استياء في إيران من تصريحات لرمضان قال فيها «إن الفرس كانوا دائما حلفاء للصهيونية»

طهران ذكرت أنها استغربت كلاما لنائب الرئيس العراقي لأنه كان مسؤولا عن تطبيع العلاقات مع إيران

TT

بغداد: أ.ف.ب: أثارت تصريحات نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان مساء أول من امس عن سياسات ايران وتوجهات قياداتها قبل وبعد الثورة حيال العراق والدول العربية استياء واستغراب المسؤولين الايرانيين لا سيما في وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية.

وقال نائب وزير الخارجية الايراني محمد الصدر «ان على السلطات العراقية ان تكف عن مفاقمة مصير الشعب العراقي وتفادي اطلاق تصريحات معادية لايران». واضاف «ان سياسة ايران تتمثل في دعم الفلسطينيين».

وحسب مسؤول بدائرة دول الجوار بوزارة الخارجية «فان ايران لم تول اهمية لأقوال عدي صدام حسين الاخيرة والسابقة ضد ايران بينما لم يكن متوقعا من رجل مثل طه ياسين رمضان الذي كان يتولى مسؤولية تطبيع العلاقات مع ايران بعد حرب الثماني سنوات، ان يدلي بمزاعم لا تمت بصلة الى الواقع». واوضح «ان قصي صدام حسين كان قد ادلى بتصريحات مثيرة للغاية ضد الايرانيين لا يزال يتذكرها الايرانيون مثلما قال عقب اعدام الصحافي الايراني المقيم في بريطانيا فرزاد بازوفت اذ قال: كان يجب اعدام بازوفت 60 مرة لانه ايراني. كما زعم اخيرا بأن زعيم حركة فتح ـ المجلس الثوري أبو نضال قد دخل العراق من ايران. لكن ايران قد فتحت حسابا آخر لشخصيات مثل سعدون حمادي رئيس البرلمان العراقي وطه ياسين رمضان وناجي صبري الحديثي، ممن زاروا ايران او التقوا بكبار مسؤوليها».

وكان رمضان قد اجتمع مع الرئيس محمد خاتمي في العام الماضي بكاراكاس عاصمة فنزويلا في اجتماع قادة الدول المصدرة للنفط (الأوبك) وعلى حد قول احد مستشاري خاتمي الذي حضر اللقاء فان رمضان كان متحمسا جدا للقاء خاتمي بحيث ابدى اعجابه بسياسة خاتمي القائمة على ازالة التوتر والتشنج في علاقات بلاده مع البلدان المجاورة لايران.

ويختلف المراقبون في ايران حول اسباب التوتر الاخير في علاقات طهران وبغداد، خاصة بعد اتخاذ حكومة خاتمي موقفا صريحا ضد الحملة العسكرية الأميركية من اجل اسقاط النظام العراقي. ويرى بعض المراقبين، ان بغداد منزعجة بشدة حيال امرين:

الأول، هو رفض ايران لطلب العراق الذي سلمه نجل الرئيس العراقي، قصي الى العميد محمد باقر ذو القدر خلال لقائهما في الشهر الماضي والذي كشفت عنه «الشرق الأوسط»، ببيع عدد من صواريخ «شهاب 3» الباليستية واعادة الطائرات العراقية الحربية الموجودة في ايران منذ حرب الخليج الثانية مقابل تعويضات ضخمة. والثاني، هو موافقة مرشد الثورة علي خامنئي على اطلاق أيدي المعارضة العراقية الشيعية وعلى وجه خاص المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق في اتصالاته مع الولايات المتحدة، فضلا عن دعم وتشجيع توحيد فصائل المعارضة والتقريب فيما بينها، واستقبال طهران اخيرا لوفد من المؤتمر الوطني العراقي برئاسة الدكتور أحمد الجلبي وتقديم تسهيلات اليه كي يقوم بزيارات داخل ايران والاجتماع مع قيادات كردية عراقية معارضة للنظام العراقي.

