أثرياء الهند يعودون للريف

يقومون بركوب الجرارات الزراعية وإطعام الماشية وحلب الأبقار

تقدم كثير من شركات السياحة في المدينة رحلات إلى المناطق الريفية الآن
TT

للتغلب على ضغوط العمل الكبيرة وعلى أنماط الحياة المتسارعة في المدينة، يلجأ الهنود الأثرياء إلى قضاء العطلات مع أسرهم في المناطق الريفية وسط الطبيعة، ليستمتعوا بالطعام الذي تم طهيه على المواقد التقليدية، والخضراوات والحبوب الطازجة الآتية للتو من الحقول، وحلب الأبقار بأنفسهم ليستمتعوا بالحليب الطازج واللبن الرائب والجبن. ويسافر عدد متزايد من قاطني دلهي إلى المنازل الريفية، حيث المزارع ذات المناظر الطبيعية الخلابة التي تحيط بمقاطعتي جورجاون وفريد أباد، ليس فقط من أجل الاسترخاء، ولكن أيضا لتعريف أبنائهم على جذورهم.

ويعتقد كثير من الأطفال الذين يأتون لزيارة المنازل الريفية أن الحليب يأتي من شركة منتجات الألبان «ماذر ديري»، وأن دقيق القمح يأتي من سلسلة متاجر التسوق الهندية الكبيرة «بيغ بازار»، حيث إن سبعين في المائة من الهنود الذين يعيشون في المدن ليست لديهم أي خبرة بالحياة داخل الريف. ولا غرو أن الآباء يشعرون بأن تجربة الحياة في الريف مفيدة جدا لأطفالهم.

ويقول أشوك مالورتا، رجل أعمال من دلهي يقضي العطلة مع زوجته، وابنته التي تبلغ من العمر 21 عاما، وابنه الذي يبلغ من العمر 14 عاما داخل منزل ريفي في مزرعة سورجيفان التي تبعد 30 كيلومترا عن دلهي: «لم يركب أطفالي قط عربة تجرها الثيران، ولم يروا الأبقار تحلب. سيساعد هذا المكان أطفالنا على فهم السمات المتعددة للحياة داخل الريف التي لن يروها في أي مكان آخر».

ويشعر الابن والبنت بسعادة غامرة عند محاولة استخدام أداة طحن القمح التقليدية وعند ركوب الجرار الزراعي في المزرعة التي تبلغ مساحتها خمسين فدانا.

وتقول مونيكا أغاروال، التي تقضي عطلتها مع زوجها وأبنائها الصغار في سورجيفان، «إن هذا المكان أكثر بساطة من القرى التي بدأت تتأثر سريعا بالكثير من سمات الحياة في المدينة».

وفي الحقيقة، تقدم كثير من شركات السياحة في المدينة الآن رحلات إلى المناطق الريفية، تتراوح تكلفتها بين ثلاثة آلاف روبية وسبعة آلاف روبية لليلة الواحدة للأسرة، وذلك في محاولة منها للاستفادة من هذا الاتجاه المتنامي. كما تنظم الكثير من الشركات مؤتمراتها وبرامج التدريب والإعداد الخاصة بها في مثل هذه المنازل الريفية.

وتفضل الأسر قضاء العطلات في هذه الأماكن الطبيعية، وذلك للاستلقاء تحت أشعة الشمس على أسرة بسيطة تشتهر في الهند وجنوب آسيا عامة (مكونة من إطار خشبي مثبتة عليه أشرطة منسوجة على شكل شبكة) أمام أكواخ مبنية من الطين والقش. ولا يسمع في هذه الأماكن سوى زقزقة الطيور وحفيف الأشجار خلال فصل الشتاء القارس في الهند.

ويقول ديفين سريفاستاف، مدير مزرعة سورجيفان: «هذا المكان هو مكان ريفي خالص، يستمتع فيه قاطنو المدن بالحياة في القرية، وهو الشيء الذي لم يره معظمهم من قبل. وكثير من ضيوفي من أصحاب المهن الراقية، الذين يأتون إلى هنا للاسترخاء على الأسرة البسيطة ويشخصون بأبصارهم إلى النجوم».

