جمعية «إبصار» الخيرية تطلق أول مشروع تدريب إلكتروني بتكلفة 100 ألف دولار

أكدت حاجة السعودية لأكثر من 7 مراكز إعادة تأهيل للمكفوفين

جمعية «إبصار» بادرت بخطوات عملية لمواجهة مشكلة زيادة أعداد المعاقين بصريا في السعودية
TT

تعتزم جمعية «إبصار» الخيرية للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية خلال شهر فبراير (شباط) من العام المقبل إطلاق أول مشروع تدريب إلكتروني لاختصاصيي إعادة تأهيل المعاقين بصريا في ظل انعدام وجود المهنيين والمتخصصين في مجال العلاج الوظيفي لإعادة تأهيل ضعفاء البصر بالمنطقة، وذلك بتكلفة بلغت نحو 100 ألف دولار بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية ومجموعة «العليان» الخيرية.

وأوضح محمد توفيق بلو أن هذا البرنامج يعد حلا سريعا لتطوير من لهم تواصل مباشر مع ذوي الإعاقة البصرية وإكسابهم مهارات تمكنهم من تطوير وتنمية قدرات صاحب الإعاقة البصرية للتعامل مع حالته بصورة أكبر من حيث تدريبه على المعينات البصرية وكيفية استخدامها وتنمية مهاراته في الحياة اليومية وتنشيط حواسه التعويضية للاعتماد على نفسه في الحركة والتنقل والمشي مع المرشدين.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «جاء برنامج التدريب الإلكتروني من منطلق ضرورة فهم المجتمعات لمهنية العلاج الوظيفي بالنسبة لضعفاء البصر كخدمة مكملة لإعادة ضعف البصر كونه تخصصا مهنيا مساندا لاختصاصيي البصريات»، مشيرا إلى انعدام البنية الأكاديمية لهذه الوظيفة في ظل عدم وجود دبلومات عالية تؤهل العاملين في ذلك المجال.

وتتزامن تلك التصريحات مع انتهاء جمعية «إبصار» الخيرية أخيرا من مراجعة النسخة التجريبية للبرنامج بعد انعقاد ورشة عمل الأسبوع الماضي استمرت لمدة يومين جمعت بين الجمعية وفريق من مجموعة «نورث فيجن»، التي على أثرها تم الإعلان عن إتاحة البرنامج عبر شبكة الإنترنت للمستخدمين في نحو 22 دولة عربية بمنطقة شرق الأبيض المتوسط ابتداء من نهاية العام الحالي.

وذكر أمين عام جمعية «إبصار» الخيرية أنه تم الخروج بنتائج عدة من ورشة العمل والمتضمنة التأكيد على أن هذا المشروع مفيد جدا في ظل الحاجة الماسة إليه من أجل معالجة مشكلة انعدام المهنيين والمتخصصين في مجال العلاج الوظيفي لإعادة تأهيل ضعفاء البصر بالمنطقة.

وأضاف: «نحن بحاجة إلى تعديل بسيط في منهج تدريب التوجه والحركة لذوي الإعاقة البصرية، ولا سيما أن البيئة العمرانية المتوفرة قد تشكل صعوبة على المعاقين بصريا من حيث الاعتماد على أنفسهم في كل الأوقات فيما يتعلق بالحركة والتنقل».

وأفاد بأنه في السابق كان الهدف من التدريب على الحركة والتنقل ذاتيا مقتصرا على صاحب الإعاقة فقط، بينما أصبحت هناك أولوية لتنمية مهارة حركة المعاق مع المرشد وتدريب الآخرين على قيادة صاحب الإعاقة البصرية بشكل أكبر ريثما تتم التوعية العامة للمجتمع وإصلاح البيئة العمرانية بالمنطقة.

وزاد: «هناك عوائق كثيرة موجودة على أرض الواقع تجعل من المستحيل اعتماد المعاق بصريا على ذاته في التنقل والحركة، والتي من ضمنها وضع الأرصفة العامة وطريقة تخطيط الشوارع وعدم وعي المجتمع بحقوق المعاق في التنقل».

