من أصعب المهام لزائر روما إحصاء عدد المتاحف والمعارض الفنية فيها، فهي تنتشر في كل أنحاء المدينة وتشمل كل جوانب الحياة من اللوحات الفنية والتماثيل إلى قطع النقود المعدنية، وحتى أنواع «الباستا» (المعكرونة). وربما كان هذا من أسباب تعريف روما بأنها أكبر متحف مفتوح في أوروبا، فالحياة فيها تستمر جنبا إلى جنب بين القديم والحديث ويجد الزائر أحدث المنشآت المعمارية في ذات الشوارع التي تحوي آثارا رومانية تاريخية.
ومن أشهر معالم المدينة ميادينها القديمة التي تسمى «بياتزا»، فهي تخدم وظيفة اجتماعية في لقاء أهل المدينة ببعضهم البعض، والحديث حول أحوال الدنيا. وتعرف أرجاء المدينة بالميادين فيها، فمقر الحكومة يقع عند «بياتزا ديل كامب دوغليو» وقلب المدينة يعرف باسم «بياتزا فينيسيا». أما «بياتزا دي سبانيا» فهي تحتوي على المدرجات الإسبانية المشهورة.
ومن المعالم التي تجذب السياح إلى روما أيضا المسرح الروماني المعروف باسم «كولوسيوم» وهو أكبر بناء من نوعه يعود إلى العصر الروماني، وكان المسرح هو مركز الترفيه الأكبر في وسط روما لحضور مباريات المبارزة حتى الموت. واستغرق بناء هذا المسرح نحو عشر سنوات واستكمل في عام 80 ميلادية. وهو يرتفع إلى أربعة طوابق ويتسع إلى 55 ألف متفرج وفقا للطبقة الاجتماعية، مع سهولة في الدخول والخروج من المدرجات. وبني المسرح على أنقاض قصر الطاغية نيرون لأن الإمبراطور فيسبيسيان أراد أن يبعد نفسه عن اسم نيرون وأن يقدم للشعب تسلية دورية. وفي مباريات العام الأول تم قتل تسعة آلاف حيوان وحشي لتسلية الجماهير.
وهناك معبد روماني تاريخي اسمه «بانثيون» كان يخصص لعبادة كل الآلهة الرومانية. واكتمل بناء هذا المعبد في عام 125 ميلادية وأمر به الإمبراطور هيدريان لكي يعوض معبدا سابقا له احترق في عام 80 ميلادية. ويقال إن المعبد كان يقع وراء بوابات من البرونز المطلي بالذهب ولكنها اختفت منذ زمن بعيد. ولكن البرونز الأصلي ما زال يغطي قبة المعبد الداخلية.
والى جانب الميادين والمسارح الرومانية تشتهر روما أيضا بنوافير المياه التي تعبر عن مهارة نحت فنية متقدمة منها نافورة «تريفي» وهي أكبر نافورة مياه في روما بارتفاع 25 مترا وقطر يصل إلى 20 مترا. وتم تصميمها بشكلها الحالي في عام 1732 واستكملت في عام 1762. وتظهر النافورة في الكثير من الأفلام التي تم تصويرها في روما مثل «عطلة رومانية» والحياة الجميلة» (لا دولشي فيتا) من إخراج الإيطالي البارع فريدريكو فيلليني. وهناك أيضا نافورة الأنهار الأربعة التي تقع في ميدان نافونا، وهي تحتوي على مسلة بطراز مصري قديم وتشير إلى أعظم انهار العالم منها النيل في أفريقيا والدانوب في أوروبا وغانجي في آسيا وريو ديلا بلاتا في أميركا. وتم الكشف عن النافورة في عام 1651، وهي ما زالت من أشهر معالم روما وتحمل اسم مصممها بيرنيني.
وتشتهر روما أيضا بالحدائق العامة شاسعة المساحة، حيث إنها أكثر مدن أوروبا في المساحات الخضراء داخلها. وكانت روما تشتهر بالقصور الارستقراطية في القرون الماضية التي يسمى القصر منها «فيلا»، وتبقى الكثير منها بحالة جيدة حتى الوقت الحاضر وهي تستحق الزيارة، خصوصا «فيلا بورغيس» و«فيلا آدا» و«فيلا دوريا». ويمكن التنزه أيضا في حديقة النباتات (أورتو بوتانيكو) حيث تتوفر الممرات الخضراء الباردة صيفا المظللة بأوراق الشجر.
وتقع روما اليوم على مساحة 1285 كيلومترا مربعا ويسكنها 2.8 مليون نسمة، وهي عاصمة إيطاليا وأكبر مدينة فيها ورابع أكبر مدينة أوروبية من حيث التعداد. ويصل تعداد روما الكبرى وضواحيها إلى نحو 3.8 مليون نسمة. وهي تقع وسط إيطاليا على نهر تايبر ضمن مقاطعة لازيو الإيطالية. ويمتد تاريخ روما إلى أكثر من قرنين ونصف القرن منذ تأسيسها في عام 753 قبل الميلاد. وظلت روما هي عاصمة الإمبراطورية الرومانية لأكثر من 700 عام.
