معركة الكتاب الإلكتروني تزداد اشتعالا بين «آبل» و«أمازون»

دور النشر التقليدية تستغل التناقضات وتزيد من أرباحها

«أمازون» تزيح قائمة كتب دار «ماكميلان» عن موقعها لفترة قصيرة بعد اتفاق الأخيرة مع «آبل»، لكنها عادت وغيرت رأيها («نيويورك تايمز»)
TT

المنافسة الشديدة التي تشهدها سوق الكتاب الإلكترونية بين كبرى الشركات الأميركية المتخصصة في هذا الجانب جاءت أخيرا لصالح دور النشر التقليدية، التي قيل عنها إنها تحتضر وقد تكون في طريقها إلى الزوال بسبب التكنولوجيا الجديدة. المعركة الحالية بين «آبل» و«أمازون»، التي كانت في أساسها منافسة بين أجهزة إلكترونية جديدة طرحت أخيرا في السوق، إلا أنها انعكست بعلاقاتهما، كل على حدة، ببيوت النشر وما تطالب به الأخيرة من أسعار لكتبها، جيرتها دار نشر «ماكميلان» لصالحها. دار النشر العريقة، ومن خلال هذا التناحر التكنولوجي، تمكنت هذا الأسبوع من رفع وفرض أسعارها لأهم عناوين كتبها الرقمية على «أمازون» بعد أن وقعت اتفاقا، مع «آبل»، اشتركت فيه شركات نشر أخرى (بينغوين وهاربر كولينز وسايمون اند شوستر وهاشيتي)، تقوم ببيع كتبها الإلكترونية «أون لاين» (من خلال الإنترنت).

وكانت شركة «أمازون» قد سبقت «أبل» في تقديم قارئ الكتاب الإلكتروني من خلال جهاز «كندل». لكن «آبل» ردت بنفس القوة التي اكتسحت فيها سوق الموسيقى من خلال أجهزة مثل «آي فون» و«آي تيون»، ودخلت سوق الكتب الإلكترونية هذه المرة بجهازها «آي باد» الذي أطلقته الأسبوع الماضي، وكذلك متاجر «آي بوك». ومع هذا الاتفاق مع «آبل» فقد أبعدت «ماكميلان» أسعار كتبها الإلكترونية من خانة «الكتب المخفضة» التي حددتها «أمازون» سابقا بمبلغ 9.99 دولار من أجل خلق أكبر سوق للكتاب الإلكتروني من خلال جهاز «كندل» وانتقدتها عليه دور نشر كثيرة.

توقيع الاتفاق بين «آبل» و«ماكميلان» أثار حفيظة «أمازون»، وكرد فعل على ما حصل قامت بإيقاف بيع كتب «ماكميلان» على موقعها، بما في ذلك الكتب الأكثر رواجا مثل رواية «وولف هول» لهيلاري مانتل التي حازت جائزة بوكر للأدب الإنجليزي العام الماضي، احتجاجا على مطالبة دار النشر بعدم بيع كتبها مخفضة إلى هذا الحد، وبرفع الأسعار، لموازاة الأسعار التي اقترحتها «آبل» التي تتراوح بين 12.99 و14.99 دولار. الخطوة التي قامت بها «أمازون»، أي إيقاف بيع كتب «ماكميلان» على موقها، أغضبت كثيرا من العاملين في صناعة النشر. وبعد ساعات من خطوتها أعادت النظر في الموضوع وعدلت عن رأيها. الاعتقاد السائد حاليا هو أن «أمازون» ستقوم ببيع الكتب بأسعار موازية لأسعار «آبل»، وكما تحدده دور النشر. وقالت «أمازون» في تصريحات لصحيفة «الغارديان»: «لقد عبرنا عن عدم رضانا على خطوة ماكميلان بأن قمنا بإيقاف بيع كتب دار النشر»، لكنها أضافت في تصريحاتها للقراء «في نهاية المطاف علينا أن نقبل بما تمليه علينا دار ماكميلان التي تتمتع بقائمة طويلة من الكتب التي تحتكر نشرها، مع أننا على دراية بأن الأسعار المطلوبة عالية جدا للكتب في نسختها الإلكترونية».

وعلق بعض المراقبين قائلين إن المنافسة قد تبدو قضية محلية بين شركتين أميركيتين، إلا أنها قد تأخذ أبعادا أكبر من ذلك بكثير، ولهذا فإن دور النشر تراقب الخلاف بحذر لترى أين سيتجه في المستقبل. «ما يحدث في الولايات المتحدة له تداعياته العالمية» قال أحد المحررين العاملين في إحدى دور النشر البريطانية لصحيفة «الغارديان». ويعتقد البعض أن «أمازون» تحضر نفسها لمعركة قانونية مع دور النشر، ولهذا استعملت كلمة احتكار في ردها دفاعا عن خطوتها السابقة في إزالة كتب دار «ماكميلان» عن قائمتها لفترة قصيرة. وقال ناشر بريطاني آخر إن «أمازون» قد استعملت هذه الكلمة عن قصد من أجل استعمالها مستقبلا مع جهات تحديد الأسعار. ومن أجل هذا فإن وجهة نظرها ستكون كالتالي: «إننا نريد أن نبيع الكتب بأقل من 10 دولارات، لكن هناك اتفاقا بين دور النشر و«آبل» يمنعنا من ذلك».

اتفاق «آبل» مع دور النشر مرتبط بـ«اتفاق نيت بووك» لتسعينات القرن الماضي وكان الهدف منه المحافظة على إبقاء الأسعار عالية واعتبرته سلطات المنافسة البريطانية غير قانوني.

ويعتقد البعض أن دخول «آبل» إلى سوق النشر الإلكترونية كان رد فعل على ما قامت به بعض شركات الاسطوانات سابقا التي عقدت اتفاقا مع «أمازون» لبيع بعض أعمالها من أجل كسر سيطرة «آبل» على هذه السوق. لكن «آبل» تمكنت من إعطاء شركات الاسطوانات أسعارا أفضل مقابل إنزالها على جهاز «آي تيون». ويرى البعض أن الخلاف بين «أمازون» و«ماكميلان» هو محاولة من الأخيرة دخول سوق النشر الرقمية، قال دنكان كالو الذي يعمل في شركة «دي إل إيه بايبر» للمحاماة. وأضاف: «الخلاف الآني على الأسعار له أبعاده المستقبلية. هناك محاولة لمعرفة التوجه العام، وهل العلاقات التي تحكم النشر على الورق ستكون هي نفسها التي ستحكم علاقات النشر الرقمي»؟