مثلما ظهرت الصحافة بالمغرب لأول مرة في مطلع القرن العشرين انطلاقا من شمال البلاد، ومن مدينة طنجة (شمال المغرب) تحديدا، يبدو ان ثمة تجربة اخرى مجددة ومثيرة للتساؤل اختارت ان تنطلق من نفس المنطقة. انها تجربة الصحافة المجانية الناطقة بالدارجة المغربية، فقد وصلت جريدة «خبار بلادنا»، التي تصدر بالدارجة الى عددها الـ198 اخيرا. وهي جريدة متميزة على عدد من المستويات. فهي ناطقة بالدارجة المغربية، تتضمن صفحات محررة باللهجات الامازيغية الثلاث: الريفية والسوسية والشلحة. وتوزع بالمجان، «بلا فلوس»، كما هو مكتوب على غلافها.
دار النشر المالكة للجريدة تحمل نفس الاسم «دار خبار بلادنا». وهي تعود لصاحبة الفكرة الفنانة التشكيلية الاميركية المقيمة بطنجة، الينا برينتيس، التي تقول ان هدفها هو «تشجيع الرغبة في القراءة لدى الناس العاديين وتعليمهم القراءة عبر اسلوب سهل بالدارجة. وبعد ذلك سيكون بمقدورهم القراءة بأية لغة اخرى».
وتعتمد «دار خبار بلادنا» في جني الموارد المادية اللازمة للانفاق على نشاطها اساسا على التبرعات التي يقدمها اشخاص وجهات، باعتبارها منظمة غير حكومية لا تهدف الى الربح. اما العاملون بدار «خبار بلادنا» فيبلغ عددهم 10 اشخاص، بعضهم متطوعون. ويتم توزيع الجريدة الاسبوعية التي تتضمن مجموعة من الابواب السهلة الهضم والاخبار الثقافية والرياضية والحكايات الشعبية الشفوية، مجانا في عدد من المدن المغربية، وذلك في المراكز الإحسانية، ونوادي محو الامية، ومآوي النساء في وضعية صعبة ومراكز الرعاية الاجتماعية. كما تقدم الجريدة نصائح وتوجيهات صحية لشريحة معينة من القراء والقارئات بلغتها، بهدف ادماج الاشخاص الذين لم يدخلوا المدرسة قط في عالم القراءة، وفق ما تقوله برينتيس.
واضافة الى الجريدة الاسبوعية التي تصدر بشكل منتظم فان «دار خبار بلادنا»، تحاول ان تصنع لنفسها مكانة كدار نشر حقيقية، لذا اصدرت حتى الآن مجموعة من الكتب يتطرق احدها لـ«نحو الدارجة المغربة». فيما تم اصدار كتب صغيرة الحجم تتضمن قواعد اللغات او اللهجات الامازيغية الاخرى: التسوسيت والترفيت والتشلحيت، وكتاب يتضمن حكايات مقتبسة من الف ليلة وليلة بالدارجة المغربية.
اما جديد الدار فهو الدعم الذي تحظى به من قبل مجموعة من الكتاب المغاربة، الذين يساهمون في انشطتها. وهكذا اصدرت في بداية مارس (اذار) الجاري، عملا سرديا جديدا للروائي المغربي يوسف امين العلمي يحمل عنوان «تقرقيب الناب» (ثرثرة)، وهو مكتوب بالدارجة المغربية كلية. كما تم اخيرا اطلاق جائزة ادبية سنوية تمنحها «دار خبار بلادنا» لأحسن عمل قصصي بالدارجة المغربية. ويشترط قانون الجائزة ان يتجاوز عدد صفحات العمل السردي المشارك في المسابقة الستين، وان يكتب اما بالحروف العربية المشكلة او بالحروف اللاتينية.