السجن عامين والتغريم 200 ألف ريال لمزوري تقارير المرضى النفسيين

مشروع الصحة النفسية فرض عقوبة الحبس لكل من يساعد المرضى على الهروب

الشورى قرر إعادة مشروع نظام الصحة النفسية إلى اللجنة المختصة لدراسته من جديد (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

أعاد مجلس الشورى السعودي، أمس، مشروع نظام الصحة النفسية، إلى لجنة الشؤون الصحية والبيئة، لإعادة دراسته من جديد، وذلك بعد توصل المجلس إلى قناعة بأغلبية أعضائه، عن أن هذا المشروع «لم يعطَ حقه من الدراسة».

ويأتي بحث الشورى مشروع «الصحة النفسية»، بعد تزايد تسجيل عدد الحالات المصابة بالأمراض النفسية في السعودية، وتحديدا بعد الأزمات الاقتصادية التي هزت الفرد السعودي.

ومقابل بعض الملاحظات التي رصدها معدو مشروع نظام الصحة النفسية على أداء العاملين في هذا القطاع، وما شهده خلال الفترة الماضية من قصور في الأداء، وتحايل في إخراج بعض المرضى، شدد النظام الذي سيعيد الشورى دراسته من جديد، العقوبات في حق مخالفي أحكام مشروع نظام الصحة النفسية.

وحدد مشروع نظام الصحة النفسية، السجن لمدة عامين، والغرامة 200 ألف ريال، لكل ممارس صحي يثبت تزويره تقارير المرضى النفسيين.

وكان مجلس الوزراء السعودي، قد أقر مؤخرا، إنشاء لجنة وطنية لرعاية المرضى النفسيين وأسرهم، تضم في عضويتها 14 ممثلا عن الوزارات الحكومية والجهات المختصة.

ونصت إحدى مواد مشروع نظام الصحة النفسية، الذي يقع في 30 مادة، على عقوبة «السجن بما لا يزيد على سنتين وغرامة مالية لا تتعدى 200 ألف ريال لكل ممارس في المنشأة الصحية أثبت عمدا في تقريره ما يخالف الواقع في شأن الحالة النفسية لشخص ما بقصد إدخاله المستشفى أو إخراجه منه».

وفرض مشروع النظام العقوبة نفسها «على كل من حجز أو تسبب في حجز أحد الأشخاص بصفته مصابا بأحد الأمراض النفسية في غير الأمكنة والأحوال المنصوص عليها في هذا النظام».

يشار إلى أن عدد مراجعي مستشفيات الصحة النفسية في السعودية التابعة للحكومة، اقترب من حاجز النصف مليون عام 2008، بزيادة ملحوظة عن العام الذي قبله تصل إلى 52 ألف شخص، وذلك طبقا للأرقام التي كشفتها لـ«الشرق الأوسط» وزارة الصحة.

وأعطى مشروع نظام الصحة النفسية، الذي سجل أعضاء الشورى الكثير من الملاحظات عليه «القاضي برفع عقوبة السجن عن الحد الأعلى إذا ثبت أن المجني عليه قد احتجز لمدة أكثر من سنتين وبما لا يتجاوز المدة التي احتجز فيها المجني عليه».

ونص النظام على معاقبة المكلف حراسة مريض نفسي أو علاجه أو تمريضه وأساء معاملته أو أهمله بطريقة تضره وتحدث له ألما. ويعاقب مرتكب تلك الأفعال بـ«السجن سنة كاملة ويغرم 25 ألف ريال»، وفي حال ترتب على سوء المعاملة مرض أو إصابة في جسم المريض النفسي فـ«يتم حبس المكلف مدة لا تتجاوز 3 سنوات».

وركز عقوبات صارمة مشروع نظام الصحة النفسية بشكل كبير على تحديد في حق كل من يسيء للمرضى النفسيين أو من يخالف أحكامه، وهو ما يعكس حالة القصور التي كانت تنتاب هذا القطاع.

وجعل النظام عقوبة السجن لمدة لا تزيد على 3 أشهر و50 ألفا غرامة مالية لكل من مكن شخصا خاضعا لإجراءات الدخول أو العلاج الإلزامي من الهرب أو ساعده على ذلك، وجعل النظام العقوبة ذاتها لمن رفض إعطاء معلومات لمجالس المراقبة أو لمفتشيها أو حال دون التفتيش المخول لهذه المجالس، وحبس من أفشى أسرار مريض نفسي وتغريمه 50 ألف ريال.

وحذر مشروع نظام الصحة النفسية، من «إعادة المريض النفسي إلى منزله حال تبين لفريق العلاج عدم مصلحته في العودة، ونص على تحويله هو ومن لا مأوى له من المرضى النفسيين حال انتهاء مرحلة العلاج إلى إحدى دور الرعاية الخاصة بالأمراض النفسية بحسب سنه وجنسه وظروفه النفسية والاجتماعية بشرط موافقة مجلس المراقبة المحلي للصحة النفسية».

وترى لجنة الشؤون الصحية في مجلس الشورى، مناسبة إصدار نظام الصحة النفسية بالصيغة المقترحة لتعزيز الخدمات الصحية النفسية، والإسهام في دعم متطلباتها على المستوى الوطني، وفتح مجالات للنظر في إمكانية فتح أقسام للمرضى النفسيين في جميع المستشفيات العامة والخاصة.

