بعد 76 يوما على الكارثة.. جدة تعود مقصدا للزوار

الخطوط السعودية أكدت الزحام على المقاعد.. وجهات مسؤولة تؤكد عودة الأوضاع إلى طبيعتها

استمرار اعمال سحب المياه من بحيرة الصواعد («الشرق الأوسط»)
TT

رغم ما تعرضت له مدينة جدة من سيول يوم الأربعاء الأسود الموافق 22 من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي أسفرت عن 123 قتيلا و31 مفقودا، إلى جانب تضرر عشرات الآلاف من المنازل والمركبات، فإنها ما زالت تحتفظ بمكانتها بين مدن السعودية الأخرى ولقبها الذي اشتهرت به «عروس البحر الأحمر».

كارثة «تسونامي جدة» كما يحلو للبعض تسميتها لم تسهم في عزوف السعوديين عن زيارتها كالمعتاد في أثناء موسم إجازة الربيع، والدليل على ذلك إضافة الخطوط السعودية 18 رحلة إضافية من الرياض إلى جدة والعكس، إلى جانب 4 رحلات ما بين جدة والدمام، وذلك ضمن خطتها التشغيلية التي شهدت إضافة 122 رحلة داخلية ودولية إضافية. وهنا علّق عبد الله الأجهر المتحدث الرسمي في الخطوط الجوية السعودية خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن جداول حركة الطائرات لم تتأثر مطلقا بكارثة جدة، لا سيما أن هناك من لا يجد مقاعد شاغرة في الرحلات القادمة إلى جدة».

وشهد مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة منذ يومين استقبال طائرة الـ«إيرباص A380» التي تعد من أكبر طائرات الركاب التي تم إنتاجها مؤخرا، وذلك في أولى رحلات خطوط الإمارات القادمة من دبي.

وبذلك يكون مطار جدة من أوائل المطارات المؤهلة لاستقبال هذا النوع من الطائرات في منطقة الشرق الأوسط، إذ عملت إدارة المطار على التهيئة لاستقبال الطائرة من خلال توفير الأجهزة الفنية والمساندة ووحدات الإطفاء والإنقاذ كافة لذلك.

وعزا آنذاك أحمد هاشم خوري نائب رئيس أول الشرق الأوسط للعمليات التجارية في طيران الإمارات اختيار جدة لاستقبال الطائرة إلى الأهمية التجارية والسياحية التي تتمتع بها وقربها الجغرافي من الأماكن المقدسة.

وأضاف: «يشكّل تشغيل الإيرباص ذات الطابقين على خط دبي - جدة دليلا واضحا على الطلب المتنامي للسفر إلى هذه الوجهة الحيوية التي تعد واحدة من أنشط الأسواق بالنسبة إلى عملياتنا، إضافة إلى أن جدة تعد أولى محطات الشرق الأوسط التي تنضم إلى شبكة (إيرباص 380)، مما يعزز مكانة كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية في صناعة النقل الجوي».

وعلى الرغم من مرور ما يقارب شهرين على كارثة جدة، فإن الجهات الحكومية ما زالت مستمرة في أعمالها بهدف إزالة تداعيات الأمطار والأضرار الناجمة عنها، بالإضافة إلى استمرار خططها التي وضعتها في أثناء الحدث، إذ تقف حتى الآن نحو ست طائرات تابعة للدفاع المدني أربع منها أساسية وطائرتان مساندتان، تحسبا لأي طارئ جديد.

وهنا، أشار اللواء طيار محمد الحربي قائد قوات الطيران في الدفاع المدني إلى أن عمل الطائرات التابعة لهم يقتصر على وقت الحدث وينتهي بانتهائه، إلا أن تلك الطائرات ما زالت موجودة في جدة حتى الآن.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تم دعم الموقف منذ وقوع الكارثة بعدد من الطائرات، التي ما زالت موجودة تحسبا لأي حالة طارئة، بالإضافة إلى وجود لجان تفقدية تتولى مهام مراقبة بحيرة الصرف الصحي وسدودها»، مؤكدا أنه لن يتم سحب الطائرات بالكامل إلا بعد انتهاء الدفاع المدني من أعماله بالكامل.