ومن الناحية السياحية تعد روما من أكثر ثلاث مدن من حيث الزيارات السياحية في أوروبا بعد لندن وباريس، ورقم 11 على مستوى العالم. كما أنها أكثر المدن الإيطالية شعبية في الزيارة. وهي تتمتع بسمعة سياحية عالمية بفضل آثارها وتاريخها بالإضافة إلى تصنيف منظمة اليونيسكو لها بأنها مدينة تراث عالمي. ويزور روما سنويا نحو عشرة ملايين سائح منهم أربعة ملايين يزورون مسرح «كولوسيوم»، وهو أحد المواقع السياحية الأكثر شهرة على مستوى العالم.
وتفخر روما بمتحف الفنون الحديثة فيها الذي يعرض أعمال الفنانين الإيطاليين والأوروبيين بصفة دائمة، وهو متحف من تصميم المعمارية العراقية العالمية زها حديد. كما تشتهر روما بالموضة وإن كانت تأتي في المركز الثاني بعد ميلانو. وهي رابع أهم مدينة في العالم من حيث الموضة بعد ميلانو ونيويورك وباريس وتقع في موقع متقدم عن من لندن. ومن أهم بيوت الأزياء والموضة فيها، بلغاري وفندي وبيروني، كما أنها من المراكز الرئيسية لبيوت عطور أخرى مثل شانيل وبرادا ودولشي أند غبانا وأرماني وفيرساتشي.
وخلال الحرب العالمية الثانية، ومع اقتراب هزيمة ألمانيا النازية والفاشية الإيطالية بقيادة موسوليني تم إعلان روما «مدينة مفتوحة» من أجل تجنب الهجوم عليها بالغارات الجوية وتدمير آثارها الإنسانية. ومع ذلك تعرضت روما للقصف الجوي في الشهور الأخيرة من الحرب عندما احتلها الألمان مما أسفر عن مقتل نحو ثلاثة آلاف شخص وجرح 11 ألفا آخرين.
ونمت روما بقوة بعد الحرب العالمية الثانية وأضحت مدينة الموضة في الخمسينيات وبداية الستينيات، وتم تصوير الكثير من أفلام هوليوود الكلاسيكية فيها. وهي الآن مدينة دولية بكل المقاييس حيث نسبة 10 في المائة من تعدادها من المهاجرين الأجانب الذين يتجمعون في مناطق شعبية من العاصمة أهمها منطقة ترميني التي تعد الحي الصيني في المدينة.
وتضم روما ثماني مسلات مصرية قديمة بالإضافة أن خمس مسلات رومانية، كما تعبر نهر تايبر الكثير من الجسور الرومانية القديمة التي ما زالت تستخدم حتى الآن. وأقدم هذه الجسور يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي، وكانت تزينها تماثيل عشرة ملائكة من تصميم الفنان برنيني. وإلى القرن الثاني الميلادي أيضا يعود تاريخ الكثير من القبور المكتشفة حديثا في روما في فجوات تحت الأرض تسمى «كاتاكومب». ومعظم هذه القبور كانت منحوتة في الصخر خارج حدود المدينة حيث كان القانون الروماني يمنع دفن الموتى داخل المدينة.
وتضم روما الكثير من المنظمات الدولية مثل «فاو» و«إيفاد» وبرنامج الغذاء العالمي وكلية ناتو للدفاع. وتنتج روما نسبة 6.7 في المائة من إجمالي الناتج الإيطالي المحلي، وهي نسبة تفوق ما تنتجه أي مدينة إيطالية أخرى وتبلغ قيمة ما تنتجه روما 121 مليار دولار. وهي تتمتع أيضا بأقل نسبة بطالة بين مدن الاتحاد الأوروبي، ولا تتعدى النسبة 6.5 في المائة. ويعتمد اقتصاد المدينة على الخدمات والتقنية والمصارف، ويخدمها مطار فيومنشيني الدولي وهو الأكبر في إيطاليا.
ويجذب المطعم الإيطالي أيضا الكثير من السياح إلى المدينة وهي تشتهر بتاريخ طويل من الوجبات التي يعود تاريخها إلى عام 1570 الذي نشر فيها الطباخ بارتولميو سكابي كتابه عن الوجبات الإيطالية الذي شمل ألف وجبة. وتشتهر روما الآن بوجبات مثل البيتزا والباستا.
وينتشر استخدام اللغة الإنجليزية في المناطق السياحية في روما بالإضافة إلى اللغة الإيطالية، كما أن هناك الكثير من الجاليات الأجنبية ومن بينها جاليات عربية. وتشتهر إيطاليا بفرق كرة القدم فيها، واستضافت روما دورة كأس العالم في عام 1990، كما استضافت الدورة الأوليمبية في عام 1960. واهم الفرق المحلية لكرة القدم هما روما ولازيو. كما تستضيف المدينة أيضا مباريات رغبي أوروبية ودورة تنس مفتوحة سنويا تقام في شهر مايو (أيار) قبل دورة ويمبلدون.