الكوريون يتغلبون على العالم في مسابقة الرسائل النصية على الجوال

في مسابقة دولية عقدت في نيويورك جائزتها 50 ألف دولار

فازت ها باللقب في المسابقة المحلية بكوريا الجنوبية في مسابقة اشتملت على 2.8 مليون متنافس من خلال كتابة نحو 7.25 رمز في الثانية (نيويورك تايمز)
TT

أصبحت، ها موك مين، تشعر مؤخرا وكأنها أحد الخارجين على القانون، وذلك بعدما أصبح زملاؤها في مدرسة اللغة الإنجليزية المكتظة بالطلاب، التي تذهب إليها في عطلة الشتاء، يغارون من تباهيها الدائم بالانتصار، فتقول، ها، بطريقة خالية من التعبير تعكس إحساس من اعتاد على الشهرة: «إنهم يأتون إلي ومعهم هواتفهم الجوالة معتقدين أنهم يستطيعون التغلب علي، فأتركهم يحاولون».

يذكر أن ها وشابا كوريا آخر يدعى، بايي ييونغ هو، قد تمكنا من التغلب على العالم بأصابعهما، حيث تغلبا معا كفريق في مسابقة دولية عقدت في نيويورك خلال الشهر الحالي لتحديد أسرع من يستطيع إرسال رسائل نصية عبر الهواتف الجوالة وأكثرهم دقة.

ومن جهته، يقول بايي (17 عاما) الذي يصبغ شعره باللون الكستنائي، والذي تخلف عن دراسته واتجه لدراسة الغناء الأوبرالي: «عندما يراني الآخرون وأنا أرسل رسائلي النصية يتصورون أنني لست سريعا إلى ذلك الحد، وأنهم يستطيعون التغلب علي، ولكنني لم أخسر مباراة حتى الآن».

ويضيف بايي، الذي تمكن من كتابة 6 رموز في الثانية في منافسة نيويورك، «إذا فكرت أسرع يمكنني أن أكتب أسرع».

جدير بالذكر أن شركة «إل جي للإلكترونيات» التي يقع مقرها في كوريا الجنوبية، قد نظمت مسابقة كأس العالم للهواتف الجوالة، التي اشتركت بها فرق، يتكون كل فريق من ثنائي، من 13 دولة، وذلك بعدما تمكنت تلك الفرق من هزيمة منافسيهم المحليين الذين بلغوا 6 ملايين متسابق، وقد تجمع المتسابقون، يسير كل منهم تحت راية بلاده، في 14 يناير (كانون الثاني) في نيويورك للمشاركة في تلك المسابقة الدولية، التي وصفت بأنها منافسة دولية للمهارات الرقمية.

وحرصا على تكافؤ الفرص، سلمت شركة «إل جي» المتسابقين هواتف جوالة متطابقة - هاتف ذو لوحة مفاتيح رقمية، وآخر ذو لوحة مفاتيح تشبه لوحة مفاتيح الحاسوب - قبل المسابقة بعدة أسابيع لكي يتمكنوا من التدرب عليها، وفي المرحلة الأولى من المسابقة، كان على المتسابقين أن يكتبوا العبارات الظاهرة على الشاشة بدقة، مع الالتزام بكتابة علامات الترقيم والالتزام بكتابة الحروف الكبيرة والصغيرة، وبالطبع الالتزام بالسرعة المطلوبة، وبغض النظر عن اللغة التي يختارها المتسابق، يتم اختيار العبارات بما يسمح بأن يكتب كل متسابق عددا مماثلا من الرموز لباقي المتسابقين.

وانطلق سباق الأصابع السريعة في 5 مسابقات مختلفة، تحت أسماء مثل «مستنقع الوحوش» و«سباق الموت»، وعندما انتهت المسابقات، أعلن عن فوز فريق ها وبايي وتم تصنيف فريقهما باعتباره أسرع كاتب للرسائل النصية في العالم، تلاه الفريق الأميركي، ثم الفريق الأرجنتيني.

وبعدما عادا ومع كل منهما جائزة مالية قدرها 50 ألف دولار، أصبح ها، وبايي أقرب ما يكون إلى أبطال، فيما أطلق عليهما الكوريون «قبيلة الأصابع»؛ أي الفتية الذين يفضلون الكتابة على الكلام مع الآخرين.

وبعدما بدأ بايي دراسة الموسيقى مؤخرا، أصبح يرسل نحو 200 إلى 300 رسالة في اليوم، فيما يتراوح متوسط عدد الرسائل التي ترسلها ها يوميا ما بين 150 إلى 200 رسالة.

وعن ذلك تقول ها، وهي تجلس إلى جانب أمها بلهجة من يدافع عن نفسه: «ذلك هو المعدل المتوسط بين أصدقائي، فهناك من يرسل 500 رسالة في اليوم».

وفي عام 2009، فازت ها باللقب في المسابقة المحلية بكوريا الجنوبية في مسابقة اشتملت على 2.8 مليون متنافس، من خلال كتابة نحو 7.25 رمز في الثانية (كان أفضل رقم حققه المشاركون في الأربعينات هو 2.2 رمز في الثانية).

