الوظائف أم عجز الموازنة المعضلة التي تواجه أوباما؟

عجز الميزانية الأميركية يمثل 10% من إجمالي الناتج القومي

TT

واجه الرئيس الأميركي باراك أوباما معضلة كبيرة لدى تقديم موازنة البلاد للعام المقبل، فقد كان عليه أن يفكر في تحفيز الاقتصاد من دون التسبب في إفلاس حكومته.

وزاد الطين بلة الأموال الضخمة التي أنفقها أوباما وإدارته خلال العام الماضي سعيا للخروج من هوة أضخم ركود اقتصادي يتعرض له العالم منذ الكساد العظيم في ثلاثينات القرن العشرين.

وساعد الإنفاق الحكومي الاقتصاد الأميركي على النهوض خلال النصف الثاني من العام المنصرم 2009، بيد أن ذلك التعافي لم يترجم بعد إلى فرص عمل جديدة، وهي مشكلة تواجه كثيرا من الدول الغنية في أنحاء العالم التي تزيح عن نفسها آثار الركود.

وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أنه مع وصول معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 10 في المائة، وهو معدل غير مسبوق منذ ربع قرن، أعلن أوباما في خطابه عن حالة الاتحاد الذي ألقاه الأسبوع الماضي أمام الكونغرس، أن توفير وظائف جديدة هو «شغله الشاغل» في عام 2010.

في الوقت نفسه، أقر البيت الأبيض أن هامش العجز في الموازنة الاتحادية وصل إلى مستويات خطيرة.

وقال الرئيس الأميركي خلال استعراضه مشروع موازنة عام 2011: «لا يمكننا ببساطة مواصلة (سياسة) الإنفاق كما لو كان العجز ليست له تداعيات».

ويتوقع أن تعاني الموازنة الاتحادية هذا العام من عجز قياسي يصل إلى 1.6 تريليون دولار أي نحو 10.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، قبل أن ينخفض هامش العجز لـ1.3 تريليون دولار في موازنة 2011 تبدأ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

السؤال هو: أي الخيارين أهم، الوظائف أم الديون؟

يقول يساريون إن أوباما أنفق أقل من اللازم لإنعاش نمو قطاع التوظيف، فيما يرى المحافظون أن عجز الحكومة لا يزال أكبر من أن يهدئ من روع السوق.

وتقول جود غريغ زعيمة الجمهوريين في لجنة الموازنة بمجلس الشيوخ: «أرسل لنا الرئيس (موازنة) أشبه بسابقاتها؛ موازنة تبدو مسؤولة من الناحية المالية.. لكن ما تحت السطح ينطوي على مزيد من الإنفاق.. مزيد من الاقتراض، ومزيد من الضرائب».

لقد حاولت موازنة أوباما الإمساك بطرفي الوتر المشدود، حيث تشمل 100 مليون دولار كخفض ضريبي لتحفيز الاستثمار، وإجراءات أخرى لتشجيع التوظيف، بيد أنها تعهدت في الوقت نفسه بخفض أوجه إنفاق أخرى وفرض ضرائب أعلى على أكثر الشركات الأميركية والبنوك تحقيقا للأرباح، في بورصة «وول ستريت».

وتحف الاثنين مخاطر سياسية؛ فقد يذهب الإنفاق الجديد هباء في حال لم تطرأ تغيرات ملموسة على معدلات البطالة، وربما تعوق محاولات كبح جماح العجز بسرعة كبيرة أو ببطء شديد حالة التعافي الاقتصادي. وحتى في ظل إجراءات تحفيزية لخلق فرص عمل جديدة، يتوقع البيت الأبيض تعافي سوق العمل ببطء شديد، وهو ما سيكون له تأثير كبير على فرص الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

لقد اختار أوباما اللعب على الأرض المحايدة، سياسيا واقتصاديا، فاقترح خفضا محدودا للإنفاق، ودعا الكونغرس لدعم مفوضية مالية من الحزبين الرئيسيين يمكنها اتخاذ المزيد من الخطوات على النهج نفسه.

ويتوقع أن تخفض الميزانية المقترحة معدل العجز الاتحادي إلى 9.3 في المائة من إجمالي الناتج العام بحلول عام 2015. وخلال السنوات العشر المقبلة سيدور متوسط العجز حول هامش 5.4 في المائة، بفارق كبير عن الهامش المستهدف، الذي لا يتجاوز 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

وأعلن البيت الأبيض أنه لن يقترح مزيدا من الخفض في الإنفاق إلا بعد موافقة المفوضية المالية، تلك الهيئة التي رفضها مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، غير أن أوباما تعهد بتشكيلها بالأمر المباشر.