مليار ريال لدعم حركة البحث العلمي في السعودية.. خلال 3 عقود

قدمتها «العلوم والتقنية» لدعم ما يزيد على 2600 بحث.. و1200 بحث لطلبة الدراسات العليا

لقطة تعود لعام 2009، لباحثين من الجانب السعودي والأميركي خلال تحليل بيانات مسبار الجاذبية الذي يتوقع أن تظهر نتائجه هذا العام («الشرق الأوسط»)
TT

اقترب مجمل ما أنفقته السعودية، على دعم حركة البحث العلمي، لحاجز المليار ريال، صرفت على مدار 3 عقود، وسط توقعات بمزيد من الإنفاق وخصوصا في ظل ثورة التكنولوجيا والمعلومات التي تعيشها الرياض، تدعمها معامل أبحاث خاصة بتقنية النانو وأبحاث الطاقة الشمسية.

وقالت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية: إنها «قدمت خلال ثلاثة عقود مضت دعما قدره 968 مليون ريال لما مجموعه 2667 بحثا من مجمل الأبحاث التي وصلت إليها، وذلك في عدة مجالات شملت: الزراعية والطبية والهندسية وعلوم الأساس والعلوم الإنسانية، فضلا عن 1241 بحثا لطلبة الدراسات العليا».

وطبقا للتقرير الذي أصدرته «المدينة» وحمل عنوان «برامج المنح البحثية: الإنجازات والمردود»، فقد استهدفت «المدينة»، من خلال برامج المنح البحثية التي تقدمها، دعم البنية التحتية للبحث العلمي في المملكة، وبناء القدرات الوطنية والكوادر البحثية، ومعالجة المشكلات والمعوقات التي تواجه خطط التنمية، فضلا عن إيجاد القاعدة العلمية التي تساعد على اتخاذ القرارات والريادة في المجالات التي تحقق للمملكة مزايا نسبية.

وقد عملت «المدينة» على تطوير وتحديث قواعد المعلومات العلمية والتقنية لتتولى مهمة تزويد المؤسسات العلمية ومراكز البحوث والجهات المستفيدة بما يتوفر من معلومات عن الأبحاث والباحثين بالمملكة، وذلك من خلال قاعدة الأبحاث السعودية (قبس) التي بلغ عدد الجهات المشتركة فيها 40 جهة حكومية، فيما بلغ عدد المستفيدين من خدماتها ما يزيد عن 25000 مستفيد.

ويشكل نشر «المدينة» نتائج الأبحاث المدعمة ليستفاد من نتائجها واستثمارها على الوجه المطلوب، جانبا مهما يضمن عدم هدر هذه الثروة الوطنية، ويحقق الأهداف التي من أجلها دعمت هذه البحوث، ومن أبرز هذه الوسائل توزيع أقراص مدمجة تحتوي على نتائج البحوث وأثرها على الجهات المستفيدة، ونشر الأبحاث الجارية والمنتهية في قاعدة «قبس» على شبكة الإنترنت، ونشر النتائج النهائية على هيئة إصدارات علمية وتوزيعها على الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى عقد اللقاءات العلمية وورش العمل المتخصصة لمناقشة نتائج البحوث.

وفي شكل آخر من أشكال الدعم، اهتمت «المدينة» بتشجيع الأنشطة البحثية المتميزة، وتحسين جودة الأبحاث، والارتقاء بنوعية النتائج، وزيادة فرص الاستفادة منها، حيث عملت على تكريم البحوث المتميزة والمدعمة من قبلها ذات النتائج العلمية العالمية التي تثري المعرفة الإنسانية بالاختراعات والاكتشافات، وفي هذا الصدد حازت بعض البحوث المدعمة على 11 جائزة عالمية وإقليمية ومحلية.

وساهمت نتائج البحوث المدعمة في المجالات المذكورة مساهمة فاعلة في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ ففي مجال تنمية الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، ساعدت نتائج البحوث في تحديث أساليب الزارعة وتقويم التقنيات الجديدة وترشيد استخدام البتروكيماويات الزراعية، فضلا عن استخدام المخلفات الزراعية في إنتاج أعلاف جديدة.

وفيما يخص مجالات تصنيع وحفظ وضمان سلامة الأغذية من التلوث توصلت البحوث التي دعمتها «المدينة» إلى مؤشرات نجاح تقنية التشعيع، التي شكلت منطلقا رئيسيا في صدور قرار مجلس الوزراء الموقر بتشكيل اللجنة الوطنية الاستشارية الدائمة لتشعيع الأغذية عام 1420هـ، وتوصلت إحدى الدراسات التي دعمتها «المدينة» إلى وجود مبالغة في استعمال المضادات البكتيرية في تربية الدواجن، الأمر الذي أفضى إلى إصدار تنظيم لاستخدام المضادات الحيوية والهرمونات في الحيوانات.

