القضاء اللبناني يكشف عن منع سابق لتحميل طائرة «يو. تي. آي» بالركاب من بيروت

TT

انطلقت في بيروت امس التحقيقات في كارثة طائرة شركة «يو. تي. آي» التي قتل فيها نحو 140 راكباً معظمهم من اللبنانيين الخميس الماضي في بنين خلال رحلة كان من المفترض ان تنتهي في بيروت.

وبدأت السلطات اللبنانية اعداد ملفات حول الحادث تولتها وزارة الاشغال والنيابة العامة التمييزية ولجنة الاشغال النيابية فيما اعلنت دوائر الرئاسة اللبنانية ان رئيس الجمهورية اميل لحود اطلع على «التقارير الواردة من كوتونو حول الحادث»، وشدد على «وجوب متابعة التحقيقات الجارية في مأساة الطائرة المنكوبة من الناحيتين القانونية والفنية».

ويعقد وزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي اليوم مؤتمراً صحافياً يتحدث فيه عن موضوع كارثة الطائرة والملابسات التي رافقتها. وكان ميقاتي ترأس امس اجتماعاً للجنة الخاصة التي شكلها لمتابعة التحقيق في ملف الطائرة برئاسة المدير العام للطيران المدني حمدي شوق. ويأتي الاجتماع في اطار متابعة ملف كارثة الطائرة والمشاركة في التحقيق مع اللجنة المختصة في دولتي بنين وغينيا، عملا بأنظمة وقوانين الطيران المدني الدولي. وفي الاطار نفسه، تحركت النيابة العامة التمييزية فاجتمع النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم بالمدير العام للطيران المدني في مطار بيروت الدولي حمدي شوق واطلع منه على المعطيات والمعلومات المتوافرة لديه عن الطائرة المنكوبة والشركة التابعة لها والشروط الفنية والمعلومات التي جمعت حتى الآن عن اسباب الحادث.

وافاد عضوم، في مؤتمر صحافي عقده عقب الاجتماع: «ان النيابة العامة التمييزية اتخذت الخطوات القانونية الاساسية. بحيث ارسلت عبر شعبة الاتصال الدولي اللبناني «الانتربول»، الى سلطات بنين طلباً لايداعها جميع التحقيقات الدولية والتقارير الفنية لمعرفة اسباب الحادث وحمولة الطائرة وأسماء الركاب والسبب الفني لحصول الحادث». وقال: «نحن بانتظار الاجوبة. واعتقد ان هذا الامر يتطلب بعض الوقت لناحية الامور الفنية لتحديد المسؤولية. ونؤكد ان القضاء اللبناني هو الجهة الصالحة للتحقيق في حال وجود جرم، لكون الضحايا لبنانيين، ولكون قسم من اصحاب الشركة مالكة الطائرة هم لبنانيون ايضاً». واوضح انه تسلم من المدير العام للطيران المدني «بعض المستندات والاوراق التي تشير الى انه تمت مراعاة الشروط المرتبطة في هذه القضية، فهناك اتفاقية نقل جوي بين لبنان وغينيا استناداً الى الشروط القانونية والفنية التي ترعى سلامة الطيران. ففي حال أمّنت الدولة طيراناً غينياً او طيراناً آخر وضمن الشروط التي تلحظها الاتفاقية وضمن الشروط التي ترعاها اتفاقية شيكاغو فإن لبنان اذذاك ملزم بالسماح للطائرة بأن تمر في أجوائه وتحط في مطار بيروت. وان دولة غينيا سمّت شركة «يو. تي. آي» بحسب الاتفاقية. وعليه فإن الاخيرة بدأت رحلاتها الى لبنان».

