الدول العربية تنتج أقل من 1% من محتوى الإنترنت باللغة العربية

نائب رئيس «غوغل» لـ «الشرق الأوسط» : تواجهنا مشكلة في عملية التعريب

TT

اعتبر «الأب الروحي» لمحرك البحث العالمي «غوغل» أن المحتوى العربي على شبكة الإنترنت أقل بكثير من المطلوب، في حين أن نسبة التشبع بالإنترنت على الصعيد العالمي تقدر بنحو 17 في المائة، مؤكدا سعيه الحثيث لتعزيز التواصل مع المستخدمين الناطقين باللغة العربية في المنطقة.

وفي لقاء مع فينتون سيرف نائب رئيس «غوغل» ورئيس تسويق الإنترنت في الشركة الملقب بـ«الأب الروحي» للإنترنت خص به صحيفة «الشرق الأوسط» ليخاطب من خلالها العالم العربي أكد «أننا نسعى جاهدين في غوغل لتعزيز التواصل مع المستخدمين الناطقين باللغة العربية في المنطقة، ونعمل على تحقيق ذلك من خلال أمرين، الأول هو فسح المجال أمام المستخدمين العرب لطرح أسئلتهم واستفساراتهم باللغة العربية، والأمر الثاني توفير إصدار باللغة العربية من كافة المعلومات والبيانات التي نوفرها، وقد اعتمدنا في ذلك على أدوات الترجمة الآلية بدلا من العنصر البشري في الترجمة».

ولكن هناك مشكلة كما يكشف الأب الروحي للإنترنت عنها قائلا «تواجهنا مشكلة في عملية الترجمة الآلية تتمثل بأنها تعتمد على التقنية الإحصائية، وذلك من خلال تجميع وتحليل الكثير من الوثائق التي تحتوي على بيانات الترجمة للوصول إلى ترجمة أدق في النهاية»، لكنه يؤكد أن مراحل كثيرة تم تجاوزها في هذا المجال «تمكننا في الترجمة إلى اللغة العربية من اجتياز مراحل عديدة لم نستطع تحقيقها في بعض اللغات الأخرى، (كالكورية مثلا) وسأسعى خلال زيارتي القادمة إلى المنطقة إلى تعزيز قدرات الترجمة الآلية من خلال البحث عن مصادر جيدة وقوية للتعريب».

ويوجد فينتون سيرف، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، في دبي لحضور منتدى «غوغل أرابيا 2.0» الذي سينعقد اليوم، حيث يلقي كلمة أمام المشاركين في الحدث من صناع القرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول الآفاق المستقبلية للإنترنت ومجالات الابتكار في الأسواق الناشئة.

ويركز منتدى «غوغل آرابيا 2.0»، الذي يستهدف المديرين التنفيذيين والمسؤولين الحكوميين، على التعريف بالآفاق المستقبلية والتحديات التي تواجه المنطقة وكيفية حفز الإبداع والتنمية في فضاء الإنترنت العربي. وعن الخدمات التي تقدمها «غوغل» في منطقة الشرق الأوسط، قال سيرف «إن الشركة تولي اهتماما كبيرا بالخدمات التي تقدمها للمستخدمين في المنطقة، والمستخدمين العرب على وجه التحديد، واهتمامي الشخصي بهذا الموضوع هو أحد أسباب زيارتي القادمة إلى دبي، وسأحاول التركيز فيها على جوانب التطوير والتحسين التي يمكن أن نضيفها إلى الخدمات والمعلومات التي نقدمها في المنطقة».

ويقدم غوغل «خدمة غوغل تعريب» (Google taareeb) حيث يمكنك استخدامه عند كتابة رسالة بريد إلكتروني باللغة العربية فإذا لم يمتلك المستخدم لوحة مفاتيح عربية وأراد إرسال رسالة لصديق مثلا لا يفهم الإنجليزية جيدا، أو نشر تعليق على أحد المنتديات العربية، يمكنه بدء رسالته مثلا بـ «... Azizi Mohammad, alsalaam alaykom» وسيمنحه Google taareeb ما يوازيها بالعربية: «عزيزي محمد، السلام عليكم..».

