ثورة «النانو» السعودية: 9 براءات اختراع.. وحلول لمشكلات «تحلية المياه»

عميد معهد الملك عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: ستصبح «النانوتكنولوجي» من مصادر الاقتصاد الوطني.. قريبا

معهد الملك عبد الله لتقنية النانو يعمل حاليا على حل مشكلات تحلية المياه بالتعاون مع المؤسسة العامة لتحلية المياه («الشرق الأوسط»)
TT

بتفاؤل شديد، توقع خبير سعودي في تقنية «النانو» أن تتحول الصناعات المعتمدة على تطبيقات «النانوتكنولوجي»، إلى أحد المصادر الأساسية للاقتصاد الوطني السعودي خلال السنوات القليلة المقبلة، مضيفا أن «جميع المعطيات من الأبحاث والدراسات والتطبيقات التي أجريناها تبشر بمستقبل واعد في هذه التقنية الحيوية».

وكشف الدكتور سلمان الركيان، عميد معهد الملك عبد الله لتقنية النانو في الرياض، لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه تم إنتاج «سبع براءات اختراع للمعهد منذ تأسيسه وحتى الآن، إضافة لبراءتي اختراع سيتم تسجيلهما في مجال السيلكون»، وعن الموضوعات البحثية، أفصح عن وجود أكثر من 20 بحثا متخصصا في المجالات الكيميائية والفيزيائية والطبية والزراعية، وعن عمل تطبيقات عليها، مضيفا: «ستؤدي لنتائج مهمة على الصعيد التصنيعي، وبالتالي على صعيد الاقتصاد الوطني».

وحول المشروعات الحالية لـ«النانوتكنولوجي»، يقول الركيان: «أبحاث المياه ومعالجتها ومكافحة التلوث والكشف عن مصادر مائية هي من أولوياتنا»، وأضاف: «تم تجهيز المختبرات وشراء جهاز لتصنيع ألياف النانو التي يمكن تجريب استخدامها في تحلية المياه، وتم الاتفاق بين المعهد والمؤسسة العامة لتحلية المياه على خطة في أبحاث تحلية المياه، ترتكز على أساس فتح آفاق التعاون بين المعهد والمراكز البحثية والجامعات في المملكة، وكذلك الاتصال بالمراكز العالمية المتطورة في مجال تحلية المياه، لعمل أبحاث ودراسات مشتركة لتطوير تحلية المياه وحل مشكلاتها في السعودية».

وبالتساؤل عن دوافع الاهتمام بمشروعات المياه تحديدا بالمقارنة بالموضوعات الأخرى، يقول عميد معهد الملك عبد الله لتقنية النانو: «نوليها اهتماما كبيرا نظرا لحاجتنا الماسة لها، خاصة في مجال تحلية المياه وتخفيض التكلفة المادية فيه، وقد تم تجهيز مختبرات خاصة بتحلية المياه في المعهد». وعلى الرغم من أن معهد النانو لم يكمل عامه الثالث، فإن الركيان يؤكد على المنجزات المحققة خلال هذه الفترة، قائلا «بدأنا بتكوين المجلس العلمي العالمي للمعهد الذي يضم في عضويته 12 عضوا، ثلاثة منهم حائزون على جائزة نوبل»، وأضاف: «استطعنا تجهيز معاملنا ومختبراتنا في معهد الملك عبد الله لتقنية النانو بأحدث الأجهزة العلمية المتطورة»، وعن دعم البحوث التطبيقية، يقول: «هناك أكثر من 28 مشروعا بحثيا بتكلفة إجمالية تقارب 28 مليون ريال، يشترك فيها 60 باحثا من جامعة الملك سعود، و20 باحثا من الجامعات الوطنية، و15 باحثا من جامعات عالمية مرموقة».

يذكر أن تقنية النانو هي الثورة التكنولوجية الخامسة في العالم، وقد ساعدت الاكتشافات والأبحاث فيها على تقوية صورتها واعتماد ميزانيات ضخمة لها تصل إلى مليارات الدولارات سنويا. فيما تعِد النانوتكنولوجي بتطبيقات هائلة في مجالات الفيزياء، والبيولوجيا، والكيمياء، والكومبيوتر، والطب، والفضاء، وبمفاجآت مذهلة في المستقبل، مثل صناعة أجهزة النانوكومبيوتر (الكمبيوتر فائق الصغر) ذات القدرات الهائلة، وأجهزة طبية نانوية بالغة الدقة تدخل الأجسام لرصد وعلاج الأمراض الخطيرة مثل السرطان، وصناعة سيارات وطائرات بحجم النحلة أو حبة الأرز، وكذلك في صناعة مصاعد فضائية تصل الأرض بالفضاء الخارجي لرحلات المستقبل.

و«النانو» هو جزء من المليار من وحدة القياس، فمثلا «النانو متر» يعادل واحدا من المليار من المتر، وقطر شعرة الإنسان هي 80 ألف نانومتر. عند هذا المستوى من التقنية فإن جميع الخصائص والقوانين الفيزيائية والكيميائية التقليدية لا يبقى لها وجود، فعلى سبيل المثال، أنابيب الكربون النانوية أقوى 100 مرة من الفولاذ وأخف ست مرات منه، ولذا تتميز هذه التقنية في مجالات استخدامها البشري بأن الشيء المصنوع منها أصغر وأرخص وأخف وأقدر على أداء الوظائف المنوطة به.

وهنا يعود الركيان إلى القول إن «تقنية النانو ستفتح آفاقا علمية لا محدودة في حياتنا المعاصرة، التي يتم عمل أبحاث ودراسات عليها في الوقت الراهن للاستخدام في كثير من الصناعات، وستكون ذات فائدة كبيرة للتطبيقات في كثير من المجالات الصناعية الحيوية والطبية والزراعية وفي مجالات الاتصالات والنقل والطيران وأبحاث الفضاء ومهمات البحث والاستكشاف، مما يعني أننا سندخل مرحلة جديدة في مجال الصناعات بأنواعها كافة».

تجدر الإشارة إلى أن معهد الملك عبد الله لتقنية النانو يتبع جامعة الملك سعود في الرياض، وقد صدرت الموافقة على إنشائه مطلع عام 1428هـ، ويتضمن عمل المعهد: المجالات البحثية والتطويرية والتطبيقية في مجالات الطاقة، ومعالجة المياه، والاتصالات، والطب والصيدلة، والغذاء والبيئة، وتصنيع ودراسة خصائص مواد النانو، إلى جانب النمذجة modeling والمحاكاة لتراكيب النانو، وأخيرا، المجالات التعليمية والتدريبية في النانو والمجالات الاقتصادية والصناعية والاجتماعية المتعلقة بصناعة النانو.