برنامج التدريب الإلكتروني تم تنفيذه مع منظمة «لايت هاوس» في نيويورك ومؤسسة «نورث ستار فيجن» من حيث إعداد المنهج العلمي والتصميمات الإلكترونية، على أن يتم تدشينه وإطلاقه عالميا من خلال مؤتمر البصر 2011 الذي من المزمع انعقاده بماليزيا في الفترة من 20 إلى 24 فبراير، وذلك بتنظيم من رابطة أبحاث ضعف البصر وإعادة التأهيل العالمية ومشاركة أكثر من 2000 مختص حول العالم بمجالات ضعف البصر وإعادة التأهيل.

وبالعودة إلى محمد توفيق بلو، فقد اعتبر أن ذلك البرنامج حل جذري لتوفير كادر وظيفي متخصص في مجال إعادة تأهيل المعاقين بصريا، وذلك نتيجة قلة المختصين بهذا المجال في منطقة شرق الأبيض المتوسط، الأمر الذي تسبب في ارتفاع التكلفة العلاجية وانخفاض إنتاجية هذه الخدمات، ومن ثم انعدام حصول المعاقين بصريا على التدخلات العلاجية في الوقت المناسب.

وكانت جمعية «إبصار» الخيرية قد أنهت تدريب ما يزيد عن 538 طبيب عيون واختصاصيا وفني بصريات بالتعاون مع منظمة «لايت هاوس» ضمن برنامج العمل الاستراتيجي للاستشارة والتدريب، وذلك في مجال العناية بضعف البصر بدعم من البنك الإسلامي للتنمية ومشاركة برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية «أجفند» ومستشفى المغربي. وهنا علق أمين عام جمعية «إبصار» الخيرية قائلا: «من هذا المنطلق تأكدت الحاجة الماسة لاستكمال الفريق المكمل لتقديم الخدمة والمتضمن اختصاصيي ومشرفي إعادة التأهيل، مما جعلنا نستقي فكرة مشروع التدريب الإلكتروني عن بعد للعلاج الوظيفي». ويتمثل هذا المشروع في تقديم خدمة التعليم الإلكتروني عن بعد كأول خدمة عربية لتدريب اختصاصيي إعادة التأهيل والمعاقين بصريا على ممارسة مهنة إعادة تأهيل المعاقين الآخرين من خلال معلومات ومهارات تكتسب على مدى 10 أشهر، حيث توقع القائمون عليه أن يبلغ عدد المستفيدين في الدورة الأولى منه 100 شخص من دول شرق الأبيض المتوسط المتحدثين للغة العربية.

وأما ما يتعلق بخطوات المشروع فأوضح بلو أنه بدأ التنفيذ بوضع الخطة الأولية للأهداف والمتطلبات والمادة العلمية وتحديد التمويل المطلوب للمشروع من خلال عقد 9 اجتماعات شهرية عبر الهاتف والاسكايب ما بين أمين عام الجمعية وممثلي مجموعة الـ«نورث ستار فيجن» للاستشارات وإعادة التأهيل وفريق الـ«لايت هاوس» المنفذ من نيويورك.

واستطرد في القول: «تم الانتهاء من وضع المادة العلمية للمنهج التدريبي التي تشمل أربعة مجالات رئيسية متمثلة في فقدان البصر وتأثيره الوظيفي، والوسائل البصرية لضعف البصر، ومهارات الحياة اليومية للاعتماد الذاتي، والتوجه والحركة بالتزامن مع برمجة وتصميم البوابة الإلكترونية للمشروع وتسكينها على الخادم الخاص بالـ(لايت هاوس) الدولية».

وأبان بأنه تم رفع المادة العلمية على البوابة الإلكترونية وإطلاق النسخة التجريبية منها في شهر يونيو (حزيران) الماضي، ومن ثم الاتفاق مع فريق تجريبي «beta tester» متنوع التخصصات من أجل شمولية تقييم المشروع تقنيا وثقافيا وعلميا، مضيفا: «تم اختيار 6 من الولايات المتحدة الأميركية و12 من السعودية يعملون في مجالات الحاسب الآلي والتعليم الخاص والتمريض وإعادة التأهيل والتدريب والتعليم».

