الرستن مدينة أشباح.. ونزوح الآلاف من سكانها.. وحملة عسكرية في ريف دمشق

المرصد السوري: الوضع الإنساني سيئ جدا في الرستن.. لدينا معلومات عن دفن عشرات المدنيين في حدائق المنازل * مقتل أستاذ جامعي وإصابة نجل مفتى سوريا في كمين

صورتان مأخوذتان من موقع للمعارضة السورية لمظاهرتين في دوما وزملكا بريف دمشق امس
TT

أصبحت مدينة الرستن القريبة في محافظة حمص مدينة أشباح، بعد أن هجرها الآلاف من سكانها إثر سيطر الجيش السوري عليها، وحصول مواجهات عنيفة بين القوات السورية وعسكريين منشقين استمرت لعدة أيام.

وتعرضت المدينة التي كانت مركزا عسكريا لحزب البعث الحاكم، وانقلبت عليه، لحملة عسكرية ضخمة قادتها القوات الموالية للرئيس بشار الأسد، وكان نتيجتها حصار المدينة وقطع الخدمات العامة من اتصالات وماء وكهرباء. ونتيجة للقصف العشوائي هدمت عشرات البيوت وسقط مئات القتلى والجرحى وهجر الآلاف منازلهم.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «الجيش السوري سيطر بالكامل على الرستن»، المدينة التي تبعد 160 كلم شمال دمشق، موضحا أن «خمسين دبابة غادرت المدينة الأحد». وأضاف أن «منازل عدة دمرت والوضع الإنساني سيئ جدا. لدينا معلومات عن عشرات المدنيين الذين قتلوا ودفنوا في حدائق المنازل خلال قصف الجيش الذي استمر أربعة أيام للمدينة». وقال ناشطون إن قوات الأسد قامت بحملة اعتقالات عشوائية شملت الأشخاص البالغة أعمارهم ما بين 14 و60 سنة، وقد بلغ عدد المعتقلين أكثر من ثلاثة آلاف معتقل. وطالب هؤلاء كل المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة والدول الكبرى بسرعة التحرك لإنقاذ الرستن من الكارثة الإنسانية التي تتعرض لها، والإسراع بالعمل للإفراج عن المعتقلين والأسرى الذين اعتقلوا في أماكن سيئة ولا إنسانية. وأعلن ضباط منشقون عن الجيش مساء أول من أمس في بيان «الانسحاب من الرستن» بسبب «التعزيزات الكبيرة والأسلحة التي تستخدمها عصابات الأسد.. فقررنا الانسحاب كي نواصل الكفاح من أجل الحرية».

ومن جهتها قالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «الأمن والهدوء عادا إلى الرستن وبدأت المدينة في استعادة عافيتها ودورة حياتها الطبيعية بعد دخول وحدات من قوات حفظ النظام، مدعومة بوحدات من الجيش إليها وتصديها للمجموعات الإرهابية المسلحة». وأضافت الوكالة أن هذه المجموعات «روعت الأهالي واعتدت بمختلف صنوف الأسلحة على قوات حفظ النظام والجيش والمواطنين، وأقامت الحواجز في المدينة وأغلقت طرقاتها الرئيسية والفرعية وعزلتها عن محيطها».

إلى ذلك خرج مئات السوريين في «أحد انتفاضة الجامعات» ليعلنوا دعمهم وتأييدهم للمجلس الوطني السوري ونصرة للرستن. وفي مدينة دوما خرج الآلاف، معظمهم من النساء بدعوة من تنسيقية نساء دوما الحرة، ليشكروا أعضاء المجلس الوطني وليتشاركوا معهم في رفع الشعلة لاستكمال الطريق باتجاه إسقاط النظام.

وفي بلدة كفرشمس في محافظة درعا تظاهر المئات، مشكلين سلاسل بشرية طويلة للتعبير عن تضامن قوى المعارضة في سبيل إسقاط النظام، رافعين اللافتات التي تدين المجازر التي ترتكب في الرستن والداعمة للمجلس الوطني. أما في مدينة تدمر في محافظة حمص فلبّى عشرات الطلاب دعوة المعارضة للتظاهر في «أحد انتفاضة الجامعات». فخرج الصغار بلباسهم وحقائبهم المدرسية مرددين الهتافات الداعية لإسقاط نظام الأسد. وبعد تشييع الناشط مأمون حسين الديك خرجت عشرات النسوة في بلدة كفرومة في محافظة إدلب، رافعات لافتات كتب عليها «الله أكبر»، ومرددات هتافات: «بالروح، بالدم، نفديك يا شهيد».

وتنظم المعارضة السورية هذا الأسبوع مظاهرات واسعة تحت مسمّى «أسبوع نصرة الرستن»، وقد خصّص الناشطون اليوم الاثنين لنصرة أهل تلبيسة، على أن تخرج المظاهرات يوم غد الثلاثاء وفاء للشيخ أحمد الصياصنة، بينما أطلق على يوم الخميس المقبل «خميس التآخي»، ويُتوقع أن تتم الدعوة لمظاهرات واسعة يوم الجمعة المقبل دعما للمجلس الوطني السوري وحشدا لتأييد الداخل والخارج له ولحض الدول العربية والغربية للاعتراف به والتعامل معه.

وفي «محافظة إدلب سلمت السلطات السورية جثماني مواطنين اثنين إلى ذويهما في مدينة خان شيخون كانت السلطات الأمنية السورية قد اعتقلتهما قبل أيام خلال ملاحقة مطلوبين للأجهزة الأمنية»، حسبما ذكر المرصد السوري. وذكر أيضا أن «قوات الأمن السورية تنفذ حملة مداهمات واعتقالات منذ صباح أمس في مدينة حرستا بريف دمشق، وأسفرت الحملة المستمرة عن اعتقال 27 شخصا حتى الآن».

من جهتها، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن سارية حسون ابن مفتي الجمهورية السورية أحمد بدر الدين حسون أصيب بجروح في كمين على الطريق بين حلب وإدلب. وقالت الوكالة إن «مجموعة إرهابية مسلحة أقدمت بعد ظهر أمس على اغتيال الدكتور محمد العمر أستاذ التاريخ في جامعة حلب بإطلاق النار عليه أثناء توجهه إلى الجامعة برفقة سارية حسون نجل المفتي العام للجمهورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون الذي أصيب بجروح نقل على أثرها إلى المشفى الوطني بإدلب». ونقلت الوكالة عن مصدر في قيادة شرطة إدلب أن «المسلحين نصبوا كمينا لسيارة الدكتور العمر بالقرب من جامعة ايبلا على طريق إدلب - حلب وقاموا بإطلاق النار عليها بكثافة مما أدى إلى مقتل الدكتور العمر وإصابة نجل مفتي الجمهورية».

من جهة أخرى أفاد المرصد أنه «علم أن دورية تابعة لفرع المخابرات الجوية في حمص اعتقلت ظهر السبت المعارض منصور الأتاسي من مكتبه في حي الخالدية، ولا يزال مصيره مجهولا». ودعا إلى الإفراج عن المعارض منصور الأتاسي (63 سنة) القيادي في هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي، «وعن كل معتقلي الرأي والضمير في السجون والمعتقلات السورية، ويدين المرصد بشدة استمرار السلطات الأمنية السورية في ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين على الرغم من رفع حالة الطوارئ».