الرئيس العراقي غازي الياور لـ«الشرق الأوسط»: جئت للكويت لبدء مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين وليس هناك قضايا خلافية لبحثها

قال إنه لا يعتقد أن أيا من الأحزاب العراقية بما فيها الأحزاب الدينية يفكر في إقامة حكومة دينية

TT

أكد الرئيس العراقي غازي الياور ان العراق لن يكون محطة تصدير تجارب سياسية لأحد، مؤكدا ان استقرار العراق سيؤدي الى استقرار دول الجوار. واضاف «لا نقبل أن نكون موطئ قدم ضد جيراننا، نريدهم أن يطمئنوا من ذلك». وشدد الرئيس الياور على أن العراق لا يمكن أن يحكم بحكومة دينية، مشيرا الى ان الشيعة سيرفضون أية حكومة سنية والسنة سيرفضون اى حكومة شيعية، والمخرج هو حكومة مدنية وبرلمان يمثل فيه «المثلث الاجتماعي» المكون من العرب السنة والعرب الشيعة والأكراد. وقال الرئيس الياور في حديث خص به «الشرق الأوسط» خلال زيارته التاريخية للكويت إنه جاء للكويت لبدء مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين وانه «ليس هناك قضايا خلافية لبحثها». ايضا لفت الى ان الحديث عن تأجيل الانتخابات «سابق لأوانه وعلينا أن ننتظر ما ستؤول إليه الأوضاع، ولكن القرار في النهاية للأمم المتحدة وخبرائها». وعبر الياور عن أسفه لأن الخيار العسكري لمسألة الفلوجة يلوح في الأفق بعد فشل جهود الوساطة، وقال إن الفلوجة أصبحت رهينة للإرهابيين الأجانب. كما اكد الرئيس العراقي ان المشكلة مع سورية وايران هي ان تسللات الاجانب الى داخل الحدود العراقية تتم أحياناً بتدخلات استخبارية لدعم من يعارض العملية السياسية في العراق. وهنا نص الحديث:

* كيف تقيمون زيارتكم للكويت؟

ـ الزيارة ايجابية جداً. جئنا بدون أجندة مسبقة ونستهدف بدء خطوات في الاتجاه الصحيح لتنمية العلاقات بين البلدين. وليس هناك نقاط خلافية لبحثها. لقد اوضحنا لأشقائنا في الكويت صورة الوضع في العراق، لإدراكنا مدى اهتمامهم بأوضاعنا وخاصة الأمنية ولانعكاس هذا الوضع الأمني على الكويت سلباً وإيجاباً. فاستقرار العراق هو استقرار لأشقائنا في الكويت. ونرى ضرورة أن تسير العلاقة مع الكويت بكل هدوء واتزان نحو الأفضل. ونريد أن يطمئن أشقاؤنا إلى مسار العملية السياسية في العراق وقيام دولة مؤسسات. وسنقوم بتنشيط لجان مشتركة تجتمع بشكل دوري لبحث كل التفاصيل.

* هناك حديث عن تمثيل بعض الأطراف العراقية في مؤتمر شرم الشيخ مثل هيئة علماء المسلمين السنة والتيار الصدري أو غيره، كيف تنظرون إلى مثل هذا الطرح؟

ـ لا أعتقد أن أية دولة في العالم تقبل أن تطرح قضيتها على أساس نزاع بين أطراف محلية. لسنا طرفا في نزاع داخلي، نحن حكومة عراقية شرعية تم اختيارها ضمن عملية اشرف عليها مجلس الأمن الدولي وبمشاورات مع كافة ألوان الطيف العراقي. ولا نرى أي أساس منطقي لإشراك أطراف غير حكومة العراق في المؤتمر. إن كل الأطياف السياسية في العراق يمكن أن تجتمع ضمن مؤتمر لمصارحة ومصالحة وطنية داخل العراق، لاننا لسنا في حالة احتراب داخلي، نستطيع أن نجلس على أرض العراق التي تتسع لنا جميعاً لمناقشة قضايا البيت العراقي الواحد.

