقرير جاء في صفحة واحدة أن إيران أبلغت «بأنها ستبدأ بإنتاج أول شحنة يورانيوم عالي التخصيب» في موقع ناتانز. وأضاف «قالوا أيضا إن الموقع سيبدأ بإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20% خلال أيام». وجاءت وثيقة الوكالة متزامنة مع إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس أن إيران أصبحت دولة نووية وأنه بات بإمكانها الآن تخصيب اليورانيوم إلى درجات نقاء تزيد على 80 في المائة مقتربة من المستويات التي يقول الخبراء إنها مطلوبة لإنتاج قنبلة نووية.

وقال الرئيس الإيراني أمام حشد كبير يلوح بالإعلام في ساحة «أزادي» في طهران في ذكرى قيام الثورة الإسلامية عام 1979، إن إيران لا ترغب في إنتاج قنبلة نووية لكنها إن فعلت ستقوم بذلك في العلن، في رد على المخاوف الغربية من أن تكون إيران تسعى لتطوير قدرات على إنتاج السلاح النووي سرا. وتابع «عندما نقول إننا لا ننتج قنبلة نووية فهذا يعني أننا لن نفعل ذلك لأننا لا نؤمن به... الأمة الإيرانية تتحلى بالشجاعة الكافية فإذا أرادت ذات يوم أن تنتج قنبلة نووية ستعلن ذلك دون أي خوف». وأضاف «في الوقت الراهن لدينا في مجمع التخصيب في ناتانز القدرة على تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى من 20 في المائة وكذلك أعلى من 80 في المائة لكن لأننا لا نحتاج لذلك فلن نقوم به». وتابع أحمدي نجاد: «هناك 800 ألف مريض يعتمدون على مفاعل طهران الطبي، ولا يمكننا أن ننتظر الاتفاقيات السياسية»، وأضاف مخاطبا الدول الغربية: «قلنا لكم أكثر من مرة إنه إذا ما وافقتم على الصفقة، فأهلا ومرحبا، وإن لا، فإننا سنضطر إلى رفع نسبة التخصيب بأنفسنا».

واختارت إيران تصعيد أنشطة التخصيب بعد انهيار جهود للتوصل إلى اتفاق بشأن مبادلة الوقود مع الغرب كان يقضي بأن ترسل إيران الوقود منخفض التخصيب للخارج مقابل الحصول على قضبان وقود مخصب بنسبة 20 في المائة لتشغيل مفاعل لأغراض طبية. وتقول طهران إن تحولها لإنتاج الوقود المخصب بنسبة 20 في المائة يهدف فقط لتغذية المفاعل الطبي المتوقع أن يحتاج لوقود في وقت لاحق هذا العام.

لكن إيران تفتقر للأساليب الفنية لتحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة إلى تركيبة الوقود التي يحتاجها المفاعل مما يثير الشكوك بشأن دوافعها من تخصيب اليورانيوم لدرجات نقاء أعلى.

والتحدي الرئيسي في تخصيب اليورانيوم هو الوصول إلى مستوى 3.5 في المائة وهو ما قامت به إيران بالفعل وبعد ذلك يكون الارتقاء إلى مستوى نقاء 20 في المائة أو 80 في المائة سهلا نسبيا.

غير أن إيران سيتعين عليها إتقان تكنولوجيا تحويل اليورانيوم عالي التخصيب إلى سلاح نووي. وقال دنيس بلير، رئيس المخابرات الوطنية الأميركية العام الماضي، إن إيران لن تتمكن من تحويل اليورانيوم إلى سلاح نووي قبل 2013.

