المصري يذهب إلى الحسين للصلاة لا إلى أهرامات الفراعنة

TT

ما أكتبه اليوم هو إضافة وتأكيد لما ورد في مقال د. مازن السديري المنشور في جريدة العرب الدولية «الشرق الأوسط» بتاريخ 25 ديسمبر (كانون الأول) 2003، بعنوان «مصر: الانسلاخ.. المستحيل». باختصار «إن مصر بالنسبة للعالم العربي كالقلب، والعالم العربي كالجسد، فلا القلب يحيا من دون جسد، ولا الجسد يحيا من دون قلب. فالتلاحم بين مصر والعالم العربي، هو تلاحم عضوي، ديني، لغوي، وحضاري، لا ينفصم مهما تقوَّل المتقولون».

إن كل الكتاب المسلمين في العشرينات والثلاثينات من أمثال طه حسين، وعبد اللطيف حمزة، ومحمد حسين هيكل، والعقاد وغيرهم الكثير، الذين تحمسوا للفرعونية ودعوا لها، ثابوا إلى رشدهم، وعادوا إلى الإسلام يمجدونه في كتاباتهم، ورموا الفرعونية وراء ظهورهم. لقد حدث جدل بيني وبين أحد اساتذتي في جامعة كاليفورنيا في السبعينات من القرن الماضي حول فرعونية مصر وإسلامها، وشدَّد هو على فرعونية مصر. فقلت له يومها بالحرف: «لنأخذ الأمور ببساطة، عندما يحضر المصري الصعيدي، او الفلاح من الدلتا إلى القاهرة، نراه يذهب إلى الحسين، والشافعي، والسيدة زينب، والأزهر للصلاة وقراءة الفاتحة، ولم نسمع عن مصري واحد ذهب إلى الأهرام وأبي الهول لقراءة الفاتحة على روح خوفو، أو رمسيس، أو توت عنخ آمون، أو كليوباترا». فهذه هي مصر المتمثلة بأبناء الصعيد والدلتا أحفاد الساميين العرب، وليس اصحاب البروج العاجية من بعض الكتاب والمفكرين الذين يجلسون في نوادي ومقاهي القاهرة يجترون أفكارهم، ويحاولون إحياء ميت قد صار ترابًا، متمثلاً بكومة من الحجارة فوق تلة من تلال القاهرة منذ أمد بعيد.

[email protected]