خبير يحذر من كارثة خفض التصنيف الائتماني للاقتصاد البريطاني

العجز التجاري يسجل في ديسمبر أعلى مستوياته خلال 11 شهرا

قد يصل عجز الميزانية في بريطانيا إلى 100% من إجمالي الناتج المحلي (إ.ب.أ)
TT

ارتفع معدل العجز في تجارة البضائع البريطانية مع باقي أنحاء العالم بصورة غير متوقعة ليسجل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أعلى مستوياته خلال ما يقرب من عام، بعدما سجلت الواردات من البلدان غير الأوروبية أعلى معدل زيادة منذ مارس (آذار) 2005.

وأظهرت الأرقام الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاءات، أمس، أن العجز التجاري في بريطانيا خلال عام 2009 بأكمله تراجع للمرة الأولى منذ عام 1997، بعدما تسبب الكساد العالمي في تراجع الواردات والصادرات بأسرع معدل خلال أكثر من 50 عاما.

وأضافت أنباء العجز إلى غالبية الأنباء التي تأخذ منحى سلبيا في الاقتصاد البريطاني، الذي خرج من الركود ببطء شديد قدر بـ0.1 في المائة لإجمالي الناتج المحلي في الربع الرابع من العام الماضي، مقارنة ببقية الاقتصادات الكبيرة في القارة العجوز. وقال الاقتصادي الدولي سايمون جونسون: إنه يجب النظر إلى بريطانيا باعتبارها في الخانة ذاتها مع دول مثل اليونان وإسبانيا التي تعاني مشكلات مديونية. ووصف كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سابقا مجموعة الدول السبع بأنها «عديمة الفائدة»، مضيفا أنه يتعين إضافة بريطانيا إلى تلك الدول التي تعرضت اقتصاداتها لخفض التصنيف الائتماني للديون. وجاءت تلك التصريحات في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بينما يناقش وزراء مالية دول مجموعة السبع الأزمة المتفاقمة في بعض دول منطقة اليورو. وقال: «تراقب الأسواق المالية بدقة الوضع المالي لكل تلك الدول ولا يسرها ما تراه». وأشارت مصادر في وزارة الخزانة البريطانية أن مؤسسات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى أعادت التأكيد على تصنيف الاقتصاد البريطاني الممتاز.

ومن المخاوف الأساسية لبلد يعاني عجزا ضخما في الميزانية ألاّ يتمكن من الإنفاق بما يكفي لتنشيط الاقتصاد.

وأشار لـ«الشرق الأوسط» الباحث الاقتصادي بمعهد الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، البريطاني نايزر، أن إدراج الاقتصاد البريطاني ضمن لائحة عجز الميزانيات الخطرة مثل اليونان وإسبانيا وأيرلندا قد يكون واقعيا نظرا لعجز الميزانية، ولكن الاقتصاد البريطاني لديه مساحة كافية للمراوغة تقلل تعرضه لإمكانية خفض تصنيفه الائتماني. وأضاف «حرمت دول أوروبية في منطقة اليورو من انخفاض مماثل في عملتها الموحدة بلغت 25 في المائة في قيمة الجنيه الإسترليني ساعدت في دعم الصادرات البريطانية، وستدعم خفض معدلات البطالة».

فيما تحدث خبير اقتصادي لـ«الشرق الأوسط» من هيئة «فوركاست» للأبحاث الاستراتيجية، أنه في حالة النظر إلى عجز الاقتصاد البريطاني، يجب النظر إلى الاقتصاد الأميركي الذي يشهد عجزا ضخما في ميزانيته.وأضاف أن العجز في الاقتصاد البريطاني قد يلامس 100 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ولكن التصنيف الائتماني للدولة ما زال وسيظل ممتازا.

وقال متحدث باسم وزارة الخزانة: «صحيح أن الاقتراض زاد كي تتمكن الحكومة من حماية الاقتصاد من الركود العالمي، لكن دعم الاقتصاد يسير جنبا إلى جنب مع خطوات لتعزيز الوضع المالي حتى يبدأ التعافي». وأضاف «لذا وضعت الحكومة خططا واضحة لخفض العجز إلى النصف في غضون السنوات الأربع المقبلة، في الوقت الذي تحافظ فيه على الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الناس».

وكان اليورو انخفض الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له في سبعة أشهر أمام الدولار مع خشية المتعاملين من انتشار عدوى مشكلة الديون في اليونان إلى دول أوروبية أخرى مثل إسبانيا والبرتغال.

وشهدت أسواق الأسهم تراجعا أيضا، مع اهتمام المستثمرين بزيادة العجز في ميزانيات الدول وشكوكهم في قدرتها على الالتزام بخفض العجز المتفاقم.

وجاء الانتقاد الحاد لمجموعة السبع بعد ساعات فقط من اجتماع وزراء مالية دولها الذي طمأن فيه الأوربيون نظراءهم من أميركا وكندا واليابان بشأن تدهور الأوضاع المالية لبعض دول اليورو. واتفق في الاجتماع على إبعاد صندوق النقد الدولي عن المشكلة وترك حلها للاتحاد الأوروبي.

وقال المكتب: إن العجز في تجارة البضائع البريطانية في ديسمبر (كانون الأول) ارتفع إلى 7.278 مليار جنيه إسترليني (11.34 مليار دولار) من 6.798 مليار في نوفمبر (تشرين الثاني) مسجلا أعلى مستوياته منذ يناير (كانون الثاني) من عام 2009. وتوقع اقتصاديون أن يبلغ العجز 6.63 مليار جنيه. وتراجع الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته خلال ثلاثة أسابيع أمام اليورو وسجل انخفاضا طفيفا أمام الدولار. ويرجع ارتفاع العجز التجاري إلى ارتفاع بنسبة 6.7 في المائة على أساس شهري في الواردات من البلدان غير الأوروبية، وهي أكبر زيادة منذ مارس (آذار) 2009. وكان نحو 300 مليون جنيه إسترليني من الزيادة التي تقدر عند نحو مليار جنيه في الواردات متعلقا بالنفط، وارتبط نحو 225 مليون جنيه بالطائرات.

وارتفع العجز في تجارة البضائع مع الدول خارج الاتحاد الأوروبي إلى 553.3 مليار جنيه في ديسمبر (كانون الأول) من 125.3 مليار جنيه في الشهر الذي سبقه مقارنة بتوقعات المحللين عند 15.3 مليار جنيه.