ولمح أمين عام جمعية «إبصار» الخيرية بأنه بدأت المرحلة التجريبية للمشروع خلال شهر يوليو (تموز) 2010 بتقديم مجموعة «نورث ستار فيجن» دورة تنويرية للفريق عبر الاسكايب لمدة ساعة لكل فرد على حدة وذلك لتقييم مستوى معلوماتهم الفنية وشرح وتقديم الإرشادات اللازمة لوضعهم على بداية الطريق الصحيح واستخدام النسخة التجريبية وتزويدهم بكلمات العبور للدخول للبوابة الإلكترونية.

وأشار بلو إلى أن «إبصار» تعمل حاليا ضمن المرحلة المقبلة للعمل على توفير ترجمة للمشروع إلى اللغة العربية آليا، وقد تمت مخاطبة شركة «صخر» لتقديم عرض عن إمكانية تنفيذ الترجمة.

وحول الفئة المستهدفة من برنامج التدريب الإلكتروني، أكد بلو على أنه يستهدف في المقام الأول خريجي التربية الخاصة وإعادة التأهيل ومن يعمل في مجال التمريض واختصاصيي البصريات والاجتماعيين والنفسيين والمعلمين كاستهداف أساسي، إضافة إلى بعض الجهات المقدمة للخدمات العامة والمتخصصين في تدريب منسوبيها، مبينا أنه سيتم بثه عبر موقع «لايت هاوس» الإلكتروني من نيويورك بالتنسيق مع موقع «إبصار» الإلكتروني، في حين سيتم توزيع الرخص منظمة «لايت هاوس» بناء على إرشاد جمعية «إبصار» الخيرية.

وفي سياق ذي صلة، كشف أمين عام جمعية «إبصار» الخيرية للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية عن حاجة السعودية لنحو 7 مراكز إعادة تأهيل للمعاقين بصريا على الأقل في المدن الرئيسية، وذلك كحل أولي لنقص تقديم الخدمات المخصصة لذوي الإعاقات البصرية.

ولفت إلى أن نحو 15 في المائة فقط يحصلون على تلك الخدمات بالسعودية من إجمالي المعاقين بصريا والبالغ عددهم ما يقارب 500 ألف معاق من بينهم 159 ألف كفيف. وأرجع محمد توفيق بلو سبب ذلك النقص إلى عدم وجود الوعي الكافي من أجل الخروج بمخرجات ومرافق خدمية لتلك الفئة، مؤكدا انعدام وجود مقر متكامل للعناية بضعف البصر وإعادة التأهيل.

وقال: «قد تكون هناك اجتهادات من قبل بعض عيادات العيون لتقديم الفحوصات الإكلينيكية، غير أن عدم وجود طواقم عمل متكاملة بمرافقها لن يجعل هذه الاجتهادات ذات جدوى».

وطالب أمين عام جمعية «إبصار» الخيرية بضرورة استحداث قانون معتمد ومعتد به يحدد المعايير التي على أساسها يتم اعتبار الشخص من ضمن المعاقين بصريا ومن ثم الوصول إلى مستوى الخدمات التي سيتم تقديمها له. وكانت جمعية «إبصار» الخيرية قد اعتبرت نقص الموارد المالية والبشرية المتخصصة في مجال الإعاقات البصرية، عدا عن ارتفاع عدد المعاقين بصريا قياسا بالخدمات المتاحة، من شأنه أن يعوق دعم وتأهيل هذه الفئة.

وأشارت حينها إلى أن مشاريع دعم وتأهيل المعاقين بصريا تواجه غياب مساهمة قطاع الأعمال والاستثمار في التقنيات المساندة والخدمات المقدمة لهذه الفئة، إلى جانب نقص الوعي المباشر لدى أصحاب الإعاقات أنفسهم، مما يجعلهم يكتفون باعتمادهم على المجتمع دون رغبتهم في الاندماج به وخدمة أنفسهم، مشيرة إلى أن الوعي الكافي بطبيعة احتياجات تعليم وتأهيل المعاقين بصريا في كافة المجالات من شأنه أن يقضي على معظم العوائق والتحديات الفعلية، مشددا على ضرورة تسخير التبرعات من قبل الداعمين والمتبرعين في قنواتها الصحيحة والمساهمة في التنمية البشرية بشكل عام.