الكثير من المواطنين يؤكدون على أن مدينة جدة تبقى الأفضل بالنسبة إليهم مهما مر عليها من ظروف، راجعين سبب ذلك التفضيل إلى أسلوب حياة وصفوه بـ«البسيط»، الذي تتمتع به «عروس البحر الأحمر».

أبو أمل (أحد أهالي مدينة الرياض) استهل حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالمقولة الشهيرة «جدة غير»، غير أنه يؤكد على عدم استيعابه لما حدث بها في أثناء الكارثة، مشيرا إلى أنه بدأ في فهم ما شاهده من مقاطع مصورة بعد أيام من وقوعها.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد أي مبرر يدفعني إلى العزوف عن زيارة جدة بعد الكارثة، ما عدا تواتر الأنباء حول احتمالية انهيار سد بحيرة الصرف الصحي، غير أن التعزيزات التي قامت بها الجهات المعنية حيال ذلك أزالت كل المخاوف».

أما سامي المالكي (أحد سكان مخطط عبيد الواقع في منطقة قويزة) فيرى أن عدم وجودهم في مدينة جدة وقت وقوع الكارثة جعلهم لا يصدقون ما سمعوه من أخبار عن الأضرار التي لحقت بها.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كان شارع جاك قبل تضرره بمثابة سوق لنا، إلا أن وضعه اختلف الآن»، موضحا أن منزله لم يلحقه أي ضرر سوى بعض تسريبات مياه الأمطار من الأسقف، وذلك نتيجة وقوع المخطط على منطقة مرتفعة.

وأشار إلى أنه لا يزال يجد صعوبة في الوصول إلى منزله، غير أن الإصلاحات ما زالت مستمرة في المنطقة، إلى جانب بدء السفلتة بمخطط «المساعد» المجاور له، لافتا إلى أن معاناة المنطقة من ناحية الصرف الصحي كانت من قبل وقوع الحدث وما زالت مستمرة حتى الآن.

وفي الوقت الذي عاش فيه أهالي جدة فترة من الحزن والسخط جرّاء ما حدث، اختلفت وجهة نظر أم عبد العزيز (إحدى الساكنات في حي الصفا)، التي أكدت أنها لم تفكر مطلقا في الخروج من المدينة رغم محاولات إقناع أقاربها بمكة المكرمة.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نشأنا على مقولة (جدة أم الرخاء والشدة)، وهذا ما يجعلني أتمسك بها في جميع الأحوال»، موضحة أن «الكثير من أهالي المدينة أثبتوا أنهم الأبناء البررة بها إذ لم يتركوها في أثناء الحدث».

من جهته أكد العميد عبد الله الجداوي مدير عام الدفاع المدني في جدة على أن وضع المدينة حاليا يعد أفضل بكثير مما كانت عليه في أثناء الكارثة، إلا أن عمليات البحث والتمشيط في المناطق المتضررة ما زالت مستمرة وفق تقسيمات الدفاع المدني لها.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ وقوع الكارثة وجّه الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة بتشكيل لجنة مكونة من 16 جهة حكومية، وذلك بهدف حصوله على تقارير حول أعمال كل جهة من تلك الجهات».

وأشار إلى أن تلك اللجنة قامت منذ ما يقارب شهرا بجولة سميت «جولة اليوم الواحد»، قيّمت بها كل جهة أوضاع المناطق المتضررة بحسب اختصاصاتها، إلى جانب تحديد ما تبقى من أعمالها، مبينا أن اللجنة تعمل تحت مظلة الدفاع المدني وتنظيمات خطط الطوارئ الخاصة به.

وأضاف: «وجدنا أن نسبة جاهزية الأحياء المتضررة بلغت نحو 90 في المائة باستثناء حي الصواعد الذي تم تجهيزه حتى الآن بنسبة 70 في المائة، بالإضافة إلى إعادة معظم الخدمات بتلك الأحياء»، لافتا إلى أن العمل مستمر ببعض المناطق التي شهدت ظهور مياه جوفية بها.