ويقيم الضيوف في المنازل الريفية ويأكلون الطعام الذي تم إعداده باستخدام أفران «تشولا» الهندية. وللترفيه، تنظم مزرعة سورجيفان أنشطة، مثل ركوب الجرارات الزراعية والعربة التي تجرها الثيران وبعض الألعاب الريفية. وإلى جانب ذلك، تضم المزرعة عددا من النباتات الطبية والعطرية والأسطورية وتشرك ضيوفها أيضا في أنشطة مثل إطعام الماشية وحلب الأبقار.

وهناك ما لا يقل عن 18 مزرعة حول دلهي تقدم تجربة الحياة الريفية لقاطني المدن. ولكل مزرعة مميزاتها الخاصة بها.

وإذا افتخرت سورجيفان، التي تزرع كل شيء، بداية من القمح والخضراوات إلى البقول والزيوت والتوابل، بسحرها الريفي، فإن بوتانيكس، وهي مزرعة أخرى تقع بالقرب من بحيرة دامدا في نفس المنطقة، تصف نفسها بأنها قرية التنوع البيولوجي. وتقدم القرية، التي تقع على مساحة أربعين فدانا، لضيوفها خيارات الإقامة في أكواخ طينية وخيام وأكواخ على شكل قبة. إلا أن التميز الحقيقي في بوتانيكس هو حدائقها متعددة النباتات والأشكال، فهناك حدائق الشجيرات الصغيرة، وحدائق النباتات العطرية، وحدائق الورود، وحدائق الأعشاب، وحدائق الفراشات وغيرها من الحدائق. وتعرض صناديق نباتات الأوركيد سلالات نادرة من النباتات الآكلة للحشرات.

ولدى وصول الضيوف إلى المزرعة، يتم نقلهم إلى مكان الاستقبال باستخدام العربات التي تجرها الثيران. وأثناء الإقامة، تشرك المزرعة ضيوفها في أنشطة مثل المواقد القديمة التي تعمل باستخدام الأخشاب وإعداد اللبن الرائب وحرث الحقول وغيرها من الأنشطة. ويقول أتول فاشيث، مالك مزرعة بوتانيكس، والذي تدرب على تصميم المناظر الطبيعية والبساتين في الولايات المتحدة، «لقد قمنا بالجمع بين السياحة الريفية وسياحة البساتين، وهذا مفهوم جديد في الهند. وتتلخص الفكرة في إطلاع ضيوفنا على عجائب الطبيعة والحياة في الريف. نريد أن نعيدهم إلى عصر الأجداد». ويضيف «هناك آمال كبرى معلقة على السياحة الريفية؛ إذ إنها النمط البارز من السياحة مستقبلا».

وبالمعنى التقليدي، فإن المنازل الريفية نوع من المباني أو المنازل التي تقدم خدمات الإقامة في المناطق الريفية والزراعية حيث تكون الزراعة والنباتات البيئية المحيطة. وتعد المنازل الريفية الحديثة مكانا لممارسة الرياضة الروحية للأشخاص الأثرياء. فهم يأتون إلى هذه الأماكن في العطلات أو عندما يريدون الابتعاد عن أجواء المدينة.

وقالت الصحافية البارزة نيغار حسين، التي تقضي عطلة نهاية الأسبوع مع أسرتها الكبيرة المكونة من 11 فردا في هذه المزرعة: «تقع المنازل الريفية في ضواحي المدن أو المناطق الريفية بعيدا عن الازدحام والضوضاء والتلوث. ويعتبر استنشاق الهواء النقي والنظيف تجربة مدهشة، ويعتبر أيضا أمرا مفيدا للغاية للصحة. وتتمتع هذه المنازل بدرجة عالية من الهدوء والسكينة، حيث إنها بعيدة عن الأصوات العالية والمستمرة التي تصدرها أبواق السيارات، وتقدم مكانا لقضاء الوقت مع العائلة بعيدا عن ازدحام أماكن العمل وعن الأصدقاء وغير ذلك».