وأبانت أن توفر الخدمات وانتشارها يسهم في خلق الوعي وإظهار عدد حالات الإعاقات البصرية الفعلي في ظل وجود الكثير من تلك الإعاقات الناجمة عن أمراض ذات طابع وراثي، بينما لا يزال المجتمع السعودي متداخلا عرقيا. مساعد السحيمي أحد رجال الأعمال المهتمين بتأهيل ودمج المعاقين بصريا في سوق العمل، صرح في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» بأن الشركات الخاصة والمنشآت لم تستغل المكفوفين بشكل جيد في التوظيف، لا سيما أنها حصرت أدوارهم على شغل وظائف معينة، غير أن تلك الفئة تملك إبداعا من شأنه أن يبرز إذا ما تمت تهيئة مجالات أخرى لهم.

وشدد آنذاك على ضرورة تقديم الشركات الكبرى خدمات تفيد المجتمع وعدم الاكتفاء بالتبرعات المالية فقط، إلى جانب أهمية تبني مشروع يدعم أصحاب الإعاقات بشكل عام.

وفي هذا الصدد، كانت مجموعة «أسياف» الدولية القابضة للتجارة والاستثمار قد تجاوبت بشكل سريع مع ما نشرته «الشرق الأوسط» في 10 من أغسطس «آب» الماضي حول وجود نحو 500 ألف معاق بصريا في السعودية من بينهم 159 ألف كفيف، وذلك من خلال إعلانها عن تطوعها بإنشاء سلسلة مصانع يديرها مكفوفون بالكامل، تختص في مجال صناعة الملفات الورقية وأغطية المشروبات الغازية والفيوزات الكهربائية.

وأوضح محمد توفيق بلو في ذلك الوقت أن مجموعة «أسياف» الدولية القابضة للتجارة والاستثمار، تنبهت لمشكلة حجم الإعاقات البصرية في السعودية، ولا سيما أن هذه الفئة لا تدخل ضمن مخطط التنمية الاقتصادية، الأمر الذي يجعلها بعيدة عن النمو الاقتصادي.

وتحدث بلو عن الاستفادة من المعاقين بصريا ودمجهم في المجتمع حسب نوع الإعاقة، بحسبان أن هناك معاقين من ذوي القدرات فوق العادية، وأردف: «هناك من ولدوا معاقين بصريا، وهؤلاء بينهم تفاوت في مستوى الإمكانيات والقدرات».

وبين أن منهم من يكون لديه نسبة ذكاء عالية، وذاكرة خارقة للعادة ولديهم حواس تعويضية غير طبيعية، مقارنة مع الأفراد العاديين، وقال: «هؤلاء المجتمع يخسرهم عادة ويهدر طاقاتهم لعدم وجود برامج تستثمر قدراتهم الخاصة الفائقة لديهم».

وقال: «هناك مكفوفون من الذين ينخرطون في الحياة ويكملون المسيرة التعليمية وباستطاعتهم العمل في أي وظيفة تعتمد على الجانب الذهني أكثر وهذا هو الطابع النمطي مثل عملهم كمعلمين في المدارس».

ولفت إلى النوع الثالث وهو الأكبر - على حد وصفه - من المعاقين بصريا الذين هم بالأصل كانوا مبصرين ولديهم خبرات عملية خاصة أنهم كانوا على رأس العمل وبعد إصابتهم بالإعاقة فقدوا عملهم.

مؤكدا أن هذه الفئة تستطيع تأدية جميع أنواع الخدمات التي كانوا يقدمونها شريطة أن يحصلوا على برامح إعادة تأهيل حول كيفية التكيف مع الحالة وظيفيا ونفسيا واجتماعيا وهذا يتطلب برنامجا خاصا. وأضاف أن «غياب البرامج التأهيلية للفئة التي أصيبت بالإعاقة وهم على رأس العمل تضعنا أمام مشكلة كبيرة وهي التسرب من الدراسة أو العمل وذلك لنقص الوعي عند المجتمع وقلة الخدمة في الوقت الراهن».