ويوجد في السعودية، 20 مستشفى للصحة النفسية. ويرفع مستشفى الخرج للصحة النفسية الذي يجري إنشاؤه الآن العدد إلى 21، فيما يبلغ عدد العيادات النفسية الملحقة بالمستشفيات العامة التابعة لوزارة الصحة 75 عيادة.

وتتجه وزارة الصحة السعودية، لرفع السعة السريرية لمستشفيات الصحة النفسية، من 2791، إلى 3550 سريرا.

وأوكل نظام الصحة النفسية لهيئة التحقيق والادعاء العام مهمة التحقيق والادعاء أمام الجهات القضائية في المخالفات المنصوص عليها في نظام الصحة النفسية وتتولى المحكمة المختصة تطبيق العقوبات، وينظم وزير الصحة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة الإجراءات والضوابط التي تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية والوقاية من الاضطرابات النفسية في المجتمع وقواعد وإجراءات ممارسة الطب النفسي في المنشآت العلاجية النفسية، وترك لمجلس المراقبة العام للصحة النفسية إصدار اللائحة التنفيذية لهذا النظام.

وطبقا لبيان صادر عن مجلس الشورى أمس، فإن لجنة الشؤون الصحية أجرت تعديلات على بعض مواد مشروع نظام الصحة النفسية، بعد أن درسته وناقشته من جميع جوانبه في ضوء مرئيات المختصين في الجهات ذات العلاقة من الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية والجمعيات الخيرية الذين اجتمعت بهم اللجنة أثناء دراستها مشروع النظام.

ورأى المجلس بأغلبية الأعضاء إعادة الموضوع إلى لجنة الشؤون الصحية والبيئة لمزيد من الدراسة بعد أن طالب الأعضاء عبر مداخلاتهم بأهمية إعادة دراسة المشروع لوجود عدد من الممارسات الحالية لا يشملها النظام في مواده.

وتعتقد لجنة الشؤون الصحية، بدورها، أن مشروع نظام الصحة النفسية سيدعم متطلبات هذا القطاع على المستوى الوطني من خلال مجلس للمراقبة العامة وآخر للمراقبة المحلية، تم تحديد مكوناتهما واختصاصاتهما والتزاماتهما تجاه المرضى النفسيين، إلى جانب مواد تعنى بالجوانب الوقائية والرعاية والتأهيل.

ويجادل رئيس اللجنة، بأن كثرة الأمراض النفسية تتطلب إيجاد تسهيلات إضافية وفتح مجالات للنظر في إمكانية فتح أقسام تنويم المرضى النفسيين في المستشفيات في جميع القطاعات الطبية والعامة والخاصة، وهو ما جعل اللجنة تفرد لها توصية مستقلة.

وتشير إحصائيات وزارة الصحة، التي شملت مستشفيات الصحة النفسية والأقسام والعيادات الملحقة بالمستشفيات العامة، إلى أن عدد المراجعين الجدد والمترددين على تلك المستشفيات، بلغ 384 ألف مراجع، قبل عامين، ليرتفع العدد إلى 436 ألفا عام 2008.

وكانت الحكومة السعودية، قد تبنت قرارا بإنشاء جمعية وطنية لرعاية المرضى النفسيين، يعتقد بأنها ستقوم بدور تكاملي بين جميع الأجهزة الحكومية، في كيفية التعامل مع الحالات المسجلة، إذ تضم في عضويتها ممثلين عن وزارات: الداخلية، والتربية والتعليم، والشؤون الإسلامية، والعدل، والخدمة المدنية، والتعليم العالي، والشؤون الاجتماعية، والثقافة والإعلام والصحة.

كما تحتوي هذه اللجنة، التي سيخصص لها برنامج مستقل في ميزانية وزارة الصحة، ممثلين عن كل من: الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهيئة حقوق الإنسان، ومجلس الغرف التجارية الصناعية، والجمعية السعودية للطب النفسي، وجمعية متخصصة في البر والأعمال الخيرية.

ومن المنتظر أن تتولى لجنة رعاية المرضى النفسيين، طبقا لقرار إنشائها الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، رسم السياسات الوطنية في مجال رعاية المرضى النفسيين وأسرهم، وتحديد الأولويات اللازمة في هذا الشأن، ووضع القواعد النظامية والتنظيمية لأعمال اللجنة.

كما أنه من المقرر أن تعمل على تشجيع إنشاء الدور الإيوائية المخصصة لرعاية المرضى النفسيين، وتقديم الاستشارات الطبية والفنية والمهنية.

وستتولى لجنة رعاية المرضى النفسيين، مسؤولية التنسيق والمتابعة مع الأجهزة المعنية فيما يتعلق بتنفيذ الخطط العلاجية والبرامج التأهيلية المرسومة، لتحقيق الترابط والتكامل بين أعمالها، وتنظيم جهود الجهات الحكومية والأهلية في هذا المجال. وستعمل اللجنة، التي ستقوم بـ10 مهام، حسب تنظيمها المعلن، على إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالصحة النفسية وسبل تعزيزها، وطرق الوقاية من الأمراض النفسية، وتعزيز برنامج الدعم الذاتي للمرضى النفسيين وأسرهم ماليا وفنيا.