إلا أن أحمدي نجاد رد على المشككين أمس قائلا: «لماذا يتصورون (الغرب) أنه بإنتاج اليورانيوم بدرجة نقاء 20 في المائة يكون حدث كبير قد وقع.. في الوقت الراهن في ناتانز لدينا القدرة على تخصيب اليورانيوم لمستويات أعلى بكثير». ويقول المسؤولون الإيرانيون إن طهران ما زالت مستعدة لمبادلة الوقود ولكن بشروط منها أن تتم المبادلة على الأراضي الإيرانية وفي وقت متزامن. إلا أن الغرب رفض هذه الشروط. فبالنسبة للقوى العالمية والوكالة الدولية للطاقة الذرية تكمن جاذبية المبادلة في منع إيران من الاحتفاظ بكميات كافية من الوقود لإنتاج سلاح نووي إذا تمكنت من تخصيبه بنسبة 90 بالمائة.

وأصرت إيران على مبادلات متزامنة لكميات صغيرة من اليورانيوم المخصب على أراضيها وهو ما يمكنها من الاحتفاظ بكميات كافية من المادة لتصنيع قنبلة نووية إذا قررت ذلك. وقال أحمدي نجاد أمس للغرب «فليأتوا وليعطونا الوقود دون شروط مسبقة. نحن مستعدون لشراء الوقود من أي دولة تقدمه لنا حتى إننا مستعدون لشرائه من أميركا». وكانت إيران أعلنت في وقت سابق أن وقود المفاعل الموجود لديها سينفد العام المقبل.

كما دعا أحمدي نجاد الغرب إلى أن «يكون شجاعا، وأن يعترف بأن هدفه الحقيقي هو الهيمنة على منطقتنا». ورأى الرئيس الإيراني أن هناك من لا يريدون إيران متقدمة ويسعون لهذا منذ 30 عاما. وشدد على أن «أعداء إيران» يستغلون مسألتي البرنامج النووي والحريات ذريعتين يخفون وراءهما أهدافهم الحقيقية، كما أكد أن العقوبات لن تثني إيران وأنها ماضية في التقدم نحو العلم والتقنية.. «وكل يوم لدينا اكتشاف علمي جديد».

وأشار أحمدي نجاد إلى أنه لا يرغب في الزج ببلاده في أي تحد «لكن الشعب الإيراني سيصمد أمام كل القوى المتسلطة في العالم». كما طالب أحمدي نجاد الرئيس الأميركي بألا يكون «خاضعا لضغوط زمرة من الصهاينة منعدمي الثقافة».

واتهم الرئيس الإيراني أوباما بأنه «يضيع الفرص» ويخدم إسرائيل الراغبة بمهاجمة إيران، وقال «للأسف فإن الأمل في التغيير (في الولايات المتحدة) يتحول الآن سريعا إلى يأس». وأضاف «أوباما يحبط الجميع.. إنه للأسف يضيع فرصا ولا يتحرك بشكل صحيح ويسير في طريق يتعارض مع مصالحه الشخصية ومصالح الشعب الأميركي، ويخدم رغبة الصهاينة».

كما شن الرئيس الإيراني هجوما عنيفا على إسرائيل، التي لا تعترف طهران بوجودها، متوقعا لها من جديد «انهيارا قريبا». وندد بـ«احتلال فلسطين وقيام النظام الصهيوني المجرم» وكذلك ب-«الدعم التام المقدم (لإسرائيل) من بعض الدول والمسؤولين الغربيين» الذين اتهمهم بـ«فرض نظام مشؤوم على المنطقة». وقال الرئيس الإيراني إن «الصهيونية ستنهار قريبا» مضيفا أن القوى الغربية «تريد الهيمنة على المنطقة لكن الشعب الإيراني لن يسمح بذلك».

وفي واشنطن ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أمس أن إيران تشهد انتكاسات مفاجئة في جهودها لتخصيب اليورانيوم وأن تقييمات تشير إلى حدوث أعطال في معدات وصعوبات أخرى قد تقوض جهود الجمهورية الإسلامية للمضي قدما في برنامجها النووي. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين سابقين وخبراء نوويين مستقلين قولهم إن مشاكل تقنية قد تعطل لكنها لن توقف على الأرجح سعي إيران لامتلاك قدرات تسلح نووي. وأضافت أنهم صرحوا بأن التعطيل قد يعطي الولايات المتحدة وحلفاءها المزيد من الوقت للضغط في سبيل التوصل لحل دبلوماسي للبرنامج النووي الإيراني.

