تأهيل قرية تراثية في محافظة الغاط لتصبح مقصدا للسياح

تعرض تاريخها عبر العصور وتحول 35 من بيوتها إلى فنادق ونزل تراثية

قصر الإمارة القديم الذي ضم متحفا يحكي تاريخ المحافظة عبر العصور («الشرق الأوسط»)
TT

مشروع تاهيل البلدة التراثية بمحافظة الغاط، الذي تتعاون فيه الهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارة الشؤون البلدية والقروية والكثير من الشركاء مع المجتمع المحلي بالمحافظة ضمن برنامج تنمية البلدات والقرى التراثية في عدد من مناطق السعودية، ساهم في تحويل البلدة التاريخية إلى إحدى الوجهات السياحية الرئيسة التي تجتذب أعدادا كبيرة من السياح في الأعياد والإجازات المدرسية وإجازات نهاية الأسبوع.

وقد حقق مشروع تأهيل بلدة الغاط التراثية نقلة كبيرة في مسار تطوير وإعادة تأهيل مواقع التراث العمراني، وهو ما أهله مؤخرا للفوز بجائزة أفضل مشروع تأهيل بلدة تراثية من منظمة السياحة العالمية (UNWTO) في البرتغال، بعد أن تضافرت جهود أهالي المحافظة وتفاعلوا مع البرامج والمشاريع التي تبنتها الهيئة العامة للسياحة والآثار المتعلقة بتأهيل التراث العمراني في المحافظة بهدف جعلها مقصدا سياحيا بارزا في المنطقة.

وزار خلال الايام الماضية الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، البلدة التراثية بالمحافظة، وكان يرافقه الأمير تركي بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة. وضمن زيارته للمحافظة، اطلع على ما تم تنفيذه في هذه البلدة التراثية من مرافق وخدمات.

وشهدت القرية التراثية بالغاط تطويرا كبيرا خلال الفترة الماضية، فلم يتوقف هدف الهيئة عند الترميم، بل كان الهدف أن تصبح القرية التراثية بالغاط منتجا سياحيا، وموردا اقتصاديا يسهم في توفير فرص عمل جديدة في المحافظة، ويعمل مع المجتمع المحلي لإيجاد فرص اقتصادية واستثمارية، فضلا عن تعزيزه للسياحة الريفية، حيث تم تنفيذ المشروع بالتعاون مع عدد من الجهات من القطاعين الحكومي والخاص.

كما تم ترميم وإعادة بناء مسجد العوشزة، وإعادة بناء محلات في بلدة الغاط القديمة، وإعادة تصميم المحور الحيوي وسط البلدة، إضافة إلى تنفيذ الطريق العام والساحة وتهيئة الممرات، وإعداد دراسة لتحسين عدد من الخدمات الأساسية المتوافرة، وإنجاز 90% من مشروع الربط بالطريق السريع (الرياض - القصيم)، وإنجاز 60% من مشروع النزل التراثية، وكذلك إعداد دراسة لتنفيذ عدد من البرامج والفعاليات طوال العام، وإعداد دراسة لتسويق البلدة القديمة.

ويعد متحف الغاط من أبرز المواقع في البلدة التراثية، وذلك بعد تدشينه العام الماضي، وافتتحه الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار نيابة عن الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، وكان المتحف مقرا سابقا لإمارة الغاط، وقدمه ملاكه (أبناء ناصر بن سعد السديري) إلى هيئة السياحة لتأهيله كمتحف لمحافظة الغاط، وحينها عبر الأمير سلطان بن سلمان في تلك المناسبة عن سروره بإنجاز هذا المشروع التضامني الذي يجسد الشراكة بين الهيئة ومحافظة الغاط، مشيدا بمبادرات المجتمع المحلي بمحافظة الغاط في دعم جهود ومشاريع الهيئة في مجالات التراث الوطني والمتاحف، وتضامنهم في تنفيذ مشاريع البلدة التراثية وشراكتهم المميزة مع الهيئة في تأهيلها.

ويضم متحف الغاط 50 غرفة، ويصور الحياة الاجتماعية وتاريخ المحافظة عبر جميع العصور، وتراثها الشعبي، ومساهمة سكانها ورجالها في بناء الدولة السعودية، كما تحكي قاعات المتحف تاريخ محافظة الغاط عبر العصور، بداية من فترة ما قبل التاريخ، ثم فترة ما قبل الإسلام، فالفترة الإسلامية ثم التاريخ الحديث، ويحتوي على أماكن مخصصة لإدارة المتحف، وقاعات للاستقبال، ومسرح للعرض المرئي، علاوة على متجر للمتحف، وفرش القهوة، وهي المجلس القديم في القصر بطريقته السابقة نفسها.

ويأتي تأهيل المبنى وتحويله إلى متحف في إطار برنامج تأهيل القصور التاريخية للدولة لتحويلها إلى مواقع مفتوحة ومراكز حضارية وثقافية تبرز تاريخ الدولة السعودية، لتصبح هذه القصور والمقار متاحف لعرض صور ومقتنيات ووثائق مراحل تأسيس البلاد في كل منطقة ،والاستفادة من المباني في عرض تاريخ المدينة الواقعة بها والتعريف بموروثها الثقافي. كما يأتي تأهيل المبنى وتحويله إلى متحف في إطار الشراكة بين الأهالي والهيئة العامة للسياحة والآثار في الحفاظ على المواقع التراثية.

ومن أبرز معالم البلدة التراثية، السوق الشعبية التي تم تأهيل وترميم مبانيها، وبدأ العمل فيها من أهالي الغاط، وتشهد فعاليات سياحية وتراثية وخاصة في إجازات الأعياد، وتضم السوق محلات لبيع المنتجات التراثية والشعبية حيث تنشط الحركة في السوق مع إقامة الفعاليات السياحية فيها، ويجري العمل على مشروع النزل التراثية، وذلك بعد وضع حجر أساس المرحلة الأولى من هذا المشروع، الذي يتضامن فيه السكان بنحو 35 بيتا ستتحول إلى فنادق ونزل تراثية مميزة تسهم في تحويل البلدة إلى وجهة سياحية متكاملة.

وضمن جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار لدعم مشروع ترميم البلدة التراثية بالغاط، تم توقيع اتفاقية تمويل مشروع البلدة التراثية من خلال بنك التسليف بمبلغ 7 ملايين ريال كمرحلة أولى، ورعى الاتفاقية قبل أربع سنوات الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع حينما كان أميرا لمنطقة الرياض، على هامش الاجتماع المشترك بين مجلس المنطقة ومجلس التنمية السياحية، بحضور رئيس هيئة السياحة، وتضمنت الاتفاقية التي وقعها كل من المدير العام للبنك السعودي للتسليف والادخار عبد الرحمن السحيباني، ومحافظ الغاط رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية عبد الله الناصر السديري، منح الجمعية قرضا تمويليا بمبلغ 7 ملايين ريال كمرحلة أولى بعد استكمال المحافظة جميع المتطلبات وإنجاز البناء النظامي للجمعية وتوضيح وضع الملكيات للمباني، وتفاعل أهالي المحافظة الكامل مع المشروع، إضافة إلى المبالغ المادية التي جمعتها الجمعية من عدد من المتبرعين والتي قاربت ثمانية ملايين ريال، وهو ما مكن المشروع من الانطلاق بشكل سريع.

وسينعكس مشروع البلدة التراثية، الذي بادر أهالي الغاط بتبنيه ودعمه، في عوائد اقتصادية للمجتمع المحلي للمحافظة من خلال ما سيوفره من فرص عمل في المرافق والفعاليات السياحية بالبلدة، إضافة إلى التأثير الإيجابي للنشاط السياحي في البلدة على اقتصاد المحافظة، خاصة بعد اكتمال مشروع النزل التي يتوقع أن تجتذب أعدادا كبيرة من السياح مع تكامل القرية.