وذكر أن الدفاع المدني أنهى ما يقارب 80 في المائة من أعماله في البحيرات، إلى جانب تسليم إحدى الثلاث المتبقية لأمانة محافظة جدة بهدف تجفيفها، فيما سيتم الانتهاء من أخرى خلال أسبوع من الآن، مضيفا: «إن تجفيف البحيرة التي شهدت تسريب مياه خزان التحلية سيكون صعبا، لا سيما أن الطبقة الطينية بها أصبحت مشبعة تماما بالماء، ما يحتم تركها لتجف بفعل الشمس قليلا ومن ثم يتم استكمال العمل بها».

وحول الوضع العام في مدينة جدة بعد مرور أكثر من شهرين على الكارثة التي ألمّت بها علّق مدير عام الدفاع المدني في جدة على ذلك بالقول: «لن نبالغ إذا ما قلنا إن جدة عادت إلى وضعها الطبيعي قبل الأمطار من ناحية الخدمات والطرق والكهرباء ونظافة الشوارع بدليل عودة الأسر إلى منازلها في الأحياء المتضررة»، مستثنيا من ذلك بعض الشوارع التي تحتاج إلى إعادة سفلتة، إضافة إلى بحيرة الصرف الصحي والسد الاحترازي لها.

فيما أوضح العقيد محمد القحطاني مدير إدارة المرور في جدة أنه بالإمكان رؤية التغييرات التي طرأت على جدة بعد أعمال رفع الأضرار على أرض الواقع، لا سيما أن الأماكن المتضررة اقتصرت على ثلاثة مواقع فقط.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن «إعادة الوضع إلى طبيعته كما في السابق يخص جهات حكومية أخرى، غير أن الطرق والمواقع الرئيسية تم تشغيلها من قِبل إدارة المرور فورا، والمتمثلة في طريق الحرمين ومدخل شارع جاك»، مشيرا إلى أن جهود المرور كانت تنصبّ في إبعاد أي عوائق للطرق.

وذكر أنه من الطبيعي أن لا تكون الطرق حاليا بمثل كفاءتها في السابق، لا سيما أنها تعرضت لكميات من الطمي، بالإضافة إلى المركبات التي استقرت بها بعد أن جرفتها السيول، الأمر الذي أسفر عن فقدان أجزاء من الشوارع لإنارتها وأرصفتها والخطوط الأرضية لها.

واستطرد في القول: «يعد جهاز المرور تنفيذيا مهمته تشغيل الطرق متى تم الانتهاء من تجهيزها، إلا أن استجابة جميع الجهات في أثناء وقوع الكارثة كانت سريعة، إلى جانب وجود التنسيق في ما بينها»، مبينا أن خطط إدارة المرور لم تتغير بقدر ما باتت تشهد اجتماعات مكثفة وورش عمل لتدارس ما سيحصل مستقبلا وإعادة الوضع إلى طبيعته.

وفي هذا الصدد، بدأت وزارة النقل في أعمال الإصلاحات الدائمة لطريق الحرمين الذي يعد أكثر الطرق تضررا جراء السيول، وذلك من خلال البدء في الحواجز الخرسانية بحسب ما أوضحه لـ«الشرق الأوسط» المهندس مفرح الزهراني مدير عام إدارة الطرق في وزارة النقل.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «شهد طريق الحرمين منذ وقوع الكارثة إصلاحات مؤقتة لفتحه في حينه، والمتضمنة أعمال الإسفلت المؤقت، إلا أن الإصلاحات الدائمة ستشهد إعادة الحواجز له وكشطه وسفلتته من جديد ليتم الانتهاء منه خلال ستة أشهر». وأشار إلى أن «حجم العمل في ذلك الطريق ليس سهلا وسيكون مقيدا بظروف الموقع، بالإضافة إلى أن تحويل سير الحركة المرورية يحتاج إلى تنسيق مع الجهات الأخرى المعنية». ولم تمر كارثة جدة مرور الكرام على الجهات الحكومية المعنية، وإنما كانت فرصة لتقييم كل جهة منها خططها واستخلاص سلبياتها بهدف الارتقاء بأعمالها مستقبلا واستحداث الجديد منها لمواجهة مثل تلك الكوارث.

