أول دليل مصري لإرشاد المقبلين على الزواج

يوضح كيفية الاختيار والتعايش والتكيف بين الطرفين

أفرزت التدريبات التي خضع لها 93 شابا وفتاة من مستويات تعليمية واجتماعية مختلفة احتياجهم إلى دليل إرشادي يتيح لهم التعرف على ماهية الزواج («الشرق الأوسط»)
TT

«يا بخت من وفق راسين في الحلال»، مثل شعبي مصري يقفز إلى ذهنك عندما تقرأ أول دليل إرشادي موجّه إلى المقبلين على الزواج وأيضا حديثي الزواج، فهو يضيء خطوات للشاب والفتاة المقبلين على تجربة الزواج وأسس الاختيار السليم، ويساعد حديثي الارتباط على نجاح تجربة الزواج، في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة الطلاق في المجتمع المصري، بمعدل حالة طلاق كل ست دقائق، كما تشير إحصائيات رسمية.

الدليل الأول من نوعه في مصر؛ صدر حديثا عن المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة، ويأتي في إطار تطبيق مشروع الحقوق الأسرية الذي تتبناه المؤسسة وكنتاج لتدريبات التأهيل للزواج التي تقدمها المؤسسة للشباب، فقد أفرزت التدريبات التي خضع لها 93 شابا وفتاة من مستويات تعليمية واجتماعية مختلفة احتياج هؤلاء الشباب ومن يماثلهم إلى دليل إرشادي مكتوب يبين لهم بشكل مبسط التعرف على ماهية الزواج، ومعرفة الإطار العام للعلاقة الزوجية، وحدود دور كل من الزوجين، وماهية الاختلاف بين الرجل والمرأة، والكيفية التي يُختار بها شريك الحياة، وكيفية مواجهة المشاكل المختلفة التي تقابلهم.

الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسي، التي ساهمت في إعداد الدليل، تبدأه بعرض عدة تساؤلات عند الشباب تثار في مرحلة التهيؤ للزواج، فهم يسألون: لماذا نتزوج؟ وهل الزواج يتطلب تأهيلا معينا؟ ومن ثم كيف نختار شريك الحياة؟ وما الصورة المثلى للزواج الناجح؟ وكيف نتغلب على مشكلات الزواج؟ وكيفية الوصول إلى تفاهم الأسرة واستقرارها؟ وما دور العلاقات الحميمة في نجاح التجربة؟ وما الاختلاف بين الرجل والمرأة؟

يبدأ الدليل في الإجابة عن تلك التساؤلات فيوضح أن الزواج هو حياة بين رجل وامرأة تتجه النية فيها للاستمرار مدى الحياة، ويحقق الطرفان إشباع احتياجاتهم الاجتماعية والبيولوجية وفقا لأسلوب اجتماعي يعترف به الدين والقانون والمجتمع، وبحسب د. هدى زكريا يحكم العلاقة الزوجية هدف عام هو تحقيق مصالح شخصية، فالإنسان ليس مثل الحيوان لأن الزواج غير «التزاوج» الذي يحدث بين جميع الكائنات وتتحكم فيه الغريزة الجنسية، فالحيوان يتزاوج ويتكاثر بهدف لا يعرفه ولا يعيه وهو حفظ النوع، ذلك لأن الحيوان يسعى وراء اللذة فقط ولا يعي الهدف من هذه اللذة أو ما بعدها، أما الإنسان فقد جعل من الزواج نظاما اجتماعيا أساسيا ليشبع به الدوافع الطبيعية كالجنس والعواطف، وأيضا لإعادة إنتاج المجتمع وحفظ النوع بصورة منظمة وشرعية.

أما أهم المبادئ التي تحكم العلاقة الزوجية والتي يجب مراعاتها عند الزواج فهي: الاحترام المتبادل بين الطرفين، وتقبل الآخر كما هو بمميزاته وعيوبه، والتركيز علي المميزات وليس العيوب، وهذا يسري على كل العلاقات الإنسانية، وتعامل كل طرف مع الآخر برقة ومودة وتسامح، والعمل على الوصول إلى التوافق الجنسي والاستمتاع به.