واضاف مصدر قريب من المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني موضوعا ثالثا، وهو «اعتقال عدد من جواسيس بغداد في طهران وعيلام ومحافظة خوزستان اخيرا. واشار المصدر الى تصريحات علي يونسي وزير الأمن الايراني الاسبوع الماضي والتي كشف خلالها عن اعتقال 50 جاسوسا في الآونة الاخيرة، قائلا: ان بعضا من هؤلاء الجواسيس قد اعترفوا بعمالتهم للعراق، غير ان خاتمي اصدر تعليمات بعدم الكشف عن البلد الذي ينتمون اليه حفاظا على العلاقات الطبيعية بين البلدين. ورغم ذلك يبدو ان بغداد وفي الاجواء العصيبة التي تعيشها، قررت التخلي عن لغة التفاهم والصداقة والعودة الى أدبيات فترة الحرب في تعاملها مع طهران».

وما يجدر ذكره ان الرئيس خاتمي أكد في مؤتمره الصحافي الاخير الاربعاء الماضي رفض ايران لأي عدوان ضد العراق من قبل الولايات المتحدة وعدم شرعية تحركات واشنطن من اجل اسقاط النظام العراقي. وقد ابدى مرشد النظام وغيره من المسؤولين الكبار ايضا معارضتهم المبدئية لأي عمل عسكري ضد العراق، وآخر من اعلن معارضة ايران لتوجيه عدوان عسكري ضد العراق، كان الأميرال علي شمخاني وزير الدفاع الذي افاد بعبارات اعتبرتها احدى الصحف الاصلاحية متعاطفة بصورة غير مبررة مع النظام العراقي.

وكان رمضان اتهم في تصريحاته الفرس «بأنهم دوما «حلفاء صهاينة». وقال امام وفد من النقابات المهنية الأردنية يزور حاليا العراق «لن تجدوا في التاريخ ان الفرس تعاونوا في احد الايام مع العرب ضد الصهاينة». واضاف «في كل مراحل الصدام بين الامة وبين الصهاينة، وبين المسلمين وبين الصهاينة كان الفرس هم حلفاء للصهاينة».

وقال رمضان «اطماع الفرس في الوطن العربي لا تقل عن اطماع الصهاينة ولكن على كل حال هذا البلد جارنا، علينا ان نعمل جهد الامكان في تطبيع العلاقات ولكن ان لا نذهب الى خيالات كثيرة ونتحدث عن تحالف العراق وسورية وايران». وكان يرد على سؤال حول امكان قيام تحالف بين ايران والعراق وسورية لمواجهة التهديدات الأميركية بضرب العراق. وقال المسؤول العراقي «بعض الاخوان يذهبون الى بعيد وكأن الامر غير ما هو عليه ويتحدثون عن تحالف، على اساس ان ايران طارحة التحالف بين العراق وسورية وايران ولم يتبق سوى ان نقول نحن نعم لتأتي ايران الينا راكضة».

وذكر رمضان بان طهران لا تزال ترفض ان تعيد الى العراق الطائرات التي خبئت في ايران عشية حرب الخليج عام 1991. وتابع «قبل عدوان 1991، طرحنا على ايران ان تنطلق طائراتنا المدنية والعسكرية من عندهم وحتى الآن، يقولون ان اعادة الطائرات تحتاج الى قرار من مجلس الأمن الدولي». ويطالب العراق ايران بأن تعيد اليه 113 طائرة حربية و33 مدنية. وتؤكد طهران ان ليس لديها سوى 22 طائرة وتقول انها مستعدة لاعادتها اذا طلبت منها الأمم المتحدة ذلك.

واتهم رمضان ايران بتشجيع حركات الاحتجاج الشيعية في جنوب العراق غداة حرب الخليج وقال «الاذى الذي وقع في المدن العراقية من خلال التخطيط الذي روجوا له هو اضعاف ما وقع من صواريخ وقنابل الطائرات الأميركية في كل العدوان». يذكر ان بغداد وطهران لم تطبعا بعد علاقتهما منذ الحرب التي دارت بينهما من عام 1980 الى 1988 ويقيم البلدان علاقات دبلوماسية على مستوى قائم بالأعمال. ولا تزال قضية أسرى الحرب وحركات المعارضة التي يؤويها كلا البلدين العائق الرئيسي في وجه هذا التطبيع.