واهتمت «المدينة» في مجال الأمن المائي بالبحوث الموجهة لرفع كفاءة الري الحقلي، وتطوير أنظمة الري، وتحديد الاحتياجات المائية الحقيقية للمحاصيل المهمة، واستنباط سلالات وأصناف جديدة مقاومة للجفاف، حيث توصلت نتائج البحوث إلى خفض الاستهلاك المائي لبعض المحاصيل بنحو 25 في المائة، باستخدام نظام الري بالتنقيط تحت السطحي دون التأثير على إنتاجية أو جودة المحصول، وطور نظام آلي لجدولة مياه الري في زراعة محصول القمح مما أدى إلى توفير نحو 25 في المائة من كمية المياه المستخدمة وزيادة في إنتاجية المحصول بنسبة 10 في المائة.

ومن أهم الأبحاث التي دعمتها «المدينة» في المجال الصحي الأبحاث التي تناولت الأمراض الوراثية، حيث أسفرت نتائج هذا الدعم عن إقرار إجراء الفحص قبل الزواج، وساهمت «المدينة» في الدعم والإشراف على دراسات الأمراض المستوطنة كحمى الوادي المتصدع والملاريا واللشمانيا، ودعم مشروع الأطلس الوراثي الذي تم من خلاله دراسة استخلاص المورثات بواسطة التقنية الحيوية ودراسة وظائفها.

وفي المجال الهندسي وضعت منهجية وطنية للتأهيل المهني للمهندسين، واستهدفت الأبحاث في مجال الطاقة إدارة الأحمال الكهربائية وتخفيض فقد الطاقة الكهربائية وترشيد الاستهلاك واستخدام الطاقة المتجددة، وحُسنت خصائص الإسفلت بتغيير التركيب الكيميائي له عن طريق خلطه بالبوليمرات، وفي مجال البناء اعتمدت وطبقت مواصفات الخرسانة الجاهزة، وفي مجال البيئة اهتمت الأبحاث المدعمة بإدارة النفايات والملوثات وطرق معالجتها، ووضعت «المدينة» قاعدة بيانات متكاملة للمواد الكيميائية السامة والخطرة كمرجع رئيس للكيميائيين والعاملين في هذا المجال.

وفي مجال الكوارث الطبيعية اهتمت «المدينة» بدعم الأبحاث في هذا المجال حيث أعدت خريطة للتقسيم الزلزالي لغرض التصميم، وأعدت الأسس المبدئية للتصميم المقاوم للزلازل، إلى جانب دعم بعض الأبحاث ذات العلاقة بغزارة أنظمة السيول وتصريف مياه الأمطار في مدن المملكة المختلفة.

وفي مجال المرور كونت البحوث التي دعمتها «المدينة» النواة لتبني عدد من البرامج التطبيقية في مجال هندسة المرور التي تعنى بتخطيط متطلبات تشغيل الحركة المرورية وتصميمها، حيث نتج عن ذلك وضع دليل موحد لمواصفات تشغيل إشارات المرور، وجرى توحيد الإشارات والعلامات المرورية على الطرق داخل المدن وخارجها، وتحديد الألوان والأشكال وأنواع الرسوم والخطوط المستخدمة في اللوحات الإرشادية على الطرق السريعة، ووضع دليل موحد لمحطات الكشف الفني على المركبات الصغيرة ونظام الفحص الدوري للسيارات.

وتناولت الأبحاث التي دعمتها «المدينة» في مجال التعليم معالجة بعض العوامل المؤثرة في مسيرة التعليم بمراحله المختلفة، حيث اكتسبت الدراسة التي دعمتها «المدينة»، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، حول إعداد برنامج الكشف عن الموهوبين أهمية بالغة، إذ نتج عنها فكرة إنشاء مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، وأعدت اختبارات تحصيلية مقننة ومعاجم لغوية للطلاب والطالبات في المرحل المختلفة.

ولم تغب قضايا الأسرة والمجتمع عن اهتمام «المدينة» إذ قدمت دعما للعديد من هذه القضايا التي شغلت بال المجتمع، ومن ذلك قضية تشغيل الأطفال واستغلالهم، ومرض التوحد، إضافة إلى مجالات عمل المرأة في المجتمع السعودي.