درجة نقاء الذهب المحلي وقت استخراجه تمنع البنوك المصرية من شرائه

تكلفة تأمينه ونقله تحول دون الاحتفاظ به

رغم صدور قرار بحظر تصدير الذهب المصري فإن القرار تم إلغاؤه مرة أخرى
TT

رفض البنك المركزي المصري وعدد من البنوك الكبرى داخل السوق منها «الأهلي المصري» و«بنك مصر» و«التجاري الدولي» و«الإسكندرية» و«العربي الأفريقي»، شراء الذهب المنتج من منجم السكري، الذي تمتلكه شركة «سنتامين مصر» التي بدأت الإنتاج الفعلي لها في يناير (كانون الثاني) 2010.

وقال يوسف الراجحي مدير عام «سنتامين مصر» لـ«الشرق الأوسط» إن البنوك رفضت شراء الذهب المنتج من الشركة، بعد قرار «المركزي» بحظر شرائه قبل عام، وإن شركته تفهم وجهة نظر البنوك و«المركزي» في ذلك الشأن، مشيرا إلى أن السبب الرئيسي لرفض «المركزي» والبنوك شراء الذهب المنتج من المنجم يرجع إلى عدم «نقائه» وخلوه من الشوائب بالدرجة التي تسمح بشرائه.

وأضاف الراجحي أن «البنوك في معظم دول العالم لا تشتري الذهب، الذي يدخل ضمن المكونات الرئيسية للاحتياطي الرسمي للدول، إلا إذا كانت درجة نقائه لا تقل عن 98%، وذلك غير متوفر من خلال منجم السكري بشكل مباشر، حيث تتراوح درجة نقائه لدينا بين 89 إلى 91%، مما يتطلب إجراء بعض العمليات الصناعية الأخرى للوصول بذلك المنتج إلى المتعارف عليه عالميا».

وحول ما يثار من عدم عودة الذهب المصري من منجم السكري مرة أخرى بعد تنقيته في الخارج، قال الراجحي إن هذا الأمر صحيح، والسبب الرئيسي أن عملية تنقية الذهب التي تتم في الخارج لها تكلفة تأمين ونقل مرتفعة جدا، فلذلك من الأفضل البيع في الخارج وعدم عودة الذهب إلى السوق المحلية لعدم تحمل تلك التكلفة مرة أخرى، كما أن السعر العالمي للذهب معروف، «لا نبيع في الخارج بخسارة، وإنما بالأسعار العالمية، ونورد للدولة تلك القيمة»، على حد قوله.

وكان حمدي القاضي، رئيس قرية البضائع بمطار القاهرة الدولي قد صرح قبل أيام أن كميات الذهب التي يتم جلبها من منجم السكري بمرسى علم بالبحر الأحمر لتصديرها إلى كندا بهدف تنقيتها لا تعود إلى ميناء القاهرة الجوى مرة أخرى، مشيرا إلى أن الكميات التي خرجت من الذهب الخام عن طريق الجو إلى كندا لتنقيتها ودمغها بالدمغة العالمية، كبيرة، لكنها لم تدخل البلاد عن الطريق الجو، كما لم يتم الإعلان عن عودتها مرة أخرى للبلاد عن طريق الموانئ البرية أو البحرية.

وأضاف أنه رغم صدور قرار بحظر تصدير الذهب المصري، فإن القرار تم إلغاؤه مرة أخرى وعادت الأمور إلى طبيعتها، وكل ما يلزم شحنات الذهب للخروج من البلاد هو موافقة مصلحة الدمغة والموازين، وهيئة الثروة المعدنية بوزارة البترول، وهو ما تم بالفعل على جميع الشحنات التي خرجت من مطار القاهرة الدولي عن طريق قرية البضائع.

وقدر الراجحي لـ«الشرق الأوسط» حجم ما تم إنتاجه من منجم السكري خلال مدة عمله البالغة 18 شهرا بنحو 9 أطنان من الذهب، مشيرا إلى تحويل قيمتها كاملة إلى البنك المركزي، حيث يسدد للدولة نحو 60% من الإيراد، وتحصل شركة «الفرعونية لمناجم الذهب» (كندية الجنسية وهي صاحبة الاستثمار) على 40%.

وتوقع الراجحي وصول الطاقة الإنتاجية لمنجم السكري بنهاية العام الحالي إلى نحو 250 ألف أوقية، وهو المستهدف في خطة الشركة، مشيرا إلى تأثر الإنتاج بالأحداث السياسية التي مرت بها مصر عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانخفاض جزء من الطاقة التي يحصل عليه المنجم خلال الفترة الأخيرة، مشيرا إلى التحسن التدريجي في الأوضاع بشكل عام خلال الفترة الأخيرة وهو ما ينعكس بالإيجاب خلال الفترة المقبلة.

كان مجلس الذهب العالمي قد أعلن يوم الخميس الماضي أن الطلب على الذهب تراجع في الربع الثاني من العام الحالي، لكن ما زال من المتوقع ارتفاع المعدن النفيس في العام بأكمله؛ إذ إن المشترين الآسيويين يواصلون عمليات الشراء.

وذكر مجلس الذهب العالمي في تقريره الفصلي بشأن اتجاهات الطلب أن علامات القوة في السوق ما زالت متركزة في الصين والهند، وأن شراء العملات الذهبية والسبائك والحلي والصناديق المدعومة بالذهب يتراجع في أوروبا والولايات المتحدة.

وأضاف المجلس أن الطلب على الذهب بوجه عام تراجع 17%، في الأشهر الثلاثة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، مقارنة بالفترة نفسها قبل عام ليصل إلى 919.8 طن؛ إذ إن تراجعا حادا في الطلب الاستثماري بدد أثر التعافي المبدئي في شراء الحلي.

وكان الطلب قد ازداد على المعدن النفيس خلال الأسبوعين الماضيين، خاصة في ظل المؤشرات الاقتصادية السيئة عن الاقتصاد الأميركي وتخفيضه الائتماني، وخطط التقشف التي تضرب الأسواق الأوروبية، مما انعكس على أسعار الذهب التي شهدت ارتفاعات كبيرة في عدد من الأسواق منها المصرية، التي ارتفع فيها سعر الجنيه الذهب نحو 16 جنيها في الأسبوع الماضي، مع توقعات بمواصلة الارتفاع خلال الفترة المقبلة.

وأضاف الراجحي أن الحكومة المصرية ممثلة في وزارة البترول والثروة المعدنية تحصل على 3% أو ما يسمي «الإتاوة» كضريبة شهرية من الشركة وهو الشرط الموجود في العقد بين الحكومة والمستثمر الأجنبي، ووصلت تلك القيمة في يونيو الماضي إلى نحو 6 ملايين جنيه.

وتعد منطقة جبل السكري بالصحراء الشرقية من أولى المناطق التي تم فيها إنشاء مصنع لإنتاج الذهب حظي بترحيب مصري كبير في ظل رغبة في توفير نقد أجنبي وموارد للدولة هي في أشد الاحتياج إليها.