المنتجات التي تصنع حسب الطلب لم تعد قاصرة على الأثرياء فقط

الظاهرة تمتد لتتعدى شارع «سافيل رو» الفاخر الشهير بالخياطين

دار «مايكل أندروز» للبضائع حسب الطلب، التي تصنع الأزياء الرجالية في لور إيست سايد، والتي افتتحت عام 2008 لصنع بذلات وقمصان ذات نزعة عصرية حسب الطلب، ارتفعت مبيعاتها في 2009 بنسبة 40 في المائة عن عام 2008 (أ.ف.ب)
TT

عندما تفكر في شأن الشخص الذي يشتري ثيابا مصنوعة بمواصفات خاصة، ربما يتبادر إلى ذهنك ذلك النوع من الأفراد الذين عبر عنهم جيمس سبادر في مسرحية «ريس» الجديدة لديفيد ماميت، التي تتحدث عن محام ثري يذهب إلى خياط خاص مرة كل عام ليشتري بذلات جديدة ونصف دزينة قمصان، وقد تطلب منه كل ذلك يوما واحد. وربما لا يتطرق إلى ذهنك عشق سبادر نفسه لهذا النوع من الملابس. لكن المدهش أن سبادر قال إنه يتفق مع ماميت في حبه للملابس المختلفة، خاصة المعاطف الجلدية التي صنعها ماميت لطاقم المسرحية في شركة «لانغليتز ليزرز أوف بورتلاند» بولاية أوريغون.

وقال سبادر: «ديفيد مغرم بالأغراض البوهيمية، وأنا كذلك». وأشار إلى أنه اكتشف دار «لانغليتز» منذ عقود، فعندما كان ممثلا صغيرا وناشئا، وجد أحد معاطف راكبي الدراجات النارية في محل عتيق، ورغب في أن يحصل على معطف خاص به منذ ذلك الحين. كان مسرورا بالمعطف الجديد، لدرجة أنه طلب اثنين إضافيين وطلب صنع اثنين لأولاده من أجل أعياد الميلاد.

قد يبدو ذلك دليلا على بذخ هوليوود، لكنه في الحقيقة ليس كذلك. فربما يميل سبادر إلى جانب الخيال في الأشياء بعض الشيء، فقد طلب صنع أحذية خاصة في دار «جون لوب» وقبعات «في ورث آند ورث»، ويتعامل مع صانع قوارب يصنع قوارب الإبحار الخشبية حسب الطلب، لكنه ليس الوحيد الذي يرغب في صنع أغراض خاصة من قبل شخص حرفي. وهو ما يتضح بصورة كبيرة في البذلات المصنعة حسب الطلب. فدار «مايكل أندروز» للبضائع حسب الطلب، التي تصنع الأزياء الرجالية في لور إيست سايد، والتي افتتحت عام 2008 لصنع بذلات وقمصان ذات نزعة عصرية حسب الطلب، ارتفعت مبيعاتها في 2009 بنسبة 40 في المائة عن عام 2008.

ملابس مايكل أندروز هي التي ساعدت ترابانير في أن يصبح أكثر الرجال أناقة في أميركا العام الماضي. وقال ترابانير المشتري، صاحب مدونة الأناقة thestyleblogger.com وربما الرجل الأول الذي يستخدم كلمات «رائعة إلى حد الخيال» لوصف البذلات المصنوعة حسب الطلب: «أرسلت صورتين مختلفتين وأنا مرتدٍ لحلة من ثلاث قطع مقلمة، وصورة أخرى وأنا أرتدي حلة من صوف التويد. قد لا يرغب كثير من الأفراد في ارتداء الأشياء التي يرتديها الآخرون. لكنني طويل ونحيف، ولذلك من الصعب بالنسبة إلي شراء بذلة جاهزة على أي حال، فمع التعديلات التي ستجرى عليها تصبح أكثر كلفة. كما أن الحصول على شيء جاهز قد يبدو عليك مثل القفاز».

على الرغم من أن الملابس الفخمة تستلهم الموضة من العصر الإدواردي، فقد أدخل تريبانير، لاعب كرة السلة الجامعي، الفكرة عبر برامج للتصميم مثل «نيكيد» و«مي أديداس» أحدث ابتكارات القرن العشرين. حيث التقى الماضي بالحاضر في دفع موجة الملابس، التي من الواضح أنها تؤثر على ما يمكن للمال شراؤه. هناك كثير من الأغراض الرائعة مثل العطور التي يتم تركيبها حسب الطلب من «لي لابو»، واختيار المجموعة الخاصة من الساعات من «فاكيرون كونستانتين». وهناك كثير من مواقع التكنولوجيا المتقدمة مثل «شيرتس ماي واي»، التي يمكنك من خلالها تصميم قميص على الأسلوب الذي ترغبه من لون الياقة والأكمام والجيوب. وهناك أيضا مواقع التقنية البسيطة مثل «بيردويل بيتش بريتشز»، حيث يمكنك تصفح صفحة طويلة لتقرر صنع شورت ممارسة الرياضة من مجموعة متنوعة من الألوان والأقمشة والخيارات الأخرى.