وبالعودة إلى مدير عام الدفاع المدني في جدة فقد أفاد بأن خططهم كانت موجودة من قِبل الكارثة، بدليل وجود مندوبي الجهات الحكومية في الساعات الأولى من الحدث لدى الدفاع المدني. ولكنه استدرك: «حجم الحدث وضخامته فرض علينا إعادة النظر في الخطط والفرضيات والتنظيمات الموجودة بهدف استخراج السلبيات وتطويعها ومن ثم تحويلها لإيجابيات توضع على الورق وتعاد بشكل مختلف لمحاكاة واقع مثل ذلك أو قريب منه».

وزاد: «لا بد أن نستخلص من أي تجربة تمر بنا الإيجابيات والسلبيات لدراستها ومناقشتها بهدف معالجة الأخطاء ونواحي التقصير بها سواء من الدفاع المدني أو الجهات الأخرى».

وأبان أن خطط الدفاع المدني الحالية تركز على البحث عن المفقودين، ولن تنتهي إلا بالعثور عليهم جميعا بحسب توجيهات الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة، إذ ما زالت خطط المسح الميداني مستمرة.

وبالعودة إلى مدير عام إدارة الطرق في وزارة النقل فقد أكد أن «طريق الحرمين مصمم لاستيعاب الأمطار في ظل دراسته وتزويده بالمصبات والجسور والعبارات بشكل كاف لتصريف المياه به».

وأردف: «من المؤكد أن تتم الدراسات في حال وقوع مثل تلك الكوارث وتأثيرها مستقبلا واستحداث الجديد منها، إلا أن الخطط القائمة وُضعت وفق تصميمات تتماشى مع وجود الأودية وغيرها من الظروف التي تم أخذها بعين الاعتبار».

إلى ذلك، كشف لـ«الشرق الأوسط» المهندس عبد الله العساف مدير عام وحدة أعمال جدة في شركة المياه الوطنية عن إنشاء خزان استراتيجي بسعة مليون متر مكعب من المياه خلال العام القادم بمنطقة بريمان، وذلك ضمن الخطط الموضوعة لمدينة جدة بعد الكارثة.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع مرحلة أولى من أربع مراحل مستقبلية، على أن تصل سعتها في مجملها إلى ستة ملايين متر مكعب من المياه لخدمة مدينة جدة في حالات الطوارئ».

وأعلن عن ترسية خط رئيسي في القريب العاجل من بحيرة الصرف الصحي إلى محطة المعالجة في المطار، البالغ طوله نحو 25 كيلومترا، لافتا إلى أن هذا المشروع سيرى النور في القريب العاجل.

وأضاف: «جارٍ العمل على استكمال مشروعات تمديدات خطوط الصرف الصحي الرئيسة والثانوية للأحياء المخططة والمعتمَدة من قِبل أمانة محافظة جدة، بالإضافة إلى وجود تنسيق مع الأمانة بخصوص المناطق العشوائية والواقعة في بطون الأودية»، مشيرا إلى أن المياه الوطنية في انتظار توصيات اللجنة المتخصصة لدراسة العشوائيات وبطون الأودية والتي من المتوقع صدورها خلال الأيام العشرة المقبلة.

وأفاد مدير عام وحدة أعمال جدة في شركة المياه الوطنية بأنه تم تنظيف وتعقيم ما لا يقل عن ألف خزان مياه منزلي في منطقة قويزة والأحياء المتضررة المجاورة لها ضمن الخطط التي طُبّقت في أثناء كارثة جدة، إضافة إلى تزويد تلك المنازل بأكثر من ألف صهريج لمياه الشرب مجانا. واستطرد: «انتهينا في أثناء كارثة جدة من إصلاح جميع أنابيب المياه التي تأثرت خطوطها جرّاء السيول في ظل تجاوز عدد الانكسارات بها 600 انكسار»، مؤكدا «عودة ضخ المياه الآن إلى طبيعته».

ومن المؤكد أن تداعيات سيول الأربعاء التي أصابت جدة صرفت أنظار الكثير من الناس عن متابعة استمرار مشروعات الاختناقات المرورية في المدينة، خصوصا أن تلك الفاجعة كانت سببا في نسيان مشكلات زحام الشوارع التي كانت في يوم من الأيام محورا أساسيا لأحاديث المجالس.

وفي هذا الصدد، افتتحت أمانة محافظة جدة أول من أمس خامس مشروعات خطة فك الاختناقات المرورية في المدينة، وقامت بالتشغيل التجريبي لمشروع تقاطع شارع حراء مع المكرونة أمام عبور السيارات.

