روبينوف يجري تغييرات تدريجية على استراتيجية وارنر

خطوة قد تنقل الاستوديوهات إلى عصر جديد من إنتاج الأفلام

من اليسار: جيف روبينوف رئيس مجموعة «وارنر براذرز» للأفلام، مع طاقمه التنفيذي فيرونيكا كوان روبينيك رئيسة التوزيع الدولي، وسو كرول رئيسة التسويق، ودان فيلمان رئيس التوزيع المحلي (نيويورك تايمز)
TT

وصل جيف روبينوف رئيس «وارنر براذرز بيكتشرز» إلى مطعم «تاور بار» الفاخر قبل عدة أيام، ولكن سرعان ما احتل نجوم هوليوود طاولات الطعام، وكان على روبينوف أن ينتظر وينتظر، حتى اضطر أخيرا إلى إزالة اسمه من قائمة الانتظار بالمطعم.

ربما يجب على المسؤولين عن إدارة «تاور بار» أن يتحدثوا مع كبير النادلين بالمطعم. فعلى الرغم من أنه ليس معروفا خارج وسط العاملين بصناعة الأفلام، فإن روبينوف (51 عاما) أصبح واحدا من أكثر الناس نفوذا في عالم الأفلام خلال العامين الماضيين، وما زال نفوذه في تزايد مستمر؛ حيث إنه المرشح لخلافة آلان هورن في أكبر منصب بشركة صناعة الأفلام، وهو منصب رئيس العمليات لوارنر براذرز للترفيه والمتحكم الرئيسي في إنتاج الأفلام، وذلك بعدما يتقاعد آلان هورن في العام المقبل.

وكانت «وارنر» نظرا لكياستها واستقرارها رغم الظروف الاقتصادية غير المستقرة هي درة تاج هوليوود منذ فترة طويلة. ومن خلال التزامها «بأسلوب وارنر» - الأفلام التي تعتمد على النجوم، والتسويق الفعال، وتقليل مغامرات التنفيذيين إلى حدها الأدنى - تمكن استوديو «باتمان» و«هاري بوتر» من بيع أكثر من مليار دولار من التذاكر في شباك التذاكر المحلي في العرض منقطع النظير الذي استمر لتسع سنوات.

لكن روبينوف، آخذا في الاعتبار تغير الظروف الاقتصادية المحيطة بصناعة السينما وتغير أذواق الجماهير كذلك، كان يعمل على تغيير تلك الخطة. وتعتمد استراتيجيته على إنتاج عدد أقل من الأفلام المنتقاة والطموحة، بالإضافة إلى تقليل إنتاج الأفلام الرومانسية، وتحفيز مشاركة شركة «دي سي كوميكس» الشقيقة في إنتاج الأفلام.

كما يعمل روبينوف، بالتعاون مع رئيسته للتسويق الدولي، سو كرول، على إخراج وارنر من منطقتها الآمنة من خلال إنشاء حملات إعلانية أكثر حماسا، والأفلام الكوميدية الساخنة مثل «هانغ أوفر». وكان روبينوف قد مارس ضغوطا لإنتاج فيلم «هانغ أوفر» رغم اعتراضات هورن. وحقق الفيلم، الذي أنتج بتكلفة 35 مليون دولار والذي شاركت في إنتاجه «ليجينداري بيكتشرز»، مبيعات وصلت إلى 467 مليون في شباك التذاكر.

فيقول هورن (66 عاما) «هناك أفلام لا تخاطب جيلي بالضرورة، ولكن يجب على وارنر مخاطبة الأجيال كافة». وقد تمكن روبينوف من إظهار الكثير من المهارات التي تتجاوز إظهار سلطاته كمدير؛ حتى أصبحت الشركة الأم «تايم وارنر» تعتمد أكثر من أي وقت مضى على شركة إنتاج الأفلام لتعزيز الأرباح التي يمكنها أن تجذب المستثمرين. وكان يجب عليه تحقيق ذلك دون الاعتماد على قطاع «هاري بوتر» الذي من المقرر أن ينتهي العام المقبل.

وقد ارتفعت عائدات الاستوديو بنسبة 61 في المائة، حيث وصلت إلى 436 مليون دولار في الربع الأخير من السنة المالية. ومع ذلك، فإن انتباه وول ستريت انتقل إلى شيء آخر، وهو فيلم «توينتيث سينشاري فوكس» الجديد «أفاتار» الذي فاق الأفلام في كل الأوقات من حيث العائدات، وفقا للأرقام بالدولار قبل وضع عامل التضخم في الاعتبار.