* هناك شعور لدى أطراف عراقية شعبية بالتهميش، وشعور بأزمة اقتصادية وبطالة، فما الذي يمكن أن تقوم به الحكومة العراقية؟

ـ نريد أن نؤكد أنه لو كان هناك استقرار أمنى لكان بالإمكان إطلاق عملية ضخمة لإعادة بناء العراق. وهذه العملية يمكن أن تستوعب كل العراقيين وتحل مشاكل البطالة وغيرها. لقد تم ارتكاب أخطاء على رأسها حل الجيش العراقي وتسريح هذا العدد الكبير من المواطنين، ولكننا الآن نعيد بناء القوات المسلحة ويتم استدعاء ضباط الجيش ممن لم تتلوث أيديهم بدماء العراقيين. إضافة إلى تجهيز عشر فرق للحرس الوطني وهذا سيساعد على إعادة الكفاءات العسكرية الممتازة التي فقدناها. ونقوم الآن بعملية مساعدة للمناطق التي تأثرت مثل النجف ومدينة الصدر وسامراء وغيرها. وشخصياً أطلقت مبادرة إنشاء هيئة إعمار الجنوب بهدف التركيز على المحافظات الجنوبية في البصرة والعمارة والناصرية لتلحق بالركب بعد شعور أهلها بالغبن من تصرفات النظام السابق.

* كيف تقيمون أعمال العنف المستمرة في العراق وإلى أين تتجه؟

ـ هناك أعمال إرهابية في العراق يقوم بها تحالف غير مقدس بين زمر النظام السابق وبين جماعات متطرفة لزعزعة العملية السياسية عن طريق العنف. ما يحدث لا علاقة له بالمقاومة وإنما هي أعمال إرهابية. كيف يمكن لأحد أن يسمي قطع رقاب الناس من الوريد إلى الوريد عملية مقاومة. أو قتل مواطن عراقي صائم في رمضان يذهب إلى عمله في مؤسسة حكومية. إنهم يستهدفون بذلك انهيار مؤسسات الدولة العراقية، وهذا الأمر لن يخدم أحدا مهما كانت وجهة نظره.

* هل تعتقد بإمكانية طرح مسألة تأجيل الانتخابات في مؤتمر شرم الشيخ. وماذا تنتظرون من هذا المؤتمر؟

ـ الجهة الوحيدة التي لها حق تأجيل الانتخابات هي الأمم المتحدة، ورأي المنظمة الدولية مقبول لدى الشعب العراقي. والحديث عن تأجيل الانتخابات حديث مبكر، وعندما نصل إلى مرحلة متقدمة يمكن أن نقيم الأمور. حصول الانتخابات في موعدها مهم جداً ولكن الأهم منه بكثير هو ما تتمخض عنه هذه الانتخابات، يجب تهيئة الظروف المناسبة التي يدلي فيها المواطن بصوته من دون خوف ودون سيارات مفخخة وميليشيات.

* هناك تحليل يقول إنه لو أجريت الانتخابات، هناك إمكانية لفوز القوى الدينية وتشكيل حكومة دينية؟

ـ لا أظن أن أحدا من الأحزاب العراقية بما فيها الأحزاب الدينية تفكر في إقامة حكومة دينية، لأن أية حكومة دينية في العراق مصيرها الفشل. العراقيون أغلبيتهم مسلمون وهناك قسمة بصورة متوازنة بين الشيعة والسنة. والحقيقة أن الشيعة لن يرضوا بحكومة دينية سنية والسنة لن يرضوا بحكومة دينية شيعية. والحل الوحيد هو الحكومة المدنية التي تحترم الدين وتحترم التقاليد والعادات العراقية. إننا نرى الآن أن شخصية محترمة ومتزنة مثل السيد السيستاني يدعو الناس إلى المشاركة بفعالية في الانتخابات لإدراكه بأهمية ذلك، وأجمل من ذلك انه يدعو إلى ضرورة إبعاد الدين عن السياسة، بينما نرى مع الأسف بعض رجال الدين السنة يدعون الناس لمقاطعة الانتخابات وهم يكررون أخطاء تاريخية حدثت في القرن الماضي. إن القوى السياسية العراقية المختلفة اليوم تبدو كمن يركبون مركبا في نهر مليء بالتماسيح، من يحاول التنازع مع الآخر سيقلب المركب بالجميع وستأكل التماسيح الجميع، لن ينجو أحد من الركاب. وليس هناك حل إلا بخلاص وطني من خلال انتخاب جمعية وطنية من كافة ألوان الطيف السياسي والاجتماعي العراقي. هناك معادلة عراقية مفادها أن هناك «مثلثا عراقيا» لا بد من وجوده وهو العرب السنة والعرب الشيعة والأكراد، وبدون دخول العناصر الثلاثة في العملية السياسية فلا أمل في النجاح.

