السيف محراث وأرض السودان واسعة

TT

الشكر دوما لواحتنا الخضراء جريدة «الشرق الأوسط» وصفحاتها مليئة هذه الايام بأخبار عالمنا العربي ابتداء باستسلام صدام حسين في العراق، ومرورا بمفاجآت الزعيم الليبي معمر القذافي بالتخلي «طوعا» عن تطوير اسلحة الدمار الشامل في بلاده.

وقد لفت نظري على وجه الخصوص في الموضوع الاخير تصريح رئيس وزراء ليبيا شكري غانم المنشور بتاريخ الاثنين 22 ديسمبر (كانون الاول) الحالي، من ان بلاده قررت طوعا التخلص من الاسلحة المحظورة دوليا بعد تقييمه للاوضاع الدولية والاقليمية! وكشف المسؤول الليبي ايضا عن ان توجه بلاده الآن منصب على تحسين الوضع الاقتصادي ومستوى دخل الفرد وتحقيق التنمية، وذلك بتحويل كل الموارد التي كانت تصرف سابقا لشراء الاسلحة للمجالات المذكورة آنفا. وختم المسؤول الليبي تصريحه بجملة رائعة وذات مضامين عميقة ـ وهو موضوع تعليقي ـ قائلا: «ليبارك الله من يحول سيوفه الى محاريث».

بصرف النظر عن الاسباب الحقيقية التي جعلت ليبيا تتراجع عن سياستها التسليحية والتي تعتبر من صميم واجباتها الدفاعية البحتة، الا ان الخطوة تعكس اتجاها براغمانيا عاما هذه الايام للتعامل مع الاوضاع الدولية الراهنة وعظة لما يدور في المنطقة من الاحداث المعروفة، وقديما قيل: العاقل من اتعظ بغيره.

ولكني سوف اذهب بمقولة رئيس وزراء ليبيا الى اتجاه اخر غير الشأن الليبي، وهو اني كسوداني ومن اقليم دارفور الجار الجنوبي لليبيا، والمضطرب احترابا هذه الايام بين ثوار دارفور والحكومة المركزية حيث تحرق القرى الآمنة هناك وتقذف المدن ومرافق المياه بالطائرات في حرب همجية مما ادى الى انسحاب المنظمات الدولية العاملة في الحقل الاغاثي نتيجة لعدم استقرار الاحوال الامنية وموت الآلاف. اجد نفسي منساقا لمقولة رئيس وزراء ليبيا واردد: دعونا نحول سيوفنا ـ وما اكثرها ـ الى محاريث ـ وما اوسع الارض في السودان.