فندق «فورسيزونز».. مروج من الذهب مطلة على البحر

عنوان جديد للإقامة الراقية تنتظره بيروت بعد 4 أيام

مطعم «ذا غريل» المطل على البحر
TT

يحتل فندق «فورسيزونز» الواجهة البحرية لمدينة بيروت، حيث الكورنيش الممتد من عين المريسة وصولا إلى الأسواق التجارية لوسط المدينة، هو بجوار الكورنيش إذن، ويستغرق الوصول إليه 15 دقيقة من مطار بيروت، ويهيمن على مطله البحري، ويبرز هيكل مبناه الشاهق من بعيد مع طبقاته الـ26، حيث يوجد عازل زجاجي ضخم يحيط بالروف الساطع البياض، ويمنحه أمانا وتصميما معاصرا، فيحسب الناظر إليه أنه تجاه أحد المباني الحديثة المزروعة في محيط عريق بتراثه، لكن يكفي الدخول إلى المبنى لتنهار النظرة الأولى، وفي حين يدير الداخل ظهره لأمواج البحر خلفه، فإنه يشعر بأنه يتغلغل في مروج الذهب من خلفية سوداء ليشعر بالدفء والنشاط، فالتصميم الداخلي للفندق يعتمد على اللون الذهبي وأعمدة ضخمة من قواعد رخامية سوداء، وضمن هذين اللونين خاض المهندس الفرنسي بيار ايف روشون مغامرته، فأغنى تصميمه الداخلي بنقوش وزخرفات مستوحاة من الفنون الآسيوية والخطوط العربية والتقاليد المحلية النابضة بالثقافة الشرقية عبر لوحات تحمل أسرار الشرق ومنمنمات ومنحوتات تحمل توقيعات كبار النحاتين والفنانين التشكيليين اللبنانيين.

ولم يوفر الطراز الدمشقي بأثاث مُطعم بالفضة والصدف، كذلك الطراز اليوناني، وتحديدا في الجناح المؤدي إلى قاعة الرياضة، أما الطراز المغربي، فأفسح له مساحة تصلح للاسترخاء والراحة، لكنه بقي حريصا على اختيار الزوايا التي تصلح لذلك، بحيث لا يكسر الإيقاع الذهبي والأسود وإكسسواراتهما التي تدمغ خصوصية كل زاوية من زوايا المكان الشاسع.

في هذا التناعم الموشح بلمسات جمالية متفردة نسج روشون تصميم هذا الفندق الذي يضاف إلى فنادق بيروت الفخمة؛ لينافس ويحجز مكانته على الخريطة السياحية بعد أن اختارت سلسلته العالمية أجمل موقع على الشاطئ البيروتي لتضمه إلى مجموعتها، عايشت «الشرق الأوسط» الأيام الأخيرة قبل افتتاحه في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي 2010 ليستقبل أول نزيل يختار الإقامة فيه، وعاينت «الفترة التجريبية» كما تقول مسؤولة العلاقات العامة للفندق سوزان أبو ضرغم.

الحركة في المكان توحي بأن العمل قائم على قدم وساق، فموظفو الاستقبال حاضرون لخدمة النزلاء بابتسامة عريضة، توضح أبو ضرغم أن «النزلاء الحاليين هم موظفو (فورسيزونز) من فنادق أخرى تابعة للسلسلة، جاءوا لإجراء اختبار لنوعية الخدمة والارتقاء بها إلى المستوى الذي يرضي جميع النزلاء، أما عدد الموظفين الحاليين فيبلغ 250 موظفا، والرقم في تصاعد حتى يبلغ 400 موظف في صيغته النهائية».

مساحة الفندق تبلغ 50.845 متر مربع، أما هندسة بنائه التي تولتها «دار الهندسة» فتعتمد على أسلوب البرج الزجاجي، لينتهي البناء بروف يضم المسبح، في حين يقتحم المشهد البحري بأكثر من 230 شرفة وتراسا. يضم الفندق 170 غرفة و60 جناحا تتوزع على 25 طابقا، مع جناح ملوكي يليق بكبار الشخصيات العالمية، الغرف والأجنحة لا يختلف تصميمها عن تصميم قاعاته العامة، غالبيتها تطل على البحر أو على جزء منه بالإضافة إلى وسط بيروت، والألوان دافئة وتبعث على الشعور بالسكينة، وتعتمد على التناقض بين الذهب والأسود وتتدرج في تفاصيلهما ألوان الأبيض والبيج والنحاس والأصفر والعسلي والبني، سواء لأقشمة الأثاث أو للرخام أو خشب المفروشات والستائر، والأثاث الأنيق يغرق في محيط قائم على خلفية زخرفية من البرونز الذي ينعكس من خلال الإضاءة الكريستالية.

