شارون يحاول الالتفاف على وعد للأميركيين بإخلاء المستوطنات العشوائية

TT

لم يكتف رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، بمماطلاته في وعود اخلاء البؤر الاستيطانية اليهودية العشوائية «التي بنيت من دون قرار حكومة» في الضفة الغربية المحتلة، فمنح لنفسه هذا الاسبوع مهلة تزيد على اسبوعين عندما قرر اخلاء 4 من مجموع 200 بؤرة عشوائية، واختار ان تكون تلك مستوطنة خالية من السكان تقريبا باستثناء واحدة تعيش فيها ثلاث عائلات منذ بضعة شهور، وتراجع عن قرار سابق له باخلاء مستوطنة «مفرون» المأهولة. وكان شارون قد وعد الادارة الاميركية بكل صراحة ووضوح ان يخلي جميع البؤر الاستيطانية المذكورة بلا استثناء، وعاد ليكرر وعده بشكل علني في اطار خطابه في مؤتمر هرتسليا، قبل حوال الاسبوعين، عندما قال: «سنخلي هذه البؤر» بلا جدل ومن دون شك، واوضح في معرض آخر انها مستوطنات «غير قانونية». وعندما اعترض الجيش على تحمل مسؤولية الاخلاء طالبا قرارا سياسيا في الموضوع، اصدر شارون امرا مشتركا مع وزير الدفاع، شاؤول موفاز، باخلاء هذه المستوطنات كإجراء سياسي. وفي هذه الحالة لا توجد عقبات قضائية امام تنفيذ القرار، ولا يبقى سوى تحديد هذه المستوطنات والبدء باخلائها.

لكن شارون وموفاز حددا 4 بؤر فقط للاخلاء، تاركين 196 بؤرة اخرى للمستقبل، وقررا ابلاغ المستوطنين بهذا القرار واعطائهم مهلة 10 أيام ليردوا عليه في المحكمة او بطريقة اخرى، علما بأن 3 مستوطنات منها خالية والمفروض ان لا علاقة لهم بها.

وفهم المستوطنون من هذه التصرفات انها دعوى لهم حتى يستعدوا لمعركة مواجهة مع الجيش والحكومة لمنع الاخلاء، علما بأن شارون معني بأن يتم الاخلاء وسط ضجيج كبير ومعارضة شديدة وصدامات، حتى يظهر للعالم كم هو صعب وضعه وكم هو صعب ازالة المستوطنات، فاذا كانت «المستوطنات غير الشرعية» تواجه بهذه المعارضة، فإن من المستحيل ازالة مستوطنات ثابتة «هناك 260 مستوطنة ثابتة في الضفة الغربية وقطاع غزة، تعتبرها الحكومة مستوطنات شرعية». فاذا استمر شارون في مخططه وتنفيذ وعوده بإزالة المستوطنات واحدة واحدة، فإن العالم كله سينظر اليه كرجل سلام، وذلك من دون ان يتخلى عن عملياته الحربية اليومية ضد الفلسطينيين ومن دون ان يتقدم خطوة واحدة في طريق السلام.

وكما خطط شارون، واجهه المستوطنون في الضفة الغربية باعلان حملة مقاومة شديدة لعملية الاخلاء. وقد كانوا نظموا هذه الحملة دفاعا عن مستوطنة «مفرون» وحشدوا بداخلها 3000 مستوطن وبنوا كنيسا (معبدا يهوديا) فيها حتى يعطى الامر بعدا دينيا، فلما تراجع شارون عن المساس بهذه المستوطنة قرروا نقل معركتهم الى المستوطنات الاربع الاخرى.

واصدر رؤساء الكنيس ورجال الدين اليهود في الضفة الغربية، فتوى تحرم اخلاء المستوطنات، وتطلب من الجنود ان يرفضوا اوامر الاخلاء، وتحذر الحكومة من خيانة المبادئ اليهودية في ترحيل اليهود عن اراضيهم المقدسة. وسيتوجه المستوطنون الى المحكمة في محاولة لتأخير قرار الاخلاء بضعة اسابيع اخرى. وأصدر قائد قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية ولواء المركز، الجنرال موشيه كابلينسكي، امرا امس، باخلاء المستوطنات الاربع وفقا لأوامر شارون وموفاز، وهي «بت عايل، القائمة بين بيت لحم والخليل والتي خرج منها عدد من افراد عصابة الارهاب اليهودية الذين خططوا لتفجير مدرسة البنات في القدس الشرقية المحتلة، ويتسهار، القائمة قرب نابلس التي اشتهر مستوطنوها بالاعتداءات الدامية على الفلسطينيين وسرقة محصولهم من الزيتون او قطع الاشجار، وحزون ديفيد، قرب كريات اربع قرب الخليل، وعيتوت اريه قرب مستوطنة عوفرا في منطقة رام الله».

واعتبر المستوطنون هذا الامر شريرا، بينما قال ناطق بلسان حركة «سلام الآن»، ان هناك محاولة لاظهار الاخلاء دراميا لكن العملية تنطوي على خداع كبير للجمهور.