الأحساء تتقدم في مسابقة عجائب العالم

الطريق إليها أكبر عجائبها

جبل القارة ويظهر عليه بعض المتسلقين («الشرق الأوسط»)
TT

يتسابق الأحسائيون، الذين تحتضنهم واحة زراعية هي الأكبر في السعودية، يغلب عليها زراعة النخيل، للتصويت لمحافظتهم لتصبح أبرز عجائب الطبيعة في العالم، وأبرز معالمها التي يجري تسويقها كإحدى أهم العجائب هو جبل القارة، بالاضافة لوادي صبصب الأخضر تحت الأرض، وبحيرة الأصفر الكبرى، وجبل الأربع على طريق سلوى المؤدي لقطر، وجبل الملح الكبير، ومسجد جواثا التاريخي الذي لم يبق منه سوى الأطلال، وسجن البارون العثماني تحت الأرض، وعدد من العيون الطبيعية التي تجاوزت ستة آلاف عين، لم يبق من معظمها سوى آثار درست .. وفي القرية التي تحتضن أبرز هذه العجائب، وهي قرية القارة، يجد الزائر أهم تلك العجائب التي لم يلتفت إليها أحد لتسويقها، وهي متاهات الطرق في الدخول والخروج، والوصول لمشاهدة جبل القارة.

فزائر المنطقة، الذي يقصد الطريق الزراعي المسمى طريق القرى يدخل وسط واحة زراعية متناهية الجمال، ويمر عبر قنوات المياه التي تشق طريقها، ولكنه يضطر عند كل مفرق وزاوية للتوقف أمام عربات الشبان الذين يسوقون منتجات زراعية اغلبها الرطب الذي بكّر موسمه، والتين والرمان والليمون من المزارع المجاورة، وكذلك البطيخ البلدي، وخضروات متفرقة، يضطر المسافر للتوقف عندهم من أجل السؤال عن الطريق، ليستمع إلى شروحات تفصيلية متشعبة تقوده إلى أي وجهة يختار، وغالباً فإن شرحاً واحداً لا يفي بالغرض، للوصول إلى الهدف، فالطرق تواجه غياباً للجهد البلدي الذي يرشد الجمهور، أو يضع علامات أو أسماء للقرى واتجاهات السير، فضلا عن الحاجة لإنارة الطرق، أو رصفها أو صيانتها.

ووسط زحمة شديدة شهدتها تلك القرى عشية انطلاق مهرجانات العرس الجماعي في أكثر من 17 قرية هناك، كانت السيارات تصطف لمسافات طويلة تتجه إلى أماكن الاحتفالات، أما الزائر الذي يأتي من خارج المحافظة فعليه الاستعانة بأكثر من وسيلة وصديق لكي يصل إلى هدفه.

والغريب أن الأحسائيين في المدن والقرى، متفقون على أن هناك عجائب لا حصرّ لها في منطقتهم ويجادلون لإقناع الآخرين بأهمية التصويت لها، وهذا ما حدث بالفعل، فالأحساء تتقدم في التصويت، يوماً بعد يوم، وإذا استمر الحماس فربما تُوجّت أحد أهم العجائب السبع، ولكن سيتعين على زوارها الاستعانة بمرشدين يوصلوهم لزيارة أي من تلك العجائب. فحتى الخرائط الرقمية التي تعمل عبر الاقمار الصناعية لا يمكنها التعرف على الطرق الزراعية التي توصل لقرى الأحساء.

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» أوضح رئيس بلدية محافظة الأحساء، المهندس فهد الجبير، أن فريقاً من بلدية الأحساء يعمل حاليا، على تنفيذ مشروع يقوم على وضع لوحات إرشادية ولافتات للمدن والقرى وكذلك الشوارع الرئيسية، وسوف يتم الانتهاء من المشروع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهي تعتبر مرحلة أولى، من الخطة الموضوعة لدى البلدية.

وأضاف الجبير، أن هناك مرحلة مقبلة أخرى، تعمل البلدية حاليا على ترسيتها لإحدى الشركات، من خلال المناقصة التي تتنافس عليها مجموعة من الشركات، ويعمل المشروع على وضع لوحات وإرشادات للمواقع الأثرية وأهم الأماكن في المحافظة، كذلك وضع لافتات ولوحات كبيرة على الشوراع والطرقات الرئيسية والفرعية في المدن والقرى. ويتجه العديد من الزوار من السعوديين والمقيمين لمشاهدة جبل القارة، ودخول مغاراته المشهورة، ويعتبر جبل القارة من ابرز المعالم السياحية الطبيعية في الأحساء، وأكثر المواقع التاريخية شهرة، ويقع على مساحة قاعدتها 1400 هكتار ويتكون من صخور رسوبية ويتميز بكهوفه ذات الطبيعة المناخية المتميزة، ويبلغ ارتفاع الجبل 70 متراً ويتبع الجبل رأس القارة وهو قمة صخرية وسط بلدة القارة. وتعد الطبيعة المناخية لجبل القارة واحدة من أكثر ما يثير الدهشة، فالجبل يمتاز بظاهرة انخفاض درجة الحرارة داخل الجبل صيفا وارتفاعها شتاء، وهذا التعارض بين المناخ داخل كهوف جبل القارة وخارجه، جعل الجبل على الدوام وعلى مرّ العصور يشهد العديد من الفعاليات الاجتماعية حيث يقصده أهالي القرى المحيطة منذ مئات السنين وحتى ظهور الكهرباء للتبرد من غلواء الصيف.

وفي الإسبوع الماضي، أقيم على سفح الجبل وبين جوانبه أحد الأعراس الجماعية التي زف فيها عشرات الشباب إلى عش الزوجية، وسط احتفالات فلكلورية استفادت من الإطلالة البانورامية لصخور الجبل في عمل لوحات فنية جميلة، كذلك أقيم داخل إحدى مغارات الجبل معرضاً تراثياً احتوى على عشرات التحف القديمة وطرق للحياة التقليدية التي كانت سائدة في الأحساء ومدن المنطقة الشرقية.

تقع الأحساء في الركن الجنوبي الشرقي للسعودية، وتغطي مساحة شاسعة من الأرض تصل إلى حوالي 530 ألف كيلومتر مربع تمثل 68 بالمائة من مساحة المنطقة الشرقية و24 بالمائة من مساحة السعودية، ومعظم هذه المساحة تضم منطقة الربع الخالي غير المأهولة، وتمثل المساحة المأهولة بالسكان والأنشطة 18 بالمائة من مساحة الأحساء، أما الواحة التي تضم 92.3 بالمائة من السكان إضافة إلى الأنشطة الاقتصادية فتبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا، وتضم الأحساء مدينتي الهفوف والمبرز، و4 مدن رئيسية فضلا عن 22 قرية وتبعد الواحة مسافة 40 كم عن الخليج العربي و150 كم جنوب الدمام و320 كم شرق الرياض، وتتميز بموقعها على الحدود الشرقية والجنوبية الشرقية للسعودية حيث تعد أقرب المناطق لدول الخليج، وتقع على الحدود مع كل من قطر والإمارات وعمان.