وتحدث عضوم عن واقعة حصلت سابقاً بحيث ارسلت غينيا طائرة الى لبنان للتأكد من شروط الاتفاقية «وتم الكشف على هذه الطائرة التي ارسلت من دون ركاب، فوجدت السلطات اللبنانية وبعد الكشف عليها ان الشروط غير متوافرة فيها فلم يسمح لها بمغادرة لبنان محملة بالركاب. فاضطرت الى المغادرة الى بنين فارغة. لذلك فإن المسؤولين في المطار يصرّون على الكشف على الطائرت التي تحط فيه كل مرة للتأكد من شروط السلامة وتوافرها».

ولفت عضوم الى ان اصحاب الشركة «قدموا طلباً لتسجيل الطائرة في لبنان فرفض طلبهم لأن حالتها غير جيدة من الناحية الفنية ولكونها مخالفة للقانون. لذلك فإن لبنان استنفد كل الوسائل في معرض تعاونه في هذا الموضوع». واشار الى «ان لبنان سيشارك بالتحقيق في هذا الحادث وفق اتفاقية شيكاغو التي تولي التحقيق الى الدولة التي وقع فيها الحادث والدول التي يكون رعاياها من الضحايا، فضلاً عن ان السلطات الفرنسية أجرت تحقيقاً اولياً في بنين. وأن لبنان سيشارك بموجب الصلاحية الذاتية وبما لديه من خبرات فنية من الطراز الرفيع». ودعا عضوم الى «انتظار نتائج التحقيقات الفنية لتحديد المسؤوليات» قائلاً: «ان هذا التحقيق سيتوضح بعد ان استخرج الجيش اللبناني الصندوق الاسود الذي ارسل الى الولايات المتحدة لتتحدد من خلاله اسباب الحادث من الناحية الفنية، ولكون هذا الامر مرتبطاً بخبراء الطيران الفنيين لان القضاة لا يعرفون هذه الامور. ومهمات التحقيق القضائي تبدأ فور تحديد المسؤولية الجزائية اذا ما توافر جرم جزائي. اما لجهة المسؤولية المدنية المرتبطة بالتعويضات فتحددها معاهدة فرصوفيا التي ينضم اليها لبنان. وهي تبقي الخطأ على الناقل عند حصول الحادث الى حين التثبت من قيام الناقل بكل مسؤولياته وواجباته. واذا ما تأكد قيامه بذلك تتحمل شركة التأمين المسؤولية».

وعن دور القضاء قال عضوم: «ان دورنا يبدأ عندما نتثبت من حصول خطأ او اهمال او مخالفة للقوانين والانظمة ادى الى وفاة هؤلاء الاشخاص، هنا يتوافر جرم جزائي يستدعي تحرك النيابة العامة والادعاء.

اما في حال تبين حصول مخاطرة او قصد احتمالي او ان يخاطر الشخص ما يؤدي الى حصول حادث، عندها يصبح الامر جريمة قصدية ولم يعد موضوع اهمال، ما يعني ان ثمة عدم اهتمام بأرواح الناس. وبرأيي الموضوع سيأخذ حجمه الجزائي... وما هو متوافر الآن يدل على ان الامور لم تكن سليمة. واذا تحددت المسؤوليات فلا خيمة فوق رأس احد».

وتبدأ اليوم لجنة الاشغال والنقل النيابية برئاسة النائب محمد قباني التحقيق في كارثة الطائرة. على صعيد المواقف، اسف النائب منصور غانم البون لـ«الكارثة الجوية التي المت باللبنانيين في بنين وطالب الدولة بتحمل مسؤولياتها وكشف ملابسات الحادث».

وطالب الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط المسؤولين بـ«رفع مستوى الاجراءات العملية والقانونية للاسراع في التحقيق من اجل كشف الحقائق». وشدد على «ضرورة تشكيل لجنة قضائية تشارك في التحقيقات ميدانياً في دولة بنين من اجل التمكن من تحديد المسؤوليات ومنعاً لأي محاولة قد تجري للتمويه على الحقيقة، خصوصاً انه كان على الطائرة ركاب ما زالوا مجهولي المصير حتى الآن».