الزلابية والمخارق زينة المائدة التونسية في رمضان

رغم تنوع الحلويات في السوق

«سي» رضوان يحضر الزلابية في محله («الشرق الأوسط»)
TT

تزدان موائد رمضان في تونس بحلويات الزلابية و«المخارق» التي لا تعرف سوى في تونس، وإن كانت قد تسربت إلى الجزائر وليبيا من خلال تونسيين هاجروا إلى هناك. وعلى الرغم من أن بعض الجزائريين والليبيين حاولوا تعلم الصنعة، فإن «سر المهنة» - كما يقال - ظل حكرا على التونسيين حتى يومنا هذا.

يختلف مذاق الحلويات وأشكالها في تونس من نوع إلى نوع، بما في ذلك مذاق الزلابية والمخارق، فالزلابية مستديرة وفيها فراغات متعددة، وهي أشبه ما تكون بالحلقات الصغيرة الملتحمة كما أن لونها ذهبي أو تشوبه حُمرة، بينما المخارق مستطيلة وبنية اللون.

والواقع أن التونسيين يقبلون على محلات بيع الزلابية في رمضان، حتى إن البعض لا يشتريها سوى في هذا الشهر. ومن النوادر أن شابا ريفيا اشترى كيلوغراما من الزلابية قبل رمضان وحمله إلى أسرته، فإذا بأمه تصيح «سبحان الله، نضجت الزلابية قبل رمضان هذا العام؟!».

هذا، وجرت العادة على أن تصطف طوابير الصائمين، قبيل المغرب، أمام محلات بيع الزلابية بكل هدوء وبانتظام غير معهود. والحال أنه في رمضان يحاول كثيرون التخلق بروح عالية من الصبر والتسامح، وقلة قليلة جدا تستنفر حواسها للخصومات، وهؤلاء غالبا ما يكونون في الأسواق.

محمود السقا، