حارس قاعة الحوار الوطني يتساءل: لماذا يفضلون النقاش حول الموت لا الحياة؟

TT

بيدين عاريتين وابتسامة معتذرة يتولى محسن بن حسن العقدي مهمة حراسة ست وثلاثين عتبة تؤدي الى قاعة جلسات اللقاء الثاني للحوار الوطني في فندق «متربوليتان بالاس» بمكة المكرمة.

محسن، وهو واحد من ثمانية حراس أمن في الفندق، استعان بأدبه الجم ليفرغ توتر الصحافيين من كلمة «ممنوع» التي ضاقت بها أجواء الفندق وردهاته الواسعة. قال محسن «من لا يحمل بطاقة لا يحق له الصعود. ولا أريد أن أفقد عملي بسبب مجاملة». و أضاف: «شخصيا لا أحب أن أحبس نفسي في غرفة، ولا أعرف ماذا يدور بين الناس في الخارج». سألته: هل تعرف ماذا يفعل المجتمعون خلف الأبواب المغلقة؟ رد بقوله «استوقفت أحد أعضاء اللجنة، وهو يحمل بطاقة، لأسأله ماذا يحدث في القاعة؟ فقال لي مختصرا: انهم يناقشون أمورا عن الحج والحجاج. فهل ما سمعته صحيح؟!» أجبته: من وراء الأبواب يقولون انهم يعملون من أجل أن يكون مستقبل أبنائك أفضل من مستقبلك.

سألته: هل تعرف ماذا يعني الحوار الوطني؟ فوجئ بالسؤال فاستعان باصبعين ليهرش خده الأيسر ليخفي حيرته. كررت السؤال ما رأيك في الحوار.. ماذا تتمنى من كل هؤلاء المتدثرين بالبشوت الموشاة بالقصب؟ أجاب «هل الحوار الوطني.. يعني الإرهاب؟». أضاف «لو كانوا سيسمعون صوتي لقلت لهم أتمنى أن نكون يدا واحدة.. وأن نشعر بأننا أسرة واحدة». محسن، في العقد الثاني من العمر. انضم قبل ثلاثة أشهر لشركة «سلامتكم» للحراسات الأمنية. يعمل ثماني ساعات يوميا مقابل 1500 ريال شهريا، وقد ترك حراسة مدينة الألعاب الترفيهية بحديقة حي المسفلة ليستلم مناوبته في هذا المكان. هو يعيش في غرفة في بيت متواضع مع والديه وإخوته. وفي الصيف الماضي قرر والده أن يزوجه. دفع عنه المهر، ووفر له أدوات حياته الجديدة. بعد الزواج قرر أن يقطع دراسته بعد حصوله على شهادة المتوسطة في عشر سنوات. «تعلمت أن أكون مسؤولا عن نفسي، وقبلت بهذه الوظيفة. دخلها قليل لكنه كاف لأن أقسمه بين والدي وأمي مقابل أن أستمر وزوجتي في الحصول على مجانية السكن ومصروفي المعتاد».

محسن يسأل: «لماذا يهتم المجتمعون في أمر الإرهابيين، ويتركون الشباب المسالم. من أولى بالرعاية. هل من يحمل سلاحه لإرهاب الناس، أم مسالم يحمل معولا لبناء أسرتنا الكبيرة. لماذا يفضلون النقاش حول: الموت، ويتركون الحديث عن الحياة؟». طفرت دمعة من عيني.. قلت له «لو كنت قادرا لمنحتك المقعد رقم 61. سؤالك لخص كل الاجابات!».