وفيما يبدو فإن اللغة العربية شبه غائبة على محرك البحث العالمي، ويرى سيرف «أنه من المعروف للجميع أن منطقة الشرق الأوسط تنتج حاليا أقل من 1 في المائة من المحتوى على شبكة الإنترنت باللغة العربية». وهو ما يعتبره «تحديا وفرصة هامة أمام المنطقة لاتخاذ قفزة واثقة وخطوة هامة نحو اغتنام فرص وفوائد الإنترنت».

ومن وجهة نظر الرجل الذي يعتبر مرجعا وأبا روحيا للشبكة العنكبوتية وهو أهم من ساهم في ما وصل إليه «غوغل» تعتبر شبكة الإنترنت «أداة مدهشة تشجع على التدفق الحر للمعلومات وتبادل الأفكار، فضلا عن قدرتها على تطوير الأعمال التجارية دون النظر إلى الحدود الجغرافية وبالتالي تمكين المزيد من الأفراد في حياتهم اليومية». ويبدو أن مؤسسة «غوغل» كمحرك بحث عالمي باتت تدرك تماما أهمية المنطقة العربية وغناها بالفرص وفقا لسيرف، الذي يرى ذلك قائلا: «كما تعلم فإن السكان في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام يعتمدون على الهاتف الجوال بصورة كبيرة للوصول إلى المعلومات، مما يبرز أهمية الوصول إلى المعلومات عبر الأجهزة المحمولة أثناء التنقل، إذ يصبح الهاتف في بعض الأحيان بمثابة الوسيلة التي توصلك إلى المعلومة المطلوبة التي لا تمتلكها، ولا بد من تطوير هذه الخدمة بما يتناسب مع المنطقة التي يتم استخدامها فيها وهذا ما نسعى إليه».

تطوير الخدمات السابقة أمام المستخدمين في المنطقة برأي سيرف «مهم لأسباب عديدة، السبب الأول هو جعل هذه الخدمات عملية وصالحة للاستخدام في منطقة الشرق الأوسط وهو ما سينتج عنه من تطوير لأعمال الشركة في المنطقة» ويفصل بالقول بأن «تقديم معلومات محلية مفيدة يساعدنا في الحصول على عملاء جدد قد يرغبون في عرض إعلاناتهم عبر خدماتنا المتنوعة التي نوفرها في المنطقة».

ولا تقتصر جهود «غوغل» على توفير خدمات مناسبة للمستخدمين في المنطقة فيما يتعلق بموضوع التعريب، بل إن الأمر يأخذ حدودا أبعد من ذلك بكثير، فمثلا توفر «غوغل» واجهة خاصة من محرك البحث للمستخدمين في المنطقة وباللغة العربية، وهذا الإصدار من محرك البحث يقدم نتائج مختلفة عن الإصدار الأساسي باللغة الانجليزية بحيث يركز بشكل أكبر على ما هو مرتبط بالمنطقة.

وفينتون سيرف معروف حول العالم، حيث صمم مع زميله روبرت خان بروتوكولات TCP/IP والبنية الأساسية للإنترنت. وفي عام 2005، مُنح وزميله خان الوسام المدني الأعلى في أميركا، وهو الوسام الرئاسي للحرية تقديرا لأهمية عملهما على البرامج المستخدمة لنقل البيانات عبر الإنترنت التي ساهمت في وضعهما في صدارة الثورة الرقمية التي غيرت وجه التجارة والاتصالات والترفيه على مستوى العالم.

وتعتبر «غوغل»، التي تأسست عام 1998 على يد طلاب الدكتوراه في جامعة ستانفورد لاري بايج وسيرغي برين، إحدى أهم شركات الإنترنت في جميع الأسواق العالمية الرئيسية.