وأشار إلى أن توفير التقنية المساندة لهم سوف تمكنهم من القيام بمهام أي نوع من الأعمال يستطيع المبصر القيام بها لكن دون أن يفرض المبصر على المعاق بصريا خريطة عمل معينة، لافتا إلى أن واجب المبصر والمجتمع تعليمه.

وفي السياق ذاته ذكر بلو أن الحل الوحيد حتى يكون المعاق بصريا فعالا في المجتمع ويتم نقله من حالة العجز إلى الإنتاج، هو وجوب تحديد نوع الفئة المعاقة بصريا التي بطبيعة الحال تنقسم إلى أطفال وشباب يندرج منها طلبة أو موظفون إلى جانب كبار السن، لكن الشريحة العظمى التي تمثل ثلثي الإعاقة تبدأ في سن الـ15 إلى سن الـ55.

وقال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»: «من المتوقع أن يبلغ حجم العائد السنوي من مصانع المكفوفين نحو 100 مليون دولار أو أكثر، في ظل وجود ما يقارب 500 ألف معاق بصريا على مستوى السعودية». بينما كشف حينها مصدر مسؤول في مجموعة «أسياف» الدولية القابضة للتجارة والاستثمار عن احتياج السعودية إلى ما لا يقل عن 10 مصانع يديرها مكفوفون بالكامل، في ظل وجود نحو 500 ألف معاق بصريا في المملكة، من بينهم 159 ألف كفيف، لافتا إلى أن هذا العدد من المصانع من شأنه أن يعمل على تغطية احتياجات تلك الفئة من المعاقين لسوق العمل.

من جهته، أكد الدكتور داود قطب، المستشار الاقتصادي لمجموعة «أسياف» القابضة، أن نجاح بلغاريا منذ عدة سنين كان حافزا لدراسة المشروع، ومن ثم دراسة إمكانية تطبيقه واقعيا، وذلك بعد أن نجحت في دمج الكثير من المكفوفين البلغاريين ونشاطاتهم ضمن القطاع الصناعي بها.

بينما علق كيفورك كابزاماليان، رئيس العلاقات الدولية في الاتحاد البلغاري للمكفوفين، قائلا: «رحب الاتحاد باستضافة فريق سعودي من جمعية (إبصار) للاطلاع على المصانع وآلية تشغيلها، ومن ثم زيارة خبراء من بلغاريا السعودية وتقديم الاستشارات والخطط التنفيذية لـ(إبصار) حتى تتمكن من تنفيذ مثل هذا المشروع».

الجدير بالذكر، أن جمعية «إبصار» الخيرية للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية كانت قد شرعت في تنفيذ دراساتها الأولية بشأن إنشاء قرية صناعية لضعاف البصر والمكفوفين في السعودية، وذلك بميزانية قد تفوق 50 مليون ريال قياسا على التجارب المشابهة في دول العالم الأخرى.

ويشار إلى أن عدد المعاقين بصريا على مستوى السعودية بلغ نحو 500 ألف معاق من بينهم 159 ألف كفيف وأن هذه الحالات في تزايد مستمر في ظل غياب المشاريع التي تدعم تلك الفئة، إضافة إلى وجود إعاقات بصرية غير معترف بها على مستوى المجتمع.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» آنذاك مصدر مسؤول في جمعية «إبصار» الخيرية للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية عن انتهاء مرحلة الدراسات الأولية خلال الشهور الثلاثة المقبلة، لافتا إلى أنه سيتم رفع ملف تلك الدراسات إلى الجهات الحكومية المعنية أواخر العام الحالي بهدف الحصول على استطلاعاتها ودعمها.

وأوضح أن هذه الفكرة ستكون رائدة إذا ما تم تبنيها فعليا من قبل الجهات الحكومية المختصة، ولا سيما أن أساس حركة النهضة في السعودية انطلق بناء على تبني المشاريع الإنسانية بفكر تنموي.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «سيشهد مشروع إنشاء قرية صناعية لضعاف البصر والمكفوفين دفعة أولى بمجرد وصوله إلى جهات الاختصاص، وخصوصا أن السعودية تعيش فترة بناء عدد من المدن الاقتصادية، إلى جانب أن الإعاقة لم تدرج بعد في المنظور التنموي الصناعي بالشكل الكلي، الأمر الذي يجعل المملكة صاحبة ريادة إذا ما تم اتخاذها في ذلك المجال».

وأشار إلى احتمالية تجاوز الميزانية المخصصة لذلك المشروع 50 مليون ريال، وذلك قياسا على التجارب السابقة في الدول الأخرى، إلا أن دراسات الجدوى الاقتصادية لم تنته حتى الآن، مبينا وجود ما يقارب 4 مجموعات صناعية من القطاع الخاص أبدت رغبتها في دعم المشروع.

وذكر أنه بعد الحصول على الدراسات الفنية والاقتصادية اللازمة سيتم اجتذاب القطاعات الخاصة ذات طابع المسؤولية الاجتماعية لتخصيص جزء من ميزانيتها في دعم هذا المشروع، على أن يعاد تشغيل الأرباح المحققة، مما يسهم في تقليص قيمة الدعم المادي وخلق خطوط وشرايين اقتصادية جديدة تحقق الدعم الذاتي للقرية الصناعية.

يأتي ذلك في وقت أعلن فيه الدكتور أحمد محمد علي، رئيس مجلس إدارة جمعية «إبصار» الخيرية للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية عن بدء التواصل مع الاتحاد البلغاري للمكفوفين، لكونه يمتلك مجموعة من المصانع المدارة من قبل هذه الفئة، مشيرا إلى تكليف مجموعة «أسياف» القابضة التي طرحت فكرة المشروع بعمل الدراسات الأولية والتواصل مع الجهات المعنية في بلغاريا باعتبارها من إحدى الدول المطبقة لتجربة إشراك قطاع خدمة الإعاقة البصرية في التنمية الاقتصادية والصناعية. وأضاف: «تجري الآن الترتيبات لتكوين فريق من (إبصار) ومجموعة (أسياف) بهدف زيارة مصانع المكفوفين في دولة بلغاريا للاطلاع عليها وعقد اجتماعات مع مسؤوليها من أجل التباحث حول نقل تجربة مصانع تشغل من قبل أشخاص ذوي إعاقة بصرية في السعودية». ولفت إلى أن تلك المشاريع ترمي إلى تحويل ذوي الإعاقة البصرية في السعودية إلى قطاع إنتاج صناعي يعود بمردود تنموي واقتصادي على المجتمع، مضيفا: «نطمح إلى أن تكون فكرة مشروع المصانع نواة لمشاريع نوعية في المنطقة العربية والعالم، بحيث يتم التوسع فيها كي تصبح قرى صناعية منتشرة في عدد من مدن السعودية والعالم العربي وتلبية جميع الاحتياجات التنموية والاجتماعية والصناعية للمعاقين بصريا وذويهم والمختصين».

وأما ما يتعلق بمكونات القرية الصناعية، فأفاد رئيس مجلس إدارة جمعية «إبصار» الخيرية للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية بأنها تضم مركزا لإعادة تأهيل ضعيفي البصر والسمع، وعيادات عيون، ومجموعة مصانع تنتج جميع المستلزمات المتعلقة بالإعاقة البصرية وخدماتها، ومتاجر لبيع منتجات الأدوات والمعدات المساندة لذوي الاحتياجات والمختصين، فضلا عن معارض لبيع النظارات، ووحدات سكنية للعاملين، ومركز صحي ومراكز تدريب للكوادر في تخصصات القرية المتنوعة، وسوبر ماركت ومطاعم ومرافق رياضية تمارس فيها جميع الألعاب التنافسية لذوي الإعاقة البصرية، إلى جانب محطة وقود.