وأوضح المهندس سعيد با فهيد مدير عام الجسور والأنفاق في أمانة محافظة جدة أن المشروع المقام على تقاطع شارع حراء مع المكرونة باتجاه الشمال والجنوب على اتجاهين كل منهما 3 مسارات تبلغ تكلفته 18 مليون ريال، لافتا إلى أنه يهدف إلى الإسهام في القضاء على مشكلة النقل وتحقيق السيولة المرورية بشوارع مدينة جدة.

وأشار إلى أنه تم الانتهاء من الأعمال الإنشائية للجسر منذ 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إضافة إلى البدء في أعمال التحسينات والتعديلات وتهيئة الشوارع والأرصفة في محيط الجسر قبل وبعد مداخله ومخارجه بعد اكتمال الأعمال فيه.

وأضاف: «تم افتتاح التقاطع تحت الجسر للحركة المرورية بتاريخ 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك بعد التنسيق مع إدارة المرور، بالإضافة إلى تشغيل الجسر بشكل تجريبي والوقوف على الطبيعة لرصد أي ملاحظات تتعلق بالسلامة المرورية»، مؤكدا على الانتهاء من تنفيذ الملاحظات كافة. وأفاد أن الشركة المنفذة اتخذت كل الإجراءات التي تضمن تلافي أي اختناقات مرورية في أثناء تنفيذ المشروع، وذلك في ظل رسم خريطة لمرور الشاحنات العملاقة التي تحمل المعدات الخاصة بالعمل فيه، وقصر مواعيد مرورها بعد منتصف الليل فقط، إلى جانب وضع خطة تعاونية بين الشركة المنفذة والمرور بما يكفل تسهيل السير في الطرق المرتبطة بمشروع الجسر الجديد.

وذكر أنه تم إلزام المقاول بتقديم خطة لتحويل حركة المركبات وفق دراسة مرورية من مكتب متخصص يستخدم نماذج المحاكاة بعد استخلاص الأحجام المرورية على التقاطعات والوصلات وتقديم البدائل التي توضح وضع التقاطع قبل وبعد الإقفال والمسارات المقترحة واللوحات الإرشادية ونواحي السلامة المرورية الواجب توافرها خلال عملية التشييد، مبينا أن تلك الدراسة تسهم في التخفيف من تأثير وجود النفق لا المنع، لا سيما أن الطاقة الاستيعابية للتقاطع ستقل حسب المسارات المستقطعة من الطريق. وما زالت أمانة جدة مستمرة في تصريف مياه السد الاحترازي لبحيرة الصرف الصحي، والتي بدأت بها يوم الثلاثاء الماضي، وذلك من خلال مجرى السيل الشمالي إلى البحر مباشرة.

وتتمثل تلك العملية في تصريف المياه الموجودة بين السدين الاحترازي وحي السامر، والموجودة في مسافة يصل طولها إلى نحو 11 كيلومترا مربعا، إضافة إلى إزالة العقوم الترابية بها وسحب المياه المتجمعة خلفها، ومن ثم فتح عبارات السد الاحترازي لبحيرة الصرف الصحي بطريقة مقننة.

وكان مصدر مسؤول في أمانة محافظة جدة أكد لـ«الشرق الأوسط» في ذلك الوقت أن الأمور تسير دون أي مشكلات، إلى جانب وصول المياه للبحر عبر القناة بشكل طبيعي، مضيفا أن «الضخ مستمر على مدار اليوم، إضافة إلى العمل على متابعة المنطقة المكشوفة من مجرى السيل والمتضمنة عمليات الرش والتعقيم وغيرها».

من جهته، صرح لـ«الشرق الأوسط» حسين باعقيل رئيس المجلس البلدي في جدة آنذاك عن بدء التصريف من السد الاحترازي إلى سد حي السامر عبر مجرى، ومن ثم يتم تحويل المياه عبر مضخات إلى مجرى السيل الشمالي المبطن لرفعها بعد ذلك إلى البحر.