وتعد أسعار التذاكر المرتفعة نظرا للعروض ثلاثية الأبعاد أحد الأسباب التي ساعدت فيلم «أفاتار» على جذب نحو ملياري دولار من شباك التذاكر العالمي، ومن المقرر أن تعتمد وارنر على الأفلام ثلاثية الأبعاد إلى حد كبير خلال الفترة المقبلة؛ فقد أعلنت خلال الأسبوع الماضي عن خطتها لإنتاج «صدام الجبابرة» بالإضافة إلى إنتاج الجزءين الأخيرين من «هاري بوتر» في شكل ثلاثي الأبعاد. وسوف تنتج وارنر نحو تسعة أفلام ثلاثية الأبعاد خلال العام المقبل، وفقا لدان فيلمان، رئيس التوزيع المحلي.

ونظرا لرغبتها في استبدال هاري بوتر، بالإضافة إلى الجاذبية المستمرة لأفلام الأبطال الخارقين، فقد أعلنت وارنر أخيرا عن إعادة تنظيم كبرى لشركة «دي سي كوميكس»، بهدف تعزيز قدرتها على استغلال شخصياتها، وهو الشيء الذي كانت تعوقه بيروقراطية «تايم وارنر» قبل ذلك.

وقد زادت عملية الشراء التي قامت بها شركة «والت ديزني كومباني» لشركة «مارفيل إنترتينمينت» بقيمة 4 مليارات دولار خلال الشهر الماضي من الضغوط على وارنر لتحقيق النجاح. ومن المتوقع أن تعلن وارنر عن قائمة من الشخصيات الشهيرة خلال الأشهر القامة مثل «فلاش»، و«واندر وومن».

ومن أهم الأشياء الرئيسية في الطريقة التي سوف يتعامل بها روبينوف مع «دي سي كوميكس» تجنب التمثيلات المتشابهة، والقيام ببعض المخاطرة فيما يتعلق بتعيين مديرين جدد واختيار فريق العمل. كما أن دعمه المطلق لرؤية مصنعي الفيلم يعد من الملامح الأساسية المميزة لأسلوبه في العمل الذي تجلى بدءا من «ووتشمين» الذي حقق نجاحا متواضعا، وصولا إلى «سبيد ريسر» الذي كان كارثة محققة، و«دارك نايت» الذي حقق نجاحا.

ومن جهة أخرى، يقول كريستوفر نولان مخرج فيلم «دارك نايت» الذي يعمل حاليا على إخراج سلسلة أفلام «باتمان» إنه يحاول ألا يظل معتمدا على الأشياء التي حققت نجاحا قبل ذلك.

وتعتمد رؤية روبينوف على عامل آخر بالنسبة للاستوديوهات يتضمن السيدة كرول، رئيس قسم التسويق، التي كلفت بتنشيط الحملات الدعائية، حيث كانت كرول تقف وراء الفيلم المذهل «أين ذهبت الأشياء البرية؟» الذي تصدر شباك التذاكر منذ طرحه في الأسواق، على الرغم من أجوائه الفنية المفارقة. كما وجدت كرول طريقة راقية لإظهار 18 نجما في الفيلم الكوميدي التالي «يوم عيد الحب» الذي يظهر اهتمام المنتجين البالغ بإنتاج أفلام تشبه أفلام رأس السنة. ويقول عنها روبينوف «إنها قوية، ومبدعة، وعبقرية، ولا تكل».

ومما لا شك فيه أن كرول استطاعت أن تحرك قطاع التسويق الهادئ بوارنر؛ فقد قررت بعد ترقيتها مباشرة في عام 2008 تغيير إعلانات فيلم «عشرة آلاف عام قبل الميلاد»، حيث كانت ترى أنها يجب أن تكون أكثر عمقا، وبدأت في تعقب طاقم الفيلم في منازلهم يوم الجمعة، وطالبت باستمرار عمل شركة المونتاج خلال العطلة الأسبوعية. وقامت فيلمان بتشجيع فريق التوزيع على حث المسؤولين عن دور العرض على سرعة قبول وعرض إعلانات الفيلم الجديدة. وخلال يومين، كان اثنان من التنفيذيين الجدد قد تمكنا من تحقيق ما كان يمكن أن يستغرق أسابيع. فتقول كرول «لدي ذلك الإحساس المتفائل دائما بأن كل شيء ممكن. فيجب أن تتسم بالحزم، ويجب ألا تخاف».

وفي الوقت الذي تنشغل فيه باستراتيجيتها، تواجه الشركة الأم للاستوديو «وارنر براذرز إنترتينمينت» القضية الشائكة المتعلقة بمن سيخلف الشركة للمرة الخامسة فقط منذ 1967، وذلك عندما استحوذت عائلة وارنر على السلطة، حيث أصبحت قصة البحث حول من يخلف هورن وباري ماير، رئيس الشركة السابق، واحدة من الألعاب الجماعية المفضلة في هوليوود.

