استقبال حار للجنود الأميركيين الذين جلبوا المعونات إلى إيران

هل تفتح «دبلوماسية الكوارث» الطريق لتحسين العلاقات الأميركية ـ الإيرانية؟

TT

للمرة الأولى بعد اكثر من عقدين، حطت أربع طائرات عسكرية أميركية اول من امس في ايران للمساعدة في جهود اغاثة المنكوبين في الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة بام الايرانية يوم الجمعة الماضي، والحدث له اكثر من مغزى فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين التي افتقدت حتى مؤخرا لأي نوع من التعاون او التفاهم، ناهيك عن التبادل الدبلوماسي.

فقد قدمت الولايات المتحدة، التي انضمت الى عشرات الدول الأخرى، ما يقرب من 120 ألف رطل من التجهيزات الطبية والمياه الى البلد الذي وصفه الرئيس الاميركي جورج بوش سابقا، بأنه جزء من «محور الشر». ولكن غالبا ما يحدث في اللحظات الانسانية الحرجة أن يجد الخصوم القدامى أنفسهم في مزاج تعاون وتعاطف.

وقال المقدم فيك هاريس الذي يعمل باحدى القواعد الاميركية في الكويت بمكالمة هاتفية بعد عودته الى قاعدته من ايران «ان الاستقبال كان حارا جدا. لقد عملنا جنبا الى جنب مع الجنود الايرانيين لتفريغ التجهيزات. وقال احد الايرانيين المشاركين، انه يأمل أن تكون هذه بداية علاقة جديدة».

ويرى دبلوماسيون ومحللون في العرض الاميركي للمساعدة والموافقة الايرانية عليها، اختبارا لمدى استعداد كل طرف للمضي في تحسين العلاقات التي تميزت بالجفاء الشديد خلال ربع القرن الماضي. وقال دبلوماسي أوروبي في ايران ان «الأميركيين بدأوا بإرسال المعونة، وهي خطوة ايجابية جدا. أما الطفرة نحو علاقات ودية فمسألة مختلفة».

غير ان «دبلوماسية الازمات» حققت في الماضي القريب نتائج طيبة. فتركيا، البلد الذي عانى من زلزال مدمر مماثل قبل أربع سنوات، قبلت مساعدات انسانية من جارتها اللدودة اليونان، وسرعان ما تغير الحال بعد ذلك، اذ ان الاعوام اللاحقة شهدت تحسنا كبيرا جدا في العلاقات ومفاوضات مباشرة لم تكن سهلة في الماضي. ولم يمض وقت طويل على ذلك الزلزال الذي وقع في أغسطس (آب) من عام 1999، حتى عانت أثينا بدورها من هزة كبيرة، وأرسل الأتراك، بالمقابل، أفضل فرقهم للطوارئ. وهنا حدث الانعطاف التاريخي في العلاقات بين اثينا وانقرة، التي وصلت الآن الى مرحلة من الاستقرار والتعاون الاقليمي في الكثير من القضايا. وبعد زلزال عام 1990 في ايران، الذي حصد أرواح 36 ألف شخص، كانت طهران بطيئة في تقبل عروض المعونة الدولية. وترددت في الاعتراف بأنها بحاجة الى مساعدة قبل أن تقبل، في نهاية المطاف، معونة من خصوم مثل الولايات المتحدة والعراق. غير ان السلطات واجهت نقدا داخليا لعدم اسراعها في فتح أبوابها. وفي يوليو (تموز) عام 2002، أرسلت الولايات المتحدة، بصورة غير مباشرة، ما يقرب من 300 ألف دولار بصيغة معونة الى ايران عبر منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في أعقاب حدوث زلزال أقل كارثية.

وبينما يجري تقييم المعونة الأخيرة ايجابيا، يقول شيرزاد بوزورغيمهر نائب رئيس تحرير «ايران نيوز»، الصحيفة اليومية التي تصدر بالانجليزية في طهران، انه سيكون من «باب التخمين الصرف» الافتراض بأن هذا سيطوي صفحة العداء في العلاقات الأميركية ـ الايرانية.

ويوضح «هذه حالات طوارئ قصوى، ولا أعتقد ان لها تأثيرا على القضايا السياسية. ولا أرى انه كان للولايات المتحدة دافع سياسي في تقديم المساعدة، أو أنه كان لايران حافز سياسي على تقبلها. فالسياسيون هنا في غاية الانشغال الآن بفداحة المعاناة».

ويضيف «انها، بايجاز، خطوة ايجابية من جانب الولايات المتحدة. لقد كانت هناك اشارة، وكان هناك تقبل لهذه الاشارة، يجب ان نرى ما ستسفر عنه التطورات».

* خدمة «كريستيان ساينز مونيتور» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)