جدير بالذكر، أن بايي الذي كان بطل مسابقات كوريا الجنوبية المحلية لعام 2008، والذي يكتب بمعدل 8 رموز في الثانية لم يشترك في تلك المنافسة.

وتقول ها: «يمكنني أن أكتب وأنا أتحدث وأتناول الطعام، بل حتى وأنا أشاهد التلفزيون»، وخلال اللقاء الذي أجريناه معها، وبالرغم من أنها لم تكن تمسك بالجوال، كانت تضع أصابعها في وضعية تشبه مخالب السلطعون، وكأنها تستعد للكتابة على لوحة مفاتيح وهمية، فتقول: «في المدرسة، ننظر ونصغي لمعلمينا ونحن نكتب رسائل نصية على الهواتف الجوالة التي نخفيها إما تحت المكتب وإما في جيوبنا، ومن دون أخطاء كتابية».

ومما لا شك فيه أن تلك السلوكيات عرضت ها وزميلها بايي وغيرهما من الفتية في مرحلة المراهقة إلى مشكلات جسيمة مع المدرسين الغاضبين، الذين يصادرون هواتفهم في بعض الأحيان، ولكن نصر ها الدولي عوضها إلى حد كبير عن تلك المشكلات.

وجاء فوز ها بالمصادفة البحتة، ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كانت تتجول مع أصدقائها في سوق كويكس التجارية جنوب سيول، فرأت كشكا تم نصبه للإعلان عن تلك المنافسة الدولية لشركة «إل جي»، فدخلت وهي تحلم بالحصول على تذاكر مجانية لمشاهدة السينما، أو كوبونات لشراء الهدايا، فانتهى الأمر بحصولها على جائزة مالية قدرها 17 ألف دولار.

ولكن بايي كان أكثر مكرا فيقول، عندما رأيت الإعلان عن مسابقة 2008 على شبكة الإنترنت قررت أن أشترك على الفور، لقد كان من الضروري أن يصبح لدينا مسابقة من ذلك النوع، كما أنني أردت الحصول على المال اللازم لشراء سيارة.

واستعدادا للمسابقة الدولية، كان يتدرب من خلال كتابة الملصقات التي يراها، وأي شيء آخر تقع عيناه عليه، كما أنه كان يكتب بعض مقاطع الإنجيل خلال رحلته إلى نيويورك، وكانت ها تتدرب من خلال كتابة عناوين الكتب الموجودة في مكتبتها لمدة 5 دقائق يوميا قبل أن تخلد إلى النوم، فتقول: «كلما كتبت، كلما أصبحت أسرع، ولكن المسابقة لا تتعلق بالسرعة فقط، فيجب أن تكون هادئا وألا ترتكب أخطاء».

وكانت ها قد بدأت في استخدام الجوال وهي في السنة الدراسية الرابعة الابتدائية، فيما بدأ بايي في استخدام الجوال في السنة الخامسة، وهما من المؤمنين بأهمية الرسائل النصية، حيث يعتبرانها وسيلة اتصال أكثر فعالية من المحادثات المباشرة أو الحوارات الهاتفية أو حتى البريد الإلكتروني.

فيقول بايي: «إن كتابة الرسائل النصية أفضل من الاتصال وانتظار أن يجيب عليك الطرف الآخر»، كما أن تواصلك مع الآخرين وتحية الناس الذين لم تتواصل معهم منذ فترة طويلة أمر طيب أو حتى الأشخاص الذين لا تربطك بهم صلة وثيقة، كما أن الرسائل النصية تجنبك الحرج الذي ربما تشعر به خلال المكالمات الهاتفية، لقد أصبحت الرسائل النصية هي الصيغة العصرية لكتابة الخطابات ولكنني أعترف أن هناك فارقا بين الرسائل والحوارات المباشرة».

وتقول ها: «عندما يتحدث الناس وجها لوجه يميلون للثرثرة، ولكنك إذا كتبت رسائل نصية، فيمكنك أن تفكر على نحو منطقي، لأنك تعمل على أن يكون كلامك مفهوما بأقل عبارات ممكنة».

ومن جهتها، قالت كيم يونغ سوك (46 عاما) والدة ها، كنت أتمنى أن يساهم حصول ها على اللقب الدولي في مساعدتها على الالتحاق بإحدى الكليات لدراسة الهندسة، ولكنها أكدت في الوقت نفسه أنها تنزعج عندما ترى ها تكتب الرسائل النصية في أثناء تناول الطعام أو الاستذكار، فتقول موبخة لابنتها، يجب أن تظهري بعض الاحترام للطعام الذي تتناولينه، والشخص الذي تتناولين الطعام معه، حيث إن حديث الأطفال وهم يحملون الهواتف الجوالة يبدو منافيا للأخلاق، كما أنهم يبدون مشوشين»، وتضيف السيدة كيم ، رغم أنها ترسل هي نفسها الرسائل النصية، «على الرغم من أن الجوال يعد إحدى نعم الحضارة، فإنه أحد مثالبها أيضا».

* خدمة «نيويورك تايمز»