* هل تعتقد أن فوز المرشح الجمهوري جون كيري سيؤثر على العراق؟

ـ نحن في العراق نتمنى التوفيق لمن يختاره الأميركيون. نريد علاقة إستراتيجية مع أميركا واحترام متبادل ومصالح متبادلة، وأميركا دولة مؤسسات ونحن ننظر لمن ينجح في الانتخابات الأميركية باعتباره ممثلاً للشعب الأميركي. لا أعتقد أن نتائج الانتخابات الأميركية ستؤثر على العراق لأن كلا الطرفين، كيري و(جورج) بوش، يحرص على إتمام العملية السياسية في العراق وضمان الاستقرار لما لذلك من نتائج ايجابية على مجمل الوضع في الشرق الأوسط.

* بصراحة هناك مشكلة عراقية مع بعض دول الجوار وتحديداً سورية وإيران، كيف تنظرون لهذه المسألة؟

ـ أساس المشكلة أن حدود العراق كانت سائبة وهناك متسللون من دول الجوار، يتسللون أحياناً من دون علم هذه الدول وأحياناً بتدخلات استخبارية لدعم من يعارض العملية السياسية في العراق وهذا أمر تتابعه الأجهزة الأمنية. أما نحن في الحكومة فنبحث عن طريق الحوار الهادئ لحل المشكلات العالقة مع الجيران. نريد مصالح متبادلة وليس ردود فعل. نريد أن يدرك كل جيراننا أن العراق غير المستقر ليس في مصلحتهم ولا أعتقد أن جيراننا يفتقدون الحكمة للتأكد من أن تصعيد الوضع الأمني في العراق ليس في مصلحتهم.

إيران تتحدث عن قلق من وجود أميركي كثيف في العراق، ونحن نفهم ذلك، ولكن السؤال من جلب الدمار والاحتلال للعراق سوى النظام السابق، وكل ما نتمناه لجيراننا ألا يمروا بالتجربة التي مررنا بها. ونريد أن نطمئن الجميع أن العراق لن يكون محطة تصدير تجارب سياسية لأحد ولا نقبل أن نكون موطئ قدم ضد جيراننا، نريدهم أن يطمئنوا من ذلك.

* إلى متى هذا الوضع الأمني المتردي في الفلوجة؟

ـ الله يا أخي. عملنا المستحيل لحل المشكلة سلمياً، إخواننا في الفلوجة أبرياء ولكنهم في الحقيقة رهائن لدى أطراف لا تفهم سوى لغة الرصاص والقتل، وهم غرباء عن المدينة وعن العراق. نحن تتقطع قلوبنا لأوضاع الفلوجة، ولكن ماذا يمكن أن نفعل عندما تفشل الجهود السلمية. لقد حاول عدد من زعماء العشائر ورجال الدين حل المشكلة. هناك الآن خيار عسكري يلوح بالأفق وهناك من يفهم الحل العسكري من دون أفق سياسي، ولكن المشكلة مرة أخرى إن أهالي الفلوجة رهائن عند عصابات.

* ما هي الرسالة التي توجهونها إلى دول مجلس التعاون؟

ـ دول مجلس التعاون الخليجي كان لها موقف مميز فيما يتعلق بمساعدة الشعب العراقي ونحن نشكر هذه الدول لأنها تساعدنا من دون تدخل في الشأن العراقي الداخلي. وأنا أقوم بزيارة الكويت والبحرين والإمارات بدعوة كريمة من زعماء هذه الدول، وسأقوم بإكمال الزيارات لبقية الدول ان شاء الله قريباً.

* العلاقات المصرية ـ العراقية تشهد حالة فتور، كيف تقيمون ذلك؟

ـ أقول بصراحة أن العراق يعتبر مصر الشقيقة الكبرى لها مكانتها المرموقة عربياً وإسلاميا ودوليا. نأمل الكثير من مصر لرفع معنويات العراقيين ومساعدتهم. العراق له حق على إخوانه العرب، فهو عضو مؤسس في الجامعة العربية وله دور أساسي ونأمل تفهم جميع الأشقاء الوضع العراقي.