ثانوية مولاي يوسف في الرباط.. ارتبط اسمها بشخصيات مرموقة

مدرسة علمية للمتفوقين.. من طلبتها الأميرة للا سلمى عقيلة ملك المغرب وساسة ووزراء بارزون

فناء الثانوية الداخلي («الشرق الأوسط»)
TT

تعتبر ثانوية مولاي يوسف، في العاصمة المغربية الرباط، من أكثر الثانويات العلمية تميزا بالمغرب، ففيها يدرس أكثر الطلاب موهبة وتفوقا، ويندرج بين خريجيها وطلبتها السابقين شخصيات بارزة كثيرة منها من احتل مواقع وزارية وسياسية رفيعة ولعب دورا كبيرا في تاريخ البلاد.

يُذكر أن وزارة التربية والتعليم المغربية بادرت، في العام الماضي، إلى إطلاق فكرة «ثانوية التميز» (أي: ثانوية المتفوقين). ويقول مصدر في الوزارة: إن المبادرة أطلقت «وعيا بمدى أهمية المردود العلمي والاقتصادي لإنشاء مثل هذه المدارس». وعرفت ثانوية مولاي يوسف أنها إحدى أهم الثانويات العلمية – أي: المتخصصة في العلوم - وأكثرها شهرة في البلاد، إلى جانب ثانوية عبد الكريم الخطابي في مدينة الناضور بشمال المغرب، والثانوية التقنية في مدينة كلميم بجنوبه.

يقول أحمد زعراوي، مدير ثانوية مولاي يوسف، في لقاء مع «الشرق الأوسط»: إن المدرسة «حققت دائما نتائج جيدة وعرفت إقبالا كبيرا من طرف الطلاب المتفوقين في نهاية السنة الثالثة من التعليم الإعدادي». وعزا ذلك إلى «العناية الجيدة التي يحظى بها الطلاب، إضافة إلى توفير الجو الملائم لهم للعمل، وهو ما يساعد على التحصيل وتحقيق النتائج المرضية والإيجابية التي جلبت شهرة واحتراما للمدرسة».

ويشير زعراوي إلى سجل ثانوية مولاي يوسف التاريخي المتميز، على صعيد خريجيها وطلبتها السابقين، لافتا إلى أنه درس في هذه الثانوية «طلاب نجباء احتل بعضهم مناصب وزارية وحكومية رفيعة، منهم المهدي بن بركة، أحد أبرز السياسيين المغاربة خلال الخمسينات والستينات، وعبد الرحمن اليوسفي، رئيس الحكومة الأسبق، ومحمد اليازغي، وزير الدولة في الحكومة الحالية، ومحمد علال سي ناصر، الذي كان مستشارا للملك الحسن الثاني، ووزيرا للثقافة، وحدو الشيكر، وهو وزير سابق، وفتح الله ولعلو، وزير المالية والاقتصاد السابق وعمدة مدينة الرباط حاليا. وبالإضافة إلى هذه الشخصيات السياسية كلها، درست في ثانوية مولاي يوسف أيضا الأميرة للا سلمى، عقيلة العاهل المغربي الملك محمد السادس، ففيها تابعت الأميرة دراستها في الفصول التحضيرية للثانوية.

من ناحية أخرى، أوضح زعراوي أن 181 طالبا ممن يدرسون في الفصول التحضيرية في الثانوية تمكنوا من اجتياز الاختبارات الخاصة بدخول المعاهد والمدارس العليا الراقية - الأشد تنافسية وانتقائية من الجامعات - في فرنسا خلال هذه السنة في تخصص رياضيات - فيزياء، و12 منهم سيتابعون دراستهم العليا بمدرسة البوليتكنيك (الإيكول بوليتكنيك) الشهيرة عالميا، و36 في كل من معهد المناجم (الإيكول دي مين) ومعهد الجسور والطرق (الإيكول دي بون إيه شوسيه) و36 طالبا بالمدرسة المركزية (الإيكول سنترال)، في حين تمكن 97 طالبا من اجتياز المباراة الموحدة لمدرسة البوليتكنيك.

وأوضح زعراوي أن نسبة النجاح بمستوى البكالوريا (الثانوية العامة) في ثانوية مولاي يوسف فاقت هذه السنة 92%، وفي الأقسام التحضيرية بلغت نسبة النجاح 90%. وأشار إلى أن الثانوية إلى حدود عام 2006 كانت تضم فصلا واحد لشعبة الآداب ضمن عدد كبير من الشعب العلمية، وتقرر بعدها إلغاء هذا التخصص فباتت ثانوية مولاي يوسف ثانوية علمية خالصة. وسيتمكن خلال السنة الدراسية المقبلة 184 طالبا في شعبة رياضيات - فيزياء من أصل 199 طالبا من دخول المدارس والمعاهد العليا للمهندسين بالمغرب، منهم 65 طالبا نجحوا بامتياز و66 طالبا نجحوا مع إعفائهم من الامتحانات الشفوية و53 طالبا سيؤدون الامتحانات الشفوية.

يعود تاريخ تشييد ثانوية مولاي يوسف في الرباط إلى عام 1916، ويومذاك كانت تسمى «الإعدادية الإسلامية الصغيرة»، وكانت تقع في حي باب العلو في العاصمة. وفي عام 1920 نقلت من باب العلو إلى المشور السعيد، وهو عبارة عن قطعة أرض تعود ملكيتها للأسرة الملكية المغربية، وإلى الأمير مولاي يوسف على وجه التحديد، وبالتالي، حملت الثانوية اسم الأمير حتى اليوم. وكانت، إلى جانب أنها مؤسسة تعليمية، تضم أيضا مركزا لتدريب المدرسين في المرحلة الثانوية.

واختارت وزارة التربية والتعليم، في وقت سابق، 48 مدرسا للتدريس في ثانويات التميز التأهيلية (مدارس المتفوقين)، ووقع الاختيار على هذه الثانوية بعد منافسة بين 7 مدارس ثانوية في مختلف المدن المغربية. وتتوافر هذه الثانويات على داخليات، لإقامة الطلاب المتفوقين، وعلى المعايير والشروط الأساسية في المرافق الإدارية والتربوية، لتأمين الأجواء اللازمة للتحصيل.

من جهة ثانية، تقول مصادر وزارة التربية والتعليم إنها حرصت على انتقاء مجموعة من المدرسين الأكْفاء، لضمان تفوق الطلاب دراسيا في هذه الثانويات، وفتحت مجال الترشيح للتدريس داخلها في وجه أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، الحاصلين على شهادات عليا في مستوى الماجستير أو الدكتوراه أو ما يعادلهما. كذلك سمحت لحاملي الليسانس، الذين لديهم أقدمية 6 سنوات من التدريس الفعلي في الثانوي التأهيلي على الأقل، بخوض غمار المنافسة.

واليوم يستفيد المدرسون في هذه الثانويات من شهادات تقديرية وجوائز لمن يحققون منهم أحسن النتائج، ومن الدورات التدريبية المستمرة، بجانب المشاركة في مظاهرات علمية وتربوية، وتبادل الزيارات مع مؤسسات مماثلة، مع نشر تجاربهم الناجحة وإنتاجاتهم من المؤلفات.