رسائل «الجوّال» في السعودية لسان الأخرس وأذن الأصم وديوان للشعر والنكات

TT

«رسائل الجوّال.. ديوان السعوديين» جملة تختزل واقع استخدامات السعوديين لتقنية الجوّال في السنوات الأخيرة، فبعد أن كان «الجوّال» بداية لثورة اتصالية متنقلة لا يقتنيها إلا المقتدر مالياً إذ يبلغ ثمن رقاقة الاتصال وحدها عشرة الآف ريال سعودي (2667 دولار)، فضلاً عن الثمن الباهظ لجهاز الجوّال الكبير الحجم، وهو ما شكل عقبة أخرى في طريق انتشار تقنية الاتصال المتحركة. وبعد أكثر من عقد، أصبح الجوّال في السعودية تقنية متطورة ومتاحة لجميع السعوديين وبمبلغ لا يتجاوز 100 ريال (26 دولارا)، بينما تنوعت أجهزة الجوّال في الثمن والحجم واللون والشكل والخصائص.

اليوم، يمثل الجوّال عالماً متكاملاً من الخيارات الاتصالية والإخبارية والمعلوماتية في متناول يد أي سعودي وفي أي مكان كان، وإن كانت شبكة الجوّال تعاني من مشاكل فنية في بعض المناطق النائية والجبلية وخاصة في أيام الأعياد.

ويستطيع السعودي اليوم الاتصال بأي شخص في العالم، ودخول الإنترنت وتصفح البريد الإلكتروني، ومتابعة سوق الأسهم المحلية والعالمية، ومعرفة آخر الأحداث على الساحة المحلية والدولية من خلال تصفح العناوين الرئيسة للأخبار اليومية، اضافة إلى سهولة الوصول إلى أقنية معلوماتية متنوعة.

السعوديون أيضاً، لم يتوقفوا عند تلك الاستخدامات العالمية للجوّال فقط، بل استغلوا هذا التقنية الاتصالية، وخاصة رسائل الجوّال «SMS»، لتبادل التهاني وتوجيه الدعوات في المناسبات الاجتماعية، وبث نكات حديثة ذات حجم لا يتجاوز 70 حرفاً وبأشكال اخراجية مبتكرة، وتبادل الأخبار السريعة وتحديد المواعيد، وارسال أبيات الشعر العربي الفصيح والعامي.

على الجانب الآخر، وظف بعض الأفراد من السعوديين وجزء من المؤسسات الدينية تقنية رسائل الجوّال في الدعوة إلى الله والتذكير ببعض أعمال الخير من محاضرات ودروس وأدعية. يقول طارق عبد الرحمن، 24عاماً، إن رسائل الجوال خرجت عن استخداماتها التقليدية في الفترة الأخيرة، بفعل الظروف الاجتماعية والثقافية والتربوية في السعودية، مضيفا انه من بين مفارقات عالم رسائل الجوّال التي عرفتها أخيراً، أن صديقاً له طلّق زوجته بواسطة رسالة جوّال، بعد علاقة زوجية دامت عام ونصف العام، بدأت أيضاً برسالة جوّال عابرة، وهنا المفارقة، عندما تستخدم الوسيلة نفسها في أفضل الحلال وأبغضه.

ويرى أحمد الحربي، 28 عاماً، أن رسائل الجوّال قدمت خدمة انسانية عظيمة للسعوديين الذين يعانون من الصمم والبكم في علاقتهم ببعضهم من جهة، وعلاقتهم بمجتمعهم من جهة أخرى. إذ مكنتهم هذه التقنية من التغلب على مشكلة اتصالية أرقت حياة عدد كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة، غير أن محدودية حجم النص المكتوب في الرسالة الواحدة مثلت مشكلة جديدة قد يتغلب عليها الانسان في الفترة المقبلة.

في المقابل، فإن محتوى واستخدامات رسائل الجوّال في السعودية، شجعت شابين سعوديين في اصدار موسوعة تحتوي على 1440 رسالة مختارة من أمهات الكتب العربية والأجنبية في الشعر والفكاهة والفلسفة، تضمنها 16 كتاباً، صنفت تحت أوعية متنوعة، وذكرت آخر احصائية متاحة لشركة الاتصالات السعودية أن عدد الرسائل المرسلة في شهر إبريل (نيسان) 2001 بلغ 51 مليون رسالة، بمعدل 1180 رسالة في الدقيقة. وفي آخر الإحصائيات العالمية المتوفرة أتضح أن عدد الرسائل التي أرسلت في الربع الأول من عام 2001 بلغ أكثر من 50 مليار رسالة، ما يعني أكثر من 8 رسائل لكل انسان موجود على الأرض في تلك الفترة.