السيرك القومي المصري.. صانع البهجة للصغار والكبار

ينعش الفرحة بالعيد منذ 50 عاما

تم افتتاح مدرسة السيرك في عام 1962، وبدأت في تخريج أبنائها حتى افتتاح السيرك القومي رسميا في 1966 الذي يعتبر أحد الكيانات التي أنجزتها ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 («الشرق الأوسط»)
TT

لا تكتمل فرحة الاحتفال بالعيد لدى كثير من المصريين إلا بالذهاب إلى السيرك والتمتع بمشاهدة البرامج والمنوعات الشيقة، بداية من ترويض الأسود، والأكروبات والرقص على الحبال، وكثير من البرامج الترفيهية الجذابة.

فمع نهاية شهر رمضان الكريم تشهد العاصمة المصرية زحاما على غير المعتاد مما يشير إلى قرب قدوم العيد، فالأطفال يذهبون مع ذويهم لشراء مستلزمات العيد من حلويات وملابس جديدة وغيرها، وللنزهات قائمة معتادة عند المصريين منذ عقود طويلة تتلخص في الحدائق العامة والمسارح ودور السينما والسيرك، والأخير يعتبر من النزهات التي تتميز بلم شمل الأسرة؛ حيث الفرجة غالبا ما تكون أكثر متعة في كنف الأسرة وشلة الأصدقاء.

فالسيرك، وكما تقول نجوى فاروق، مدرسة بالمرحلة الإعدادية «يمثل نزهة جميلة، خاصة لدي الأطفال،» وتتابع: «نحن تعودنا على أن نخصص يوما من إجازة العيد للذهاب إلى السيرك، فالأطفال يحبون لعبة ترويض الأسود، وألعاب الحلية والجمباز، وأيضا يحبون فقرة البلياتشو والساحر. وبدون الذهاب على السيرك يظل احتفالنا ناقصا بالعيد».

ومنذ أن فتح السيرك القومي المصري بابه للجمهور قبل 46 عاما أصبح ملاذا للمصريين كبارا وصغارا يستمتعون فيه بفقراته المختلفة، ويشتد الإقبال عليه في الأعياد بالذات، ومنذ نحو عامين كان هناك خطة لنقل مقر السيرك من حي العجوزة المزدحم إلى منطقة 6 أكتوبر في طريق القاهر - الإسكندرية الصحراوي إلا أن القرار لم ينفذ بعد اعتراضات شديدة من رواد السيرك بسبب نقل مقر السيرك إلى مكان شبه ناء بعيد عن القاهرة سيكون بمثابة ضربة في مقتل. وسبب آخر هو أن السيرك أحد وسائل الترفيه للبسطاء الذين لن يتمكنوا من الذهاب إلى مدينة 6 أكتوبر، وأوشكت المرحلة الثانية للتطوير السيرك من الانتهاء والتي تشمل مبنى مكونا من ثلاثة طوابق للفنانين لاستخدامها في تغيير الملابس، وصالة للجيمانزيوم، وإسطبل للخيل، ووحدات مبنية لإيواء الحيوانات المفترسة، كما تم تركيب وحدة كهرباء على أحدث تقنية، وتركيب إضاءة جديدة داخل وخارج الخيمة، وقد شملت المرحلة الأولى من التطوير تركيب 23 جهاز تكييف لخيمة السيرك وأصبحت عبارة «مكيف الهواء» تكتب ولأول مرة في تاريخ السيرك منذ إنشائه عام 1964 على الدعاية والإعلانات الخاصة به.

وللسيرك القومي المصري مكانة مميزة لدى جموع المصريين فهم يعتبرونه أحد الكيانات التي أنجزتها ثورة 23 يوليو (تموز) 1952؛ حيث إن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر كان قد بهر بتجربة السيرك في الاتحاد السوفياتي أثناء زيارة له في ذلك الوقت، وكان السيرك الروسي الحديث من بين الأماكن التي يفتخر بها الروس أمام العالم.

ولذلك قرر عبد الناصر أن ينشئ سيركا قوميا يكون مقره حي العجوزة ويطل على نهر النيل، وكما استقدم الخبراء السوفيات لأغراض سياسية وعسكرية استقدمهم أيضا للاستفادة من تجربتهم في مجال السيرك وتم افتتاح مدرسة السيرك في عام 1962، وبدأت في تخريج أبنائها حتى افتتاح السيرك القومي رسميا في 1966، ولسنوات ظل السيرك القومي المصري رائدا بين الدول العربية وكانت الدول العربية تتلهف على جولاته بينها.

وقبل ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 كان هناك عائلتان شهيرتان في مصر رائدتان في هذا المجال وهما عائلتي الحلو والتي ينتمي إليها الفنان محمد الحلو. وتأسس سيرك الحلو عام 1889 على يد محمد علي الحلو الذي حاول الاستفادة من الفرق الأجنبية التي كانت تقدم عروضا في عهد الخديو إسماعيل.

أما العائلة الثانية هي عائلة عاكف التي كانت تنتمي إليها الفنانة الراحلة نعيمة عاكف والتي كانت تتقن المشي على الحبل ولعب الأكروبات قبل أن تتجه إلى التمثيل في السينما في خمسينات القرن الماضي، وكان إسماعيل عاكف قد أسس سيرك عاكف في محافظة طنطا عام 1912 وكان يعمل مدرب جمباز بمدرسة الشرطة.