تبحث الأجيال الجديدة من المسرحيين في تونس عن مواضيع مسرحية تشد المتفرج وتجلبه إلى الفضاءات المسرحية المنتشرة بكثرة في العاصمة التونسية. ولكن الطريق إلى المشاهد مختلف من مسرحي إلى آخر فالبعض يختار التوجه نحو العروض الفردية أو ما يعرف بالـ«وان مان شو»، والبعض الآخر يختار المسرح التجريبي النخبوي الذي يتعرض لقضايا فكرية وسياسية.
مسرحية «مائة نجمة ونجمة» جاءت لتنبش في الذاكرة الفنية والشعبية التونسية ولتكرم نجمات المسرح التونسي منذ فترة العشرينات من القرن الماضي، وهي من المرات القليلة التي يلتفت فيها المسرحي إلى تاريخ زميله المسرحي ليعرضه على المتفرج في صياغة فنية وليعرف به لدى من لم يعاصروا ذلك الزمن. المسرحية كتب نصها حمادي الحمايدي وأخرجها منير العرقي في حين أن التجسيد الدرامي كان من نصيب الممثلة المسرحية هدى بن عمر التي تقمصت كثيرا من الأدوار المسرحية النسائية من بدايات المسرح التونسي. وشاركت في هذا العمل المسرحي وجوه مسرحية شابة على غرار جمال المداني ومحمد علي دمق وسميرة بوعمود والناصر العكرمي ومحمد الصالح المداني.. كما ظهر مخرج المسرحية في مشهدين منها.
«مائة نجمة ونجمة» عمل مسرحي يأخذ من المسرح الشعبي الموجه للعموم ومن النخبوي الذي تتوفر فيه جوانب فكرية ومجالات إبداعية، وهو كذلك عبارة عن جولة في تاريخ المسرح التونسي، وتمكن من استحضار ألمع الممثلات التونسيات ونجمات المسرح منذ فترة الثلاثينات من القرن الماضي، فنانات وهبن عقودا من الزمن للفن الرابع وبقيت الذاكرة الوطنية تذكر لهم مجموع المساهمات الفنية والإبداعية طوال عقود، ومن بين الممثلات نذكر حبيبة مسيكة الفنانة التونسية، وفضلة ختمي عميدة المسرح التونسي وشافية رشدي مطربة الشمال الأفريقي وفتحية خيري ونرجس عطية ومنى نور الدين ووسيلة صبري وبشيرة التونسية وعواطف رمضان، بالإضافة إلى مجموعة من الممثلات المعاصرات على غرار جليلة بكار وناجية الورغي وحليمة داود وكوثر الباردي ونعيمة الجاني وكوثر بلحاج وآمال سفطة. وعلى الرغم من الطابع التاريخي للمسرحية، فإن المخرج تمكن من إدخال الجوانب الطريفة والأسلوب الكوميدي على كثير من الأدوار، كما أن الملابس المنتقاة تم توظيفها بشكل جيد أضاف كثيرا من الحيوية على مختلف الأدوار المسرحية. العروض المسرحية عرضت السيرة الفنية للممثلات منذ بداية المشوار الفني حتى الرحيل النهائي وذلك من خلال مشاهد وحوارات تتداخل فيها الأصوات الرجالية مع الأصوات النسائية بالإضافة إلى الأغاني التي أعتبرت أساسا للمسرحية إذ إن معظم الممثلات كن يتعاطين الغناء كذلك.
منير العرقي مخرج المسرحية قال إن «مائة نجمة ونجمة» تكرم أيضا الرجال الذين وقفوا إلى جانب الممثلات التونسيات مثل البشير المتهني الذي تزوج من شافية رشدي وشجعها على تعاطي هواية المسرح إلى جانب مجموعة من الكتاب والأدباء والصحافيين الذين نادوا بحرية المرأة ودعموا حضورها في كثير من المواقع ومن بينها المسرح.