«السياحة والآثار» تكشف عن قرية في الدمام عمرها 1300 سنة

10 بعثات أجنبية تعمل مع باحثين سعوديين لاكتشاف مواقع أثرية

جانب من القرية الأثرية المكتشفة (تصوير: بطرس عياد).
TT

كشف الدكتور علي غبان نائب رئيس الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار، أمس، عن وجود 10 بعثات أثرية أجنبية تعمل بالتعاون مع باحثين سعوديين في عدد من المواقع الأثرية في مناطق مختلفة من السعودية.

وقال غبان: إن الأراضي السعودية تضم أكثر من 10 آلاف موقع أثري، وذلك إثر لقاء إعلامي عقدته الهيئة العامة للسياحة والآثار على هامش كشف أثري مهم، وهو قرية أثرية تضم 20 منزلا بمرافقها ومحتوياتها في مدينة الدمام.

وأكد الدكتور علي غبان أن من بين هذه البعثات الأثرية، بعثة ألمانية سعودية مشتركة تجري مسحا وتنقيبا لموقع الدوسرية بالجبيل الذي يعود إلى فترة العبيد (فترة العصر الحجري الحديث)، وقال غبان: إن مهمة الهيئة العامة للسياحة والآثار حماية هذه المواقع وترميمها وتطويرها لتصبح مواقع سياحية مفتوحة للسياح، مضيفا أن الهيئة عقدت اتفاقيات مع عدد من الجامعات السعودية لإجراء مزيد من الدراسة والبحث على المواقع الأثرية والمباني الأثرية والعمارة التقليدية.

وبين الدكتور غبان أن أعمال الحفريات والاكتشاف للموقع بدأت منذ شهرين، حيث اكتشف الباحثون في الموقع قرية أثرية مكونة من 20 منزلا وثلاثة آبار بحالة ممتازة، بحسب وصف الباحثين الأثريين، حيث وجدت منازل يصل ارتفاع بعض جدرانها إلى مترين، ويشرف على أعمال الحفر والتنقيب 7 باحثين أثريين، أربعة منهم من الباحثين في متحف الدمام الإقليمي وثلاثة باحثين تحت التدريب.

ونفى الدكتور غبان أن تكون الهيئة العامة للسياحة والآثار تعاني نقصا في الباحثين أو في قدراتها البحثية للتنقيب عن كل الآثار في البلاد، حيث قال: إن جميع مواقع البحث التي تجري دراستها واكتشافها يديرها باحثون سعوديون، ملمحا إلى أن مهمة الباحثين ليس اكتشاف كل الآثار دفعة واحدة، ولكن حمايتها من العبث، مضيفا أن العمل البحثي يعتمد على توالي الأجيال وعنايتها بالبحث الأثري.

وتم الكشف عن القرية في موقع تابع لشركة «أرامكو» السعودية شمال الراكة بالدمام، يشار إلى أن الموقع على قائمة المواقع الأثرية السعودية منذ ما يقارب 30 سنة، حيث صنف موقعا أثريا في شهر فبراير (شباط) من عام 1977، إلا أن العمل لم يبدأ فيه إلا منذ شهرين تقريبا. وتعود الفترة الزمنية للموقع إلى عصر صدر الإسلام حيث يؤكد الدكتور غبان أن أعمال الحفر والتنقيب كشفت عن آثار تعود إلى 1300 سنة، وكشفت الأعمال عن أوان فخارية وأوان من الحجر الصابوني وأوان زجاجية، وأصداف بأحجام كبيرة وعظام أسماك.

ويوضح الدكتور غبان أن المستوى الاقتصادي لسكان القرية يدل على نوع من الثراء الاقتصادي والتحضر المدني، حيث يضم كل منزل عددا من الحجرات، وكانت جدران القرية مكسوة بالجص، وأرضيات المساكن مبلطة بالجص، إضافة إلى الأواني التي تعبر عن نوع من المكانة الاقتصادية نتيجة النقوش الواضحة عليها.

وكشفت أعمال التنقيب عن مواقع لتخزين التمور على مستوى عال من الدقة، حيث خصصت حجرات من المنازل لتحويل التمر إلى دبس عبر قنوات جصية، لا زالت بحالة ممتازة، تصب في جرار مثبتة في أرضية الحجرة ليتجمع فيها الدبس، وعثر على أوان وأدوات يعتقد أنها كانت للاستخدامات الطبية.

ويتكون الموقع الأثري من ثلاث تلال رملية منخفضة في مناطق متقاربة، كل منطقة تضم عددا من المنازل، يقع على مقربة منها بئر ماء، ويقع، بالقرب من كل منزل، فرن خلف حجرة التمور، فيما يتكون المنزل من حجرة رئيسية تفتح على حجرة التمور وحجرة أو حجرتين أخريين، وتبين الزوايا ومساحات الحجرات مستوى حضاريا متقدما.

وتوقع الدكتور غبان أن تعود فترة بناء القرية إلى القرن الأول الهجري فيما استمرت الحياة فيها بحسب الدكتور غبان في حدود 200 سنة، بعدها هجرت وكستها الرمال مما حافظ عليها طيلة هذه الفترة. واعتبر الدكتور غبان أن أقرب التفسيرات أن يكون سكان القرية من قبيلة (عبد قيس) في حين يشير تقارب التلال الأثرية التي كشفت فيها المساكن أن يكون بين ساكني القرية علاقة قرابة وثيقة، نظرا لقرب المنازل بعضها من بعض، ويتابع قائلا: كانت القرية تمارس نشاطا اقتصاديا مزدهرا نظرا لكمية الآثار التي تدل على المستوى المعيشي لسكان القرية، وذلك لوقوعها على طريق القوافل أو بسبب قربها من البحر الذي كان على بعد كيلومتر من القرية. وقال الدكتور غبان: في الفترة الحالية سيكتشف الباحثون الأثريون الموقع الأثري ويدرسون آثاره ويعيدون ترميم القرية وفتحها أمام الزوار، ضمن خطة قادمة تعمل عليها الهيئة.

من جانب آخر أوضح الدكتور غبان أن الهيئة خلال الثلاثة أشهر المقبلة ستدشن ثلاثة مواقع أثرية في الأحساء، هي: قصر إبراهيم باشا، والمدرسة الأميرية وقصر البيعة، وتعمل على ترميم قلعة تاروت وتحويل العيون في جزيرة تاروت إلى مواقع سياحية بالتعاون مع أمانة المنطقة الشرقية.

ولخص غبان مهمة الهيئة العامة للسياحة والآثار بأنها تعمل على حمايتها من الزحف العمراني والزراعي والعبث البشري.

وكشف عن توجه للهيئة لإقامة خمسة متاحف إقليمية في كل من الدمام والباحة وحائل وتبوك وأبها، تضم هذه المتاحف قاعات متعددة تحكي آثار هذه المناطق لفترة ما قبل التاريخ وفترة التاريخ الإسلامي والآثار الشعبية للمنطقة.