وقالت الصحيفة الأميركية إن تقارير صادرة عن الأمم المتحدة العام الماضي أظهرت تراجعا في إنتاج المنشأة الإيرانية الرئيسية لتخصيب اليورانيوم بالقرب من مدينة ناتانز. وأضافت أن تقييما جديدا يستند على بيانات داخلية لمدة ثلاث سنوات من تفتيشات نووية تجريها الأمم المتحدة يشير إلى أن المشاكل الميكانيكية التي تواجهها إيران أكبر مما كان يعتقد. وأوضحت أن مسودة دراسة أعدها ديفيد أولبرايت رئيس معهد العلوم والأمن الدولي ذكرت أن أداء منشأة ناتانز حتى نهاية عام 2009 بدا فقيرا لدرجة أنه لا يمكن استبعاد حدوث أعمال تخريبية لتفسير ذلك.

وذكرت الصحيفة أن تحليلا منفصلا سيصدر قريبا لاتحاد العلماء الأميركيين يناقش الأداء الضعيف لإيران ويشير إلى أن الإخفاقات قد تزيد من رغبة إيران في التوصل لاتفاق مع الغرب. وقال إيفان أولريتش نائب رئيس برنامج الأمن الاستراتيجي التابع للاتحاد للصحيفة، إن قادة إيرانيين بدا أنهم سارعوا بإنتاج اليورانيوم المخصب بدرجة كبيرة لأسباب سياسية. وأضاف «يكافحون بالفعل لإعادة إنتاج تكنولوجيا يمكن القول إنها تعود لنصف قرن مضى في أوروبا كما أنهم يفعلون ذلك بطريقة رديئة بالفعل». وقالت الصحيفة إن هذه النتائج تتفق مع تقييمات للعديد من المسؤولين الأميركيين والأوروبيين السابقين ومحللي الأسلحة الذين يقولون إن أجهزة الطرد المركزي الإيرانية يبدو أنها تتعطل بمعدل أسرع مما هو متوقع. لكن محللين حذروا أيضا من أن إيران لا تزال قادرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لترسانة صغيرة من الأسلحة النووية إذا قررت ذلك. وفي إطار الضغوط السياسية على طهران لحثها على التعاون النووي، أعلن رئيس الحكومة البريطانية غوردن براون أن لصبر المجتمع الدولي «حدودا» فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وأن احتمال فرض عقوبات جديدة على إيران بات قريبا. وقال براون، الموجود في بروكسل للمشاركة في قمة أوروبية اقتصادية «أنا أؤيد الحوار مع إيران لكن صبر دولنا ليس بلا نهاية ونحن نسرع مباحثاتنا مع الدول الأخرى بشأن العقوبات التي ستفرض على إيران». وأضاف «أعتقد أن الاتجاه السائد في العالم، بما أن للصبر حدودا، هو نحو درس العقوبات المحددة التي يمكن أن نفرضها على إيران». وتابع رئيس الحكومة البريطانية للصحافيين «لقد وصلت العلاقة بين إيران وبقية العالم إلى مرحلة حساسة، والأمر سيان بالنسبة إلى علاقة النظام الإيراني بشعبه».

وأضاف «أعتقد أن الخيار لا يمكن أن يكون أكثر وضوحا: بإمكان إيران إما المضي في برنامجها النووي المدني واحترام حقوق الإنسان وكسب ثقة واحترام المجتمع الدولي، أو مواصلة برنامجها للتسلح النووي والدوس على حقوق الإنسان والخضوع للعزلة».