الزهريات الصينية الضخمة في كل مكان، وتحافظ بدورها على لعبة الأسود والذهبي، فما إن تدخل الفندق حتى تستقبلك هذه الألوان في القاعة الرئيسية «اللوبي» حيث اللوحات المزخرفة لطيور تكاد تغرد بريشة صينية مرهفة، تقول أبو ضرغم: «حرص المصمم على الجمع بين الأناقة الفرنسية والخطوط الشرقية الغنية بزخرفاتها»، غير أن الغلبة للطابع الشرقي تبقى واضحة في القاعات والمطاعم، لتنحسر في الغرف لمصلحة الرفاهية الغربية المريحة والعملية.

المساحة الرحبة للفندق سمحت باستحداث كل ما يريح النزيل، فاللوبي يفصل بين مدخل يقود مصعده إلى جناح الغرف، وآخر يقود إلى جناح المناسبات حيث قاعات الاجتماعات والاحتفالات، وبالطبع وفق هندسة جمالية مترفة. كرة أرضية زجاجية تشير إلى مدخل جناح المناسبات قرب درج لولبي خلفه لوحة عملاقة للفنان اللبناني رودي رحمة، شكّل فيها لبنان بجباله وآثاره وبيوته القرميدية، من الدرج نصل إلى القاعة الكبرى للاحتفالات والتي تبلغ مساحتها 759 مترا مربعا، وسطها قبة تتلاعب بالصدى فيحسب من يتكلم تحتها أن أمامه مكبرا للصوت، وهي تتسع لنحو 550 شخصا جالسين، تقول أبو ضرغم: «إن هذه القاعة هي الوحيدة في بيروت التي تسمح لمن فيها بالاستمتاع بمشهد البحر خارجا».

فعلا لا يمكن التملص من البحر في هذا الفندق، حتى في الغرف الصغيرة للنادي الصحي «SPA»، وقاعة الرياضة يحضر البحر لمن يريد إزاحة الستارة، والأحلى أن قاعة الرياضة مجهزة بما يمكّن رجال الأعمال من متابعة شؤونهم عبر أجهزة الكومبيوتر المرفقة بكل ماكينة رياضية.

ورق الجدران في المكان برونزي وكأنه معتق ليوحي بدفء المنازل، حتى المصاعد فيها من الغرف حميميتها وأناقتها، فجدرانها مكسوة بالقماش المحبوك، لكن بلا مرايا، كل شرفات المكان مجهزة ليستطيع النزلاء الاستفادة من البحر وهوائه وأشعة الشمس، وفي ذلك تناقض محبب بين دفء الداخل وانكشاف الخارج على الطبيعة المحيطة به.

للمطاعم في «فورسيزونز» حكاية أخرى، غير الأطباق الشهية التي يجيد إعدادها أشهر الطهاة، يخصص المكان أفضل أنواع المآكل البحرية لنزلائه وزبائنه، مطاعم الفندق هي غيرل روم الذي يقدم الطعام المتوسطي بكل غناه وتنوعاته، إلى الأطباق البحرية وشرائح اللحم، ويتسع لـ72 شخصا في الداخل، و56 آخرين على التراس، أما نادي 26 الذي يقدم الأطباق الخفيفة فيتسع لـ120 شخصا، وتبقى لقاعة الشاي القريبة من اللوبي خصوصيتها، فهي تطل على الرصيف البحري الذي يراود الجالسين للقيام بنزهة صباحية أو مسائية، كما أنها تتسع لـ45 شخصا، وتقدم البُن المطحون طازجا عند طلب القهوة، بالإضافة إلى الساندويتشات والحلويات والعصائر، وبالطبع أفضل أنواع الشاي، وهناك أيضا قاعتان للشراب والطعام الخفيف، تتحول إحداهما إلى مكتبة حيث يطيب للنزيل الاستراحة من العمل أو الجولات السياحية مع كتاب أو مجلة.

يبقى أن هذا الفندق الفخم الغارق في ألوانه الذهبية وأجوائه التي تمزج بين فنون من الشرق والغرب، وخدمات تسهل لمن يرتاده أموره، وتساهم في حل أي مشكلة تعترضه، يتباهى بفريق عمله الذي تم اختياره من بين 700 مرشح لوظائفه، تقول أبو ضرغم: «صحيح أن المواصفات الجمالية والتقنية مؤمنة كما يليق بفندق بهذا المستوى، لكن الأهم هو التناغم الذي يجمع بين فريق العمل ليقدم كل واحد منهم خدمة من دون ثغرات، فيعاملون من يقصدهم كما يحبون أن يتم التعامل معهم».