زوار تدمر وأهلها ينتظرون عودة متحف التقاليد الشعبية

يقدم بانوراما لحياة السكان وللبادية السورية

مبنى متحف التقاليد الشعبية في تدمر قبل تحويله إلى مركز سياحي («الشرق الأوسط»)
TT

ما زال التدمريون وزوار مدينة تدمر التاريخية العريقة، المنتصبة في البادية السورية، ينتظرون إعادة فتح متحف التقاليد الشعبية والصناعات التقليدية.

هذا المتحف كان قد افتتح في تدمر مع بدايات عقد تسعينات القرن الماضي في منزل تقليدي جميل مكون من طابقين شمال المدينة، غير أنه قبل بضع سنوات تنازلت عنه وزارة الثقافة، علما بأنه كان ملكا لمديرية الآثار التابعة للوزارة، لصالح وزارة السياحة السورية.

ومن ثم افتتح كمركز لاستقبال السياح وزوار تدمر، حيث يتاح لهم مشاهدة خط سير الرحلة التاريخية داخل هذا الموقع الأثري العالمي، وتقام فيه معارض فنية وتراثية. وبناء عليه، بدأ البحث عن مبنى بديل لمتحف التقاليد الشعبية.

في هذا الصدد، قالت منى المؤذن، مديرة المتاحف السورية، خلال لقاء لها مع «الشرق الأوسط»، شارحة: «بعد أخذ المبنى من قبل وزارة السياحة حاولنا جاهدين البحث عن مبنى مناسب ليكون متحفا للتقاليد الشعبية في تدمر. وكان قرارنا الأولي استئجار مبنى مناسب ريثما يتسنى لنا تشييد بناء حديث لهذا المتحف خلال السنوات الخمس المقبلة. غير أننا فوجئنا بأن الأسعار باتت مرتفعة جدا، وبالتالي، وجدنا صعوبة في تحمل دفع مبالغ بملايين الليرات السورية لسنوات قليلة ريثما يبنى متحف جديد. وهنا لا بد من التذكير بأن المتاحف هي في الأساس مراكز إشعاع ثقافي وحضاري وليس لها أي مردود مادي يستحق الذكر. وحتى اللحظة، فإننا ما زلنا نحاول العثور على مبنى مناسب لكي ننقل إليه القطع التراثية، وهي غير متحفية.. يعيش معها الزائر كل تفاصيل الحياة التدمرية والبدوية، لكي تعرض في هذا المبنى».

وتابعت: «القطع حاليا محفوظة لدى مستودعات مديرية آثار مدينة تدمر، وسنحاول استرجاع قسم من المبنى القديم لنعرض بعض مقتنيات المتحف ريثما نوفق في إشادة مبنى جديد له». ثم أردفت مفصلة: «المبنى الجميل الذي كان قد افتتح كمتحف تقاليد شعبية في تدمر عام 1992، وظل حتى قبل نحو ثلاث سنوات متحفا قبل تحويله إلى مركز سياحي، هو عبارة عن بيت عربي تقليدي مؤلف من طابقين.. يعود تاريخ بنائه إلى أواخر القرن التاسع عشر. وقد كان مقرا للقائمقام التركي في العصر العثماني، ومن ثم حول إلى سجن إبان فترة الانتداب الفرنسي. وبعد جلاء الفرنسيين لفه النسيان وأخذت جدرانه في التصدع والانهيار حتى عام 1983، عندما عملت مديرية الآثار والمتاحف السورية على ترميمه وإصلاحه، وافتتحته بعد تسع سنوات متحفا للتقاليد الشعبية التدمرية». يذكر أن المتحف يعتبر من أجمل المتاحف المتخصصة في التراث حيث كان، ومن خلال قاعاته ومعروضاته يقدم بانوراما لحياة سكان مدينة تدمر وريفها وواحتها وباديتها. فالمتحف، قبل تحويل مبناه إلى مركز استقبال للسياح، كان يضم قاعة تمثل مراحل صناعة البسط اليدوية؛ إذ كان في كل بيت من بيوت تدمر تقريبا نول لصناعة البسط، بينما خصصت القاعة الثانية للحلي، حيث عرضت فيها نماذج من الحلي الفضية والذهبية التي تستعمل في تدمر والبادية السورية كالأطواق والأقراط والمحازم والخلاخيل والأساور والخواتم وغيرها. وأما القاعة الثالثة فخصصت للجمال (الإبل)، وعرض فيها ثلاثة أنواع من الجمال حسب وظيفتها، وهي: الجمل المخصص لقيادة القوافل، والجمل الذي يوضع عليه هودج يستعمل في مناسبات الأعراس، والجمل الذي يوضع عليه هودج مصغر يسمى «القن» وكان يستعمل لتأمين الظل للأشخاص المسنين والمرضى أثناء رحلة القافلة. ونأتي إلى القاعة الرابعة، وقد خصصت للبيت التدمري التقليدي الذي كان يقسم إلى أربعة أقسام، هي: المضافة، وغرفة العروس، والمستودع (بيت المونة)، والمطبخ».

واستطردت منى المؤذن، في شرحها لتشير إلى أن «القاعة الخامسة خصصت للفلاح، وكان يعرض فيها أدوات الفلاحة والزراعة التقليدية كالمحراث والنورج ونماذج من المنتجات الزراعية التي تشتهر بها واحة تدمر كالقمح والزيتون والشعير وغيرها. في حين خصصت القاعة السادسة للصناعات اليدوية، حيث كان الزائر للمتحف - قبل تغيير وظيفة المبنى - يشاهد مثلا دمية تمثل امرأة تدمرية تصنع الأطباق والسلال من أوراق النخيل، ودمية تمثل رجلا يصنع الأحذية التدمرية المسماة «الشواريخ». وفي طابق المتحف العلوي كانت هناك قاعتان؛ واحدة عرضت فيها نماذج من ألبسة التدمريين التقليدية المزخرفة، والثانية عرضت فيها نماذج من ألبسة البدو سكان البادية السورية».