وعلى الرغم من أن الكثير من الناس يعتقدون أن روبينوف سوف يخلف هورن، فليس من الواضح تماما ما الذي تعتزم الشركة عمله بشأن منصب ماير - مع وجود توقعات تبدأ من تعيين آخر في منصبه وصولا إلى إمكانية تقسيم اختصاصاته وتوزيعها على عدة تنفيذيين.

وهناك ثلاث شخصيات مرشحة لذلك المنصب؛ وهم روبينوف، بروس رونبلوم رئيس مجموعة التلفزيون، كيفين تسوجيهارا رئيس قسم الترفيه. وقد تسبب عدم وضوح الرؤية في نشوب مناورات سياسية داخل الاستوديو.

وقد رفض رئيس «تايم وارنر» جيفري بويكس التعليق على مسألة من سيحصل على المنصب عدا قوله «نحن نضع مصلحة الناس في المقام الأول». وأضاف «وقد أثبتنا أننا قادرون على الاستمرار في النجاح في ذلك المجال المعرض إلى حد كبير للمخاطر».

ومن جهته، يقول ماير (66 عاما) إن البطء في تغيير القيادات – وهو نقيض ما قامت به والت ديزني أخيرا - كان هو المسار الملائم لذلك النوع من الأعمال الذي ساعد على تعزيز إنتاجية الشركة.. «إن التغييرات الإدارية المتلاحقة هي الطريق المثالي للانهيار. ونحن نحاول أن نطور النظام».

وكانت محاولة التقرب من روبينوف تبدو صعبة للغاية سواء على الناس داخل وارنر أو خارجها. حيث نادرا ما يسمح التنفيذي السابق والمحافظ بشركة «إنترناشيونال كرييتيف»، بإجراء الحوارات معه، كما أنه لا يحب تسليط الأضواء عليه التي يفضلها نجوم هوليوود.

وفي تلك الصناعة التي تشتهر بالغدر، يشتهر روبينوف باستعداده الدائم للمواجهة، وهو ما أسفر في الكثير من الحالات عن إصابة «أنا» الكثير من الأشخاص الذين تعاملوا معه «كوكيل للشركة، كل ما أريده هو الحصول على إجابة. في بعض الأحيان يكون علي أن أسمع رسالة قاسية، وفي بعض الأحيان يكون علي إلقاء واحدة أصعب».

ويقول رؤساء روبينوف إنه يعمل حاليا على تطوير قدرته على المناورة بمرونة أكبر. ويقول ماير «لقد خفت حدة سلوكياته القاسية».

وعندما علم روبينوف بذلك التعليق، قال دون أن يبتسم «حاقدون، جميعهم حاقدون». هل كان يمزح؟ أجل. فيقول روبينوف هازا كتفيه «أنا رجل معقد».

يبدو مكتب روبينوف قاحلا إلى حد كبير عدا دمية «بيغ بوي» البلاستيكية التي يرفض تعليل وجودها. ولكن أحد زملائه قال إن روبينوف يحب اصطحاب الناس لتناول الطعام في مطعم «بيغ بوي» عندما يرغب في ترقيتهم أو فصلهم.

ولم يقم روبينوف خلال إعادة تنظيم فريقه سوى بإجراء بعض التعديلات البسيطة؛ حيث قام بالتخلص من رئيس القسم الموسيقي في ديسمبر (كانون الأول)، بالإضافة إلى تخلي كيفين ماكورميك عن منصبه لكي يصبح منتجا. ومن المرجح أن تستمر عمليات إعادة الهيكلة، خاصة في ظل صفقات المنتجين. وحتى وقت قريب، كان يتم الإبقاء على المنتجين الذين حققوا نتائج طيبة في السابق على قائمة الرواتب بغض النظر عن النتائج التي كانوا يحققونها أخيرا. ولكن روبينوف يقول إن ذلك العصر قد انتهى، مشيرا إلى تخفيض بلغت نسبته 20 في المائة منذ عام 2008. كما رفض الإفصاح عن أسماء المنتجين الذين من المرجح تقليل التعاقدات معهم خلال الفترة المقبلة.

وفي الوقت نفسه، يحتفي كل من ماير وهورن بنصر غير مسبوق، حيث يشعر هورن على نحو خاص بالفخر نظرا للإنجازات التي تشتمل على المزيد من التعاون في الإنتاج والتوزيع والتسويق وحشد الشركاء الخارجيين مثل «ليجينداري بيكتشرز» لتقليل المخاطر. فيقول هورن «بعدما وصلت مع باري إلى قمة السفينة، أعتقد أننا سوف نتركها أفضل مما كانت عليه من قبل، وهو ما كان وضعا طيبا للغاية».

* خدمة نيويورك تايمز