المباحث الأميركية تحقق في «طائرة بنين» المنكوبة بقتلاها اللبنانيين

إف.بي.آي تشتبه في أن بوينغ 727 اختفت من أنغولا وتبحث عنها سي.آي.إيه منذ 6 أشهر هي نفسها التي سقطت في كوتونو

TT

بدأ مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي إف.بي.آي يحقق في بنين منذ يوم امس في طائرة الـ«بوينغ 727» التي سقطت في بحر مدينة كوتونو الخميس الماضي، لاشتباهه في انها قد تكون هي نفسها التي «اختفت» فجأة في 25 مايو (أيار) الماضي من مطار لواندا، عاصمة أنغولا، في حادث أثار القلق الدولي، لخشية الاستخبارات الأميركية «سي.آي.إيه» من ان تستخدمها الجهة التي خطفتها بعملية ارهابية على الطريقة الاصولية.

وقد علمت «الشرق الأوسط» من تحقيق «إف.بي.آي» بالطائرة المنكوبة، عبر حديث بالهاتف امس مع جوزف باديللا، وهو شقيق مهندس طيران أميركي يعتقدون انه خطفها من المطار الأنغولي بعد ان بقيت متوقفة هناك طوال 14 شهراً، حيث سمع العاملون فيه ضجيج محركاتها يترامي فجأة عن المدرج بعد أن دخل الى قمرتها واقلع بها، مثيراً باختطافه للطائرة قلق الخارجية ووكالة الاستخبارات الأميركيتين، لذلك سعت الجهتان وراءها لمعرفة مصيرها، من دون ان يكون لدى القيّمين عليهما أي تفسير منطقي لاختفائها سوى ان أحدهم خطفها كتسوية لنزاع مالي، او كنوع من الاحتيال، او ربما لمجرد السرقة.

وروى باديللا من بيته في مدينة بنساكولا، بولاية فلوريدا، ان شقيقه بن تشارلز باديللا، 51 سنة، كان في أنغولا قبل اسبوعين من اختفاء الطائرة بتكليف من مالكها، الأميركي جوزف ماوري، صاحب شركة إيروسبيس سيلز أند ليسينغ ليكشف عليها «وكان بحوزته 43 ألف دولار دفعها له المالك ليدفعها بدوره كتكاليف ورسوم لسلطات مطار لاواندا، فسددها للسلطات وبث لماوري عبر الفاكس بالايصالات» كما قال.

وشرح باديللا ان شقيقه لم يكن طياراً الا لطائرات صغيرة ولا يحمل رخصة قيادة «بوينغ»، ولم يسبق له ان قاد طائرة من هذا الطراز في حياته «وما اعتقده هو انه قاد الطائرة على المدرج فقط ليجرب محركاتها، في وقت كان معه على متنها آخرون نجهلهم، فسيطروا عليه وخطفوها، واخشى انهم قتلوه بعدها واختفوا بها تماماً» بحسب تعبيره..

لذلك كان فقدان طائرة مكتظة بأكثر من 14 ألف غالون من الوقود وطولها 153 قدماً ووزنها 200 ألف رطل، حدثا غير عادي وأثار القلق والمخاوف، فانطلق موظفو السفارات الأميركية في كل انحاء أفريقيا يسألون وزارات وهيئات ناشطة بحقل الطيران عن أي آثار تركتها، لكن من دون جدوى دائماً، حتى شاهدها بالصدفة بعد 3 اسابيع من اختفائها طيار كندي بمطار كوناكري، عاصمة غينيا، وهو حدث غطته «الشرق الأوسط» في يوليو (تموز) الماضي في تحقيق كبير، واخبر عنها وعن اعتقاده بأنها المختطفة.

والمعروف عن الطائرة المختفية ان عدداً من الأفراد والشركات استأجرها، مباشرة او مداورة، خلال السنوات القليلة الماضية، خصوصا بعد ان اصبحت منذ عامين ملكا لشركة «ايروسبيس سيلز أند ليسينغ» في ميامي، بولاية فلوريدا، وفق ما اتضح من ارشيف «إير كليمنز» المعتبر أرقى مركز دولي شاملاً لمعلومات عن شؤون الطيران والطائرات.

وقد راجعت «الشرق الأوسط» ما ورد في المركز عن الطائرة المختطفة، فاتضح ان شركة «أميركان إيرلاينز» استخدمتها لسنوات منذ انتاجها قبل 29 سنة، ثم باعتها لخطوط جنوب أفريقيا، التي باعتها بدورها لشركة «إيروسبيس سيلز أند ليسينغ» الناشطة ببيع وتأجير الطائرات لمن يرغب، فقامت بتأجيرها لشركة اخرى ازاحت كل المقاعد فيها واستبدلتها بحاويات للوقود النفطي صغيرة، ومن بعدها أرسلتها الى لواندا لنقل الوقود الى مواقع نائية، ومنها أنغولا التي وصلت الى مطارها في مارس (آذار) العام الماضي، لكن سلطاته منعتها من الاقلاع «لأن الوثائق المتعلقة بها لم تكن تخص الطائرة نفسها» كما ذكر هيلدر بريزا، مدير هيئة الطيران الأنغولية في مؤتمر صحافي بعد اختطافها بيومين.

وقال بريزا ان سلطات بلاده كانت تطلب دفع رسوم ونفقات ايقاف الطائرة بمطار أنغولا دائماً، فحاولت إيروسبيز سيلز أند ليسينغ التسوية المالية مع السلطات واستعادة الطائرة، في وقت كانت تطالب فيه الشركة التي استأجرت منها الطائرة بأن تقوم بنفسها بالتسوية معها، لكن الجميع فوجئوا باختفاء الطائرة، بحيث لم يعد لها أثر.

واتضح من مراجعة أرشيف إير كليمنز ان أحد شركاء الشركة التي استأجرت الطائرة من إيرسبيس سيلز ، هو رجل أعمال لبناني يقيم وينشط في عدد من دول الشرق الأفريقي، ومن بينها غينيا، وحاول منع «إيروسبيس سيلز» من استعادة ملكية الطائرة لكنها اختفت بعد ذلك حتى شاهدها طيار كندي اسمه بوب ستروذر بمطار كوناكري، ورآها متغيرة اللون الى الأبيض وعليها رمز 3+GOM وهو جديد، لكن بعض أحرف رمزها السابق، وهو N844AA بأحرف كبيرة، كان ما يزال ظاهراً، فتعرف اليها، لكنه لم يرها في اليوم التالي، لأنها اختفت ايضاً من مطار كوناكري. وحين سأل الطيار عنها علم بأنها «ملك لرجل أعمال لبناني يقيم ويعمل في شرق أفريقيا ويستخدمها لنقل البضائع الى وبيروت» كما قال في افادته.

لذلك اتصلت «الشرق الأوسط» امس بصحافي من «جورنال دي أنغولا» البرتغالية اللغة، فقال من لاواندا ان ما لديه من معلومات عن الطائرة المختفية لم يتغيّر منذ اختطافها، وهو انها اقلعت من مطار البلاد الدولي «بدعم من عاملين في شركة إيرأنغول) الأنغولية بالمطار، وحاولت الهبوط في دولة بوركينا فاسو، التي لم تسمح سلطاتها لها بالهبوط، فتابعت الى جهة مجهولة». لكن الصحافي اكد انه سمع ايضاً من مسؤول أنغولي بأن الطائرة أصبحت ملك رجل أعمال لبناني فيما بعد بكوناكري، لا يعرف هويته.

وأيضاً اتصلت «الشرق الأوسط» يوم الأول من أمس بأنور لقيس «غادر الى بيروت امس»، وهو ابن أخت رجل الأعمال اللبناني، أحمد الخازم، صاحب شركة «أوتا» المستأجرة للطائرة المنكوبة، فاستغرب عبر هاتفه النقال من مدينة كوتونو، عاصمة بنين، نية إف.بي.آي بالتحقيق في اصل الطائرة، وقال: «سمعت قبل ذلك بالطائرة المخطوفة واعرف انهم حققوا بها منذ 3 اشهر في كوناكري، وهي ليست التي سقطت، ولو كانت هي نفسها لما سمحوا لها بالعمل بين أفريقيا ولبنان طوال 3 اشهر مضت» وفق تعبيره.

مع ذلك أكد ان شركة خاله التي يعمل في فرعها منذ وصل كوتونو قبل 4 اشهر استأجرت الطائرة من مالكها الأميركي، لكني لا اعرف اسمه، وهو ليس أميركياً لبناني الأصل، بل أميركي تماماً. أما مالك الطائرة المخطوفة فيهودي بحسب علمي . أما باديللا فقال: أنا مثلكم لا اتهم أحدا، لأن كل شيء مستند الى الشكوك حتى الآن، وقد يكون الذين استأجروها قاموا بذلك من دون علمهم بأنها طائرة مخطوفة، وكله سيوضحه التحقيق .