وأضاف: «سيتم قياس مدى تحمل مجرى السيل الشمالي لكميات المياه، إلا أنه من المتوقع ضخ ما بين مليون ومليوني متر مكعب منها يوميا»، لافتا إلى بلوغ كمية المياه الموجودة خلف السد الاحترازي نحو 13 مليون متر مكعب.

من جانبه أبدى الدكتور طارق فدعق عضو مجلس الشورى ورئيس المجلس البلدي بجدة في دورته السابقة تخوفه من مسطح مائي تَكوّن داخل سور مطار الملك عبد العزيز الدولي جرّاء الأمطار الغزيرة، وقدّر مساحته بنحو 800 متر مربع.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أي تجمعات للمياه ستتسبب في وجود كائنات فطرية أو حشرات أو غيرها، وستكون مصدرا لغذاء الطيور المهاجرة، الأمر الذي من شأنه أن يشّكل مشكلات كبيرة على الطائرات».

ولفت إلى إمكانية دخول تلك الطيور في محركات الطائرات إذا ما وُجدت بجوار مدارج المطار، مما يؤدي إلى مشكلات كبيرة جرّاء تعطل المحركات منها، لا سيما أن أوزان تلك الطيور تتراوح ما بين 3 و4 كيلوغرامات.

واستشهد على ذلك بحادثة شهدتها الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي تسببت في سقوط طائرة «إيرباص» في النهر على خلفية توقف محركاتها بعد أن سحبت إلى داخلها مجموعة من الطيور في أثناء إقلاعها.

وحول تصوره تجاه مدينة جدة بعد الكارثة علّق قائلا: «من وجهة نظري الشخصية فإن وضع المدينة ما زال حرجا في ظل وجود بحيرة السد الاحترازي التي تعد أكبر من بحيرة الصرف الصحي نفسها»، وأضاف: «قبل هطول الأمطار كانت الأرض الواقعة خلف السد الاحترازي جافة تماما، إلا أنها تحولت إلى بحيرة بمساحة 3.6 كيلومتر مربع وعمق 13 مترا، بالإضافة إلى احتوائها على ما يقارب 10 ملايين متر مكعب من المياه»، مشددا على ضرورة تصريفها بشكل أفضل باعتبار أن منسوبها المائي يعد عاليا.

وأبان عضو مجلس الشورى ورئيس بلدي جدة في دورته السابقة أن «خطورة تلك البحيرة ستكون حتما إذا ما تعرضت جدة لسيول أخرى، خصوصا أن مياهها قد تصل إلى الأحياء القريبة منها»، واستطرد: «كان من الأفضل استخدام مياه بحيرة السد الاحترازي في عمليات الري عوضا عن صبها في البحر، لا سيما أنها مكونة من أمطار لا مياه ملوثة، بالإضافة إلى أن تلك المياه وإن كانت نظيفة فإنها تؤثر على وضع البحر باعتبار أن له درجة ملوحة معينة»، ولكنه استدرك: «إجراء تصريفها قد اتُّخذ في حالة طارئة». وفي ما يتعلق بأعمال المجلس البلدي خلال الكارثة، أفاد الدكتور طارق فدعق بأنه منذ اليوم الأول منها وُجد فريق ميداني حتى في أثناء السيول وذلك في شارع جاك بقويزة والكيلو 14، إلى جانب بدء اللجان المعنية التابعة للمجلس في اجتماعاتها لدراسة الوضع ومتابعة الأمور.

وأشار إلى أن المجلس جمع المعلومات من قِبل تلك اللجان بعد مرور عشرة أيام على الكارثة لتقديمها ضمن جلسة طارئة، إلى جانب عقد ورشتي عمل بمشاركة نحو 20 عضو هيئة تدريس من جامعة الملك عبد العزيز بجدة من أجل الخروج بتوصيات طويلة الأمد مرتبطة بالتشريعات، وقصيرة الأمد للإجراءات الفورية، إضافة إلى متوسطة الأمد للترميمات الهندسية وغيرها.

وأكد قيام المجلس البلدي بزيارات ميدانية للمناطق المتضررة في الكيلو 14 والجامعة وقويزة، إلى جانب التنسيق مع مراكز الأحياء، موضحا في الوقت نفسه أن أعمال المجلس ما زالت مستمرة حتى الآن وفق تقارير أمانة محافظة جدة الدورية.