جزء من الشغف بالملابس المصنوعة حسب الطلب هي أنها تنقل الخبرة والمعرفة التي كانت حكرا على مدى فترة طويلة على الرجال. لكن تلك المنطقة التي كانت من قبل منطقة حكرا على نوعية معينة من الزبائن الأثرياء، بذلات «سافيل رو» وأندية الغولف والسيجار، بدأت تضم الآن الشباب الحاملين لألواح التزلج على الماء والأحذية القماشية وألواح التزحلق (وقد اشترى جوني ديب، صانع موضة، إن جاز أن يكون هناك شخص كذلك، ثلاثة ألواح تزلج مصنوعة حسب الطلب من شركة «باستن بوردز» في بروكلين).

علاوة على ذلك، فالأغراض المصنوعة حسب الطلب دائما ما تكون أرخص من تلك التي صنعت من خيال المصمم. فلوح تزلج على الماء يتحلى بالجمال والطول مصنوع بمهارة من قبل صانع موهوب بألوان الستينات يباع بـ1.25 دولار في محلات «مولساك سيرف» في بروكلين. أما متجر «سوهو كيرنا زابيتي» فيبيع لوح تزلج على الماء مقابل 2.995 دولار.

بيد أنه في بعض الأحيان تكون القطعة التي صممت على يد مصمم أكثر أمانا. فالنمو الكبير لصناعة الأغراض حسب الطلب أدت إلى تقوض كثيرا من الشروط الضرورية لمعرفة ما ستحصل عليه في النهاية. فكلمة «حسب الطلب» تشير إلى غرض تم طلبه بألوان مختلفة أو تشطيبات بمواصفات خاصة. أما «مصنوع حسب المقاس» فتعني صنع شيء جديد من القماش نفسه، لكن مناسبة لمقاس شخص بعينه ومواصفات خاصة. لكن الشروط غالبا ما تستخدم دون تمييز، وهو ما يؤدي على الأغلب إلى حالة من الارتباك.

هناك عدد من النقاط العالقة أيضا. فبعض الرجال غالبا ما ينكرون مقاس الوسط الحقيقي. وتقول إيفيلين ماكغي، المديرة في دار «بيردويل»، التي تتلقى الطلبات والمقاسات على الإنترنت: «أصبح هناك هوس بالمقاس الآن. فالجميع يرغبون في أن يكونوا نحفاء، لكن كثير من الناس لا يستطيعون الوصول إلى النحافة. وقد يقول واحد من العملاء كنت أرتدي طوال عمري مقاس 32، لكن من كان يرتدي سروال (ليفايز) مقاس 32 فسوف يرتدي سروال (بيروير) مقاس 34. وإذا ما أصر على 32 كما يفعل بعض الأفراد، فهذا يعني أن السروال الذي أعد حسب طلبه لن يلائمه».

وفي الوقت الذي يبدي فيه بعض الرجال ذكاء في لعب دور المصمم، فإن الثقة الزائدة يمكن أن تسبب مشكلة. طلب التقديم في «لانغليتز» (والتي تكون عادة دقيقة في تعليماتها ومقاساتها) تتضمن خانة للتحقق مما إذا كانت البذلة لن تصلح لارتدائها على الدراجة النارية. ويقول ديف هانسن، المدير العام ومستشار راغبي الأناقة والساعين إلى طلب سترات أكثر ليونة وأخف وزنا مصنوعة من جلد الماعز بدلا من جلود البقر: «كثير من محبي الموضة لا يدركون أن هذه السترات الجلدية مصممة لحمايتك عندما ترتديها أثناء الركوب، ثم تحصل عليها وتشكو من أنها ثقيلة وخشنة».

وأضاف: «هناك حدود لما يمكن أن تقدمه البضاعة المصنوعة حسب الطلب، فبإمكاننا إنتاج أكثر من سترة، لكن إن لم تبد مثل براد بيت قبل أن تحصل عليها، فلن تبدو كبراد بيت بعد أن تحصل عليها».

* خدمة «نيويورك تايمز»