دراسة تربوية: 75% من الطلاب العرب يلتحقون بالعلوم الإنسانية والاجتماعية

قالت إن البطالة داء علاجه مواءمة مخرجات التعليم العالي باحتياجات سوق العمل

TT

خلصت دراسة تربوية إلى أن غالبية الطلاب العرب تلتحق بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث ترتفع نسبة الالتحاق بهذه التخصصات إلى 75%، مؤكدة أن البطالة بالإمكان القضاء عليها من خلال نوعية مخرجات التعليم العالي ومدى توافقها مع متطلبات واحتياجات سوق العمل.

وقدم الدكتور منير العتيبي، الأستاذ الأكاديمي في جامعة الملك سعود، في بحث سماه «تحليل ملاءمة مخرجات التعليم العالي لاحتياجات سوق العمل السعودية»، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، مشكلة البطالة وتوظيف القوى العاملة الوطنية تمثل واحدة من أهم القضايا ذات الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بالمملكة. ومن التفسيرات الهامة لأزمة البطالة مشكلة عدم ملاءمة مخرجات التعليم العالي لاحتياجات سوق العمل.

وبرر العتيبي أهمية دراسة هذه المشكلة بأنها أتت من نواح عدة مثل جدوى الإنفاق والحاجة لترشيد الإنفاق المتزايد على التعليم العالي، وتأصيل أسباب مشكلة البطالة بين الشباب بالمملكة، بالإضافة للتعرف على بعض مؤشرات التعليم العالي بالمملكة بهدف التخطيط المستقبلي على أسس واقعية تلبي طموحات الدولة والمجتمع من ناحية وحاجات ومتطلبات المشروعات الخاصة من ناحية أخرى.

وأضاف بالقول «لو نظرنا إلى التخصصات التي يلتحق بها طلبة التعليم العالي في البلدان العربية، كمؤشر على الصلة بين مؤسسات التعليم العالي وسوق العمل، لوجدنا أن غالبية الطلبة تلتحق بالعلوم الإنسانية والاجتماعية. حيث ترتفع نسبة الالتحاق بهذه التخصصات في السعودية إلى 75%. ومشكلة التعليم العالي الآن في البلدان العربية لا تكمن في توفر ووجود مثل هذه المؤسسات، ولكن في نوعيتها كمؤسسات متدنية الكفاءة، قليلة الإنتاجية المعرفية، وضعيفة العائد الاجتماعي».

واستطرد في دراسته: «تمثل مشكلة البطالة وتوظيف القوى العاملة الوطنية بالمملكة واحدة من أهم القضايا التي تشغل بال القائمين على أمر توظيف الشباب. والبطالة قضية معقدة لا يوجد لها سبب وحيد يمكن الاعتماد عليه لتفسير البطالة بالمملكة، وبخاصة أن الاقتصاد السعودي يستوعب حاليا 5 ملايين أجنبي في مختلف المجالات الوظيفية. ولعل هذا ما دفع دراسات كثيرة إلى تفسير البطالة من خلال نوعية مخرجات التعليم العالي ومدى توافقها مع متطلبات واحتياجات سوق العمل».

وحول مشكلة الدراسة، قال إن مواءمة التعليم العالي السعودي لمتطلبات سوق العمل لم تكن قضية مطروحة للمداولة عندما كانت سوق العمل السعودية تستوعب جميع خريجي مؤسسات التعليم العالي وتضمن لهم الوظيفة المناسبة، إلا أن التغيرات والتحولات التي حدثت في السنوات الأخيرة في المجالات الاقتصادية وسوق العمل السعودية قد جعلت مثل هذه المواءمة قضية جوهرية.

وترجع الدراسات والأبحاث ضعف المواءمة ما بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات التنمية الوطنية في المملكة إلى انخفاض الكفاءة الداخلية النوعية لمؤسسات التعليم العالي التي من مؤشراتها (تدني التحصيل المعرفي والتأهيل التخصصي وضعف القدرات التحليلية والابتكارية والتطبيقية، والقصور في تعزيز القيم والاتجاهات الإنتاجية)، وانخفاض الكفاءة الخارجية الكمية والنوعية، ويتمثل ذلك في تخريج أعداد من الخريجين في تخصصات لا تحتاجها سوق العمل مع وجود عجز وطلب في تخصصات أخرى.

وأفاد الباحث التربوي أن القطاع الخاص المحلي ما زال يتردد في توظيف الكوادر الوطنية بحجة عدم مواءمة تخصصات الطالب المتخرج مع احتياجات ومتطلبات سوق العمل، ولذلك فإن توفير الكوادر الوطنية المؤهلة يجب أن ينطلق من تحديد احتياجات سوق العمل والتخصصات المطلوبة وهذا ما يعطي لقضية المواءمة أهمية حيوية.

وأضاف أن القطاع الخاص ما زال يأمل في توظيف القوى العاملة المحلية بشرط أن تتوفر لديه بعض المهارات الإضافية مثل اللغات الأجنبية والقدرة على تشغيل الحاسب الآلي واستخداماته ولذلك فإن توفير خطة تعليمية تخدم هذه الاحتياجات وتعمل على توفير التخصصات التي تحتاج إليها سوق العمل لا بد أن يعطى لها الأولوية.

وأشار العتيبي: «تبرز قضية عدم المواءمة أيضا في توظيف الكوادر الوطنية في مؤسسات القطاع العام إذ تعج هذه المؤسسات بحملة التخصصات النظرية بينما يشغل الوظائف التي تتطلب التخصصات العلمية الكوادر غير السعودية وبالتالي فإن المواءمة بين احتياجات مؤسسات القطاع العام ومخرجات التعليم العالي تعتبر التحدي الماثل أمام مؤسسات التعليم العالي». وقد خلصت الدراسة إلى أهمية توفير كوادر ذات قدرات مهارية مناسبة لأن توفير القدرات التخصصية لوحدها لا يفيد بل يجب تخريج الطالب المؤهل لشغل الوظيفة المسنودة إليه في مؤسسات القطاع الخاص. وعليه يمكن تلخيص توصيات الدراسة فيما يلي ضرورة التركيز على مواءمة مخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل والاهتمام بالتخصصات العلمية والتخصصات في اللغة الإنجليزية والحاسوب، وضرورة الاهتمام بالجودة النوعية للطلاب بتخريج كوادر ذات قدرات ومهارات مناسبة، وضرورة إعادة النظر في المناهج الحالية في الجامعات وبالتنسيق مع القطاع الخاص عند وضع الخطط التعليمية.

وأضاف الباحث أنه يجب إشراك القطاع الخاص في الدراسات التي تجري لمعرفة متطلبات سوق العمل، كما يجب أن تنقل المؤسسات التعليمية الاتجاهات الحديثة في ميدان العمل إلى داخل أروقتها حتى لا يضطر القطاع الخاص إلى تعديل وصقل وتجديد مهارات الخريجين.