أما لماذا يختلف الزواج عن الحب؟ فتجيب الدكتورة هدى زكريا: «الحب والميل العاطفي هما البداية الطبيعية للزواج بل يعد الزواج هو الصيغة الشرعية للحب، التي يرضاها الله والمجتمع، لكننا هنا ننبه إلى أن الحب يكون بين فردين هما رجل وامرأة، أما الزواج فيجمع أسرتين في علاقة المصاهرة والنسب من خلال الفتي والفتاة». يتطرق الحديث بعد ذلك إلى فن التعايش بين الزوجين، وتوضح د. هدى زكريا أن أهم عناصره: هو اختيار شريك الحياة، الذي يتحقق بوجود الانجذاب بين الطرفين، ووجود عوامل مشتركة في الميول والطباع والطموح والذوق والاتجاهات والأهداف المشتركة والوسط الاجتماعي، مع الأخذ في الاعتبار توفر حد أدنى من التعاطف والتجاذب النفسي والعاطفي والروحي. أما صراع الأدوار فهو عنصر آخر من عناصر فن التعايش يظهر بعد الزواج، فيعاني الزوج الصراع بين أدواره؛ ابنًا وزوجًا وأخًا وصديقًا، والزوجة بين دورها؛ زوجة وابنة وعاملة.

ويتطرق الدليل في محور خاص لأخطاء يرتكبها الأزواج والزوجات، وهنا تشير د. هدى زكريا إلى أن أهم أخطاء الزوجات هي تقديم النصيحة للزوج دون أن يطلب منها في محاولة لتحسين سلوكه، وعدم الاعتراف بما يقوم به من أجلها، وانتقاد الزوج عندما يقدم على محاولة جديدة في الحياة أو العمل بدلا من تشجيعه. أما أخطاء الأزواج فتتمثل في عدم إنصات الزوج لزوجته، وعدم الاهتمام بها، وإصراره الدائم أنه على حق، وإنكار أهمية مشاعرها والتركيز على العمل والأطفال. المحافظة على سبل الحياة الأسرية أحد الأهداف التي ظهر من أجلها الدليل الإرشادي، لذا نجد في نهايته سؤالا هاما هو: ما دور العلاقات الحميمة في نجاح تجربة الزواج؟ والإجابة: أن كثير من الصراعات بين الزوجين تنشأ بسبب عدم التكيف الجنسي، الذي قد يستتر في شكل صراعات حول المال وطرق الإنفاق وأساليب تربية الأبناء، أو أي أسباب أخرى، فالثقافة السائدة في المجتمع المصري خاصة، والشرقي عامة، تجعل المرأة على وجه الخصوص لا تعترف لأحد حتى لنفسها بحقها في الاستمتاع بالعلاقة الجنسية مع زوجها، ولا سبيل لإنكار أن التكيف الجنسي يهدئ من الأعصاب الثائرة، ويجعل هناك صلة حميمة بين الزوجين، ويساعد على مواجهة الصعاب التي تعترض حياة الأسرة، ويحتاج هذا التكيف إلى الصبر والفهم والصراحة بين الزوجين، لكن التكيف الجنسي ليس هو كل شيء في العلاقة الزوجية، لكنه عنصر مهم للغاية في هذه العلاقات. من جانبها تشير السيدة هالة عبد القادر، مدير المؤسسة، إلى أن أهمية هذا الدليل تأتي من عدم وجود مثيل له من قبل، لذا كان التفكير في أخذ زمام المبادرة وإنتاج نواة لتجربة متميزة لإرشاد المقبلين على الزواج وحديثي الزواج عن ذلك الحدث، وكيفية الحفاظ عليه، خاصة أن الحياة الزوجية تكاملية في الأساس وليست علاقة تبدأ وتنتهي كيفما يشاءون.

الشباب أنفسهم استقبلوا الدليل الموجه إليهم بترحاب، فيقول محمد حاتم (26 سنة) الذي يبحث حاليا عن شريكة حياته: «الدليل مهم جدا لكل شاب وفتاة يستعدان للزواج أو يتطلعان إليه، فهو يطلعهما على الأسس الصحيحة والعلمية لاختيار شريك الحياة، خاصة أنه يأتي كخلاصة لتدريبات عملية، أي يبعد عن النصائح المباشرة التي لا تمت للواقع بصلة، فمن النادر أن يجد الشاب اليوم أحدا يوجهه ويقول له ما الصحيح وما الخطأ عند الزواج، لذا سيكون هذا الدليل مرشدا لي في اختيار زوجة المستقبل».