تعرضت منطقة جبل الزاوية في محافظة إدلب أمس لحملة عسكرية وأمنية عنيفة شنتها قوات الأمن السورية، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الأشخاص واعتقال آخرين، بعد يوم دامٍ أول من أمس شهد مقتل 80 شخصا، معظمهم في حمص وحماه ودير الزور وإدلب، وفق ما أعلنته لجان التنسيق المحلية في سوريا، التي رصدت حتى عصر أمس مقتل 62 شخصا بينهم العديد من النساء والأطفال، 39 منهم في حمص.
وبينما اقتحمت القوات العسكرية النظامية أمس مدينة داعل الواقعة في محافظة درعا، انفجرت عبوة ناسفة أمام مركز شرطة المرجة في وسط العاصمة السورية دمشق، واقتصرت أضرارها على إصابة عنصرين أمنيين سوريين وتضرر سيارات ومحال تجارية في المنطقة. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أنه «تم إلقاء القبض على عدد من المسلحين، وضبط كمية كبيرة من الأسلحة المختلفة، في مدينة دوما في ريف دمشق».
وكانت بلدات عدة في إدلب تعرضت أمس لقصف مدفعي منذ ساعات الصباح الأولى، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن عضو المكتب الإعلامي لمجلس قيادة الثورة في إدلب نور الدين العبدو قوله إن «القوات النظامية قصفت أمس قريتي دير سنبل وفركية، في القسم الشرقي من جبل الزاوية، بأكثر من ثلاثين قذيفة، فيما اقتحمت القوات النظامية قرية المغارة في جبل الزاوية، بالدبابات وعربات الجند، ونفذت حملة مداهمات وتفتيش وإحراق للمنازل واعتقال عدد من الشبان».
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القصف الذي طال قريتي حاس ودير سنبل، أسفر صباحا عن مقتل وجرح عشرات الأشخاص، مشيرا إلى «إحراق القوات النظامية منازل ثمانية مواطنين متوارين عن الأنظار واعتقال العشرات في قرية حاس، حيث أطلقت القوات النظامية نيرانها بكثافة على المنازل، بشكل عشوائي وعنيف، ونفذت فيها حملة اعتقالات واسعة وهدمت وأحرقت أكثر من 12 منزلا».
وذكر شاهد عيان من بلدة حاس لـ«الشرق الأوسط» أن «عناصر الجيش السوري الذين رفعوا صور (الرئيس السوري) بشار الأسد فوق آلياتهم العسكرية اقتحموا البلدة فجر الاثنين بعد استهدافها بالقصف المدفعي لأيام عدة، ونفذوا إعدامات ميدانية بحق الأهالي العزل، لم يعفوا النساء منها»، ولفت إلى أنه «عندما حاولت امرأة منعهم من اعتقال زوجها أطلقوا النار عليها بدم بارد».
وفي ريف درعا، اقتحمت قوات الأمن مدينة داعل، حيث نفذت عمليات دهم وتخريب لعشرات المنازل، وسط عمليات اعتقال واسعة طالت ناشطين في المدينة. وكانت عشرات القذائف انهمرت على داعل، التي اقتحمتها قوات عسكرية مدعومة بما لا يقل عن خمسين دبابة تجمعت على مشارف المدينة، وفق ما أكده ناشطون أمس، متحدثين عن أن »أعمدة دخان تصاعدت من المدينة». ويأتي اقتحام داعل بعد اشتباكات عنيفة شهدتها المدينة الأسبوع الفائت بين الجيش النظامي وعناصر من «الجيش السوري الحر».
وفي إنخل، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «جنديين اثنين من القوات النظامية قتلا إثر استهداف مجموعة مسلحة منشقة في حاجزين عسكريين بالقذائف الصاروخية وإطلاق رصاص كثيف». وذكر أن «قوات الأمن داهمت ثانوية الصناعة وثانوية التجار في جاسم في ريف درعا، واعتقلت عددا من الطلاب»، لافتا إلى «سماع أصوات إطلاق رصاص كثيف في قرية طفس».
وفي مدينتي الزبداني وحرستا، تحدث ناشطون عن سماع إطلاق نار في ساعة مبكرة من صباح أمس، في الوقت الذي اشتبكت فيه عناصر من «الجيش الحر» مع وحدات من الجيش النظامي.
وفي مدينة حمص، ذكرت «لجان التنسيق المحلية» في سوريا أنه «تم العثور، بعد تحرير المشفى الوطني من العصابات الأسدية، على 75 جثة مجهولة الهوية في برادات المشفى»، متحدثة عن ارتكاب «مجزرة جديدة» في حي «الربيع العربي»، بعد اشتباكات عنيفة بين «الجيش الحر» والجيش النظامي. وأوضحت أن «انفجارات عنيفة لم تتوقف صباح أمس، وكذلك إطلاق نار كثيف جدا في محاولة لاقتحام الحي من الجهة الشرقية ومن جهة العباسية، حيث تم استهداف سيارة تقل ثلاثة أشخاص، مما أدى إلى مقتلهم».
وفي تقريرها اليومي، قالت «لجان التنسيق» إن «الوضع في قرية تيرمعلة يكاد يصبح خارج السيطرة بعد وصول نحو 8 آلاف لاجئ ليلة أول من أمس، ومع استمرار وصول اللاجئين، في ظل توقعات بوصول الآلاف في اليومين القادمين، حيث بات يقطن بعض البيوت أكثر من 100 شخص».
وبينما تعرضت أحياء عدة في مدينة حمص لقصف مدفعي عنيف، لا سيما في الرستن ودير بعلبة، ذكر مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق أنه «تم أول من أمس اعتقال عدد من العاملين في مجال إغاثة العائلات الحمصية في السيدة زينب»، وأشارت إلى أنه «تمت مداهمة عدد من مستودعات الأغذية وسرقة محتوياتها مساء أول من أمس، في ظل انتشار أمني طال سكن العائلات الحمصية اللاجئة إلى السيدة زينب، والتضييق على الناشطين وملاحقتهم وتهديدهم لأصحاب الفنادق الذين يؤون النازحين».. إضافة إلى أنباء عن اعتقال 25 ناشط في المعضمية بريف دمشق.
من جهتها، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 275 حالة استخدم فيها رصاص القناصين لقتل المارة من دون تفريق بين طفل أو كهل أو امرأة أو عاجز خلال الأشهر الخمسة الماضية. وأشارت الشبكة إلى «ارتفاع معدل الإصابات برصاص القناصين خلال الأشهر الخمسة الماضية بشكل دراماتيكي، ولم يعد المتظاهرون هدف القناصين الوحيد، فسائقو سيارات الأجرة التي يفترض أن تجول في الشوارع أصبحوا كذلك، وكل شيء يتحرك في شوارع مدينة حمص أصبح هدفا لقناصي النظام».
وفي حين قتل مواطن إثر انفجار عبوة ناسفة في محل صغير يملكه أحد الموالين للنظام في مدينة حلب، وفق ما أعلنه المرصد السوري أمس، أفادت «لجان التنسيق المحلية» عن مقتل النقيب في الأمن العسكري محمد الأسعد وعدد من عناصره في شارع الوادي في حي الجورة، خلال اشتباكات مع «الجيش السوري الحر». كما شهدت منطقة غسان عبود اشتباكات بين «الجيش الحر» والجيش النظامي.