مشروع طريق حكومي يجبر مخالفي نظام الإقامة على الرحيل من مكة المكرمة

يشق شارع المنصور الشهير بإيواء المتخلفين على مدار 5 عقود

بدء أعمال الإزالة لإقامة طريق الملك عبد العزيز
TT

كان مشروع طريق الملك عبد العزيز، الموازي من الواجهة الغربية لمكة المكرمة، بمثابة الحلم لدى الإدارة العامة للجوازات، إذ من شأنه أن يكون «عصا موسى» التي ستشق شارع «المنصور» بأكمله، أحد أكبر الأحياء التي يسكنها الأفارقة، وهو ما يعني تهجير التجمعات الأفريقية والآسيوية دفعة واحدة، تلك التجمعات التي ما انفكت تقيم لأكثر من نصف قرن في تلك الثكنات، وبازدياد مطرد. وقد استطاعت «جرافات» الوزن الثقيل أن تكشف تلك الحشود الهائلة، وتجبرها راغمة على الخروج بلا عودة.

وأوضح الرائد صالح بن ناصر القحطاني، مدير دوريات الجوازات في العاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط» أن التنمية التي تشهدها مكة المكرمة، والمشاريع التطويرية التي تقودها نحو العالم الأول، خدمت الكثير من رجال الجوازات، وقوضت من آمال المخالفين في البقاء في تجمعاتهم داخل الأحياء العشوائية، وأضحت جرافات ومعدات الوزن الثقيل التي تشق تلك الأحياء بمثابة مساعدة ومساندة للعمل الميداني اليومي في مكة المكرمة.

وأضاف القحطاني أن استفادتنا من التقنية الحديثة التي عمت تلك الأماكن انبثقت من شقين؛ أولهما أنها سهلت علينا عمليات الوصول للعشوائيات المكتظة بالمخالفين، وتجمعات السحر والشعوذة، التي عادة ما تكون صنو المتخلفين عن أنظمة الجوازات، وهم فئة مخلة بأمن البلد، والشق الثاني هو تفريغ الأعداد البشرية الضخمة التي استوطنت في العشوائيات، في بؤر تم التمركز فيها منذ قرابة نصف قرن، وزاد: «إن محاولة تشتيت تلك الجموع بالطرق التقليدية هي عملية صعبة ومعقدة، نظرا لترابط تلك المجموعات بعضها مع بعض، وتكوين ما يعرف بـ«العصبة»، خاصة في ظل التخلف ومشاكله؛ وذلك شيء مهم نحتاجه، وطالبنا به منذ أكثر من عشرة أعوام».

وأشار مدير دوريات الجوازات في العاصمة المقدسة إلى أن مكة زاد عدد سكانها بكثافة رهيبة، حتى أصبحنا نشهد أعدادا وكثافات بشرية ومرورية مهولة بين الفينة والأخرى، فأضحت الحاجة أكثر إلحاحا لشق تلك الثكنات، وتفريخ تلك الأعداد، وأكد أن هذه المشاريع التنموية الكبيرة، مع كل ما تتضمنه من طرق ازدواجية واسعة، تحمل في طياتها عونا لرجال الأمن والجوازات، وقال: «على الرغم من جهودنا المضنية في إخراج تلك الأعداد لأكثر من مرة، فإن نفس الكرة كانت تعود، وتظل الأعداد، ونحن نجابهها بالتنمية والتقنية، وتهيئة الكوادر، والتعامل الأمثل الذي يقود نحو القضاء على هذه الظاهرة».

وحول أبرز الأحياء التي سيهجر قاطنوها من المتخلفين، ذكر الرائد صالح، على سبيل المثال، شارع «المنصور» الشهير، الذي يعرف بأن غالبية قاطنيه من دول إفريقية وآسيوية، وأكد أن التنمية ستقضي على كل المشكلات المصاحبة للإقامة غير الشرعية، كانتشار الأدوية منتهية الصلاحية واللحوم الفاسدة، مفيدا أن المشاريع الضخمة الجاري تنفيذها في العاصمة المقدسة كشفت المنازل الشعبية المبنية بطرق غير نظامية، وسيضطر قاطنوها للخروج من تلك الأحياء العشوائية، وسيكون من الصعوبة بمكان تجمعهم في مكان واحد مرة أخرى، حيث سنقوم بعمل استراتيجيات جديدة لمواجهة تجمعات المخالفين من جديد، والعمل على الاستفادة من تجارب الماضي، بعدم السماح لهم بخلق بؤر غير نظامية جديدة.

هذا وتستنفر جوازات العاصمة المقدسة هذه الأيام جهودها في تسيير حملاتها التفتيشية للقبض على المخالفين لأنظمة الإقامة، خصوصا أن هذه الأوقات تأتي عقب موسم الحج، الذي عادة ما يفضل أفراد كثيرون من جنسيات مختلفة البقاء بعده، متخلفين عن بعثاتهم العائدة إلى أوطانهم، بعد فراغهم من أداء مناسك حجهم، معتمدين على وجودهم في العمل لدى المواطنين والمقيمين بصورة مخالفة للأنظمة، مما يجعل هذا الأمر ذا خطورة أمنية، نظرا لصعوبة إيجادهم في حال وقوع حادث أو جريمة - لا سمح الله - لأنهم في هذه الحالة يعدوا مجهولي الهوية.

ويعتبر حوش بكر في شارع المنصور، في مكة المكرمة، من أبرز البؤر الإجرامية، حيث أصبح موقعا آمنا يتخذه المقيمون بطرق غير شرعية أو مخالفو أنظمة الإقامة، ذلك أنه يقع داخل أحياء متشابكة وبيوت قديمة متلاصقة مع بعضها البعض، كما أنه يحتضن أبرز الأسواق العشوائية التي تعج بالمسروقات، وتدار بعمالة مخالفة من ذوي البشرة السوداء القادمين من القارة الإفريقية للحج أو العمرة، ثم اتخذوا من هذه المناطق سكنا دائما لهم، وحتى عندما يتم القبض عليهم، فإنهم يفارقون هذه الأحياء لفترة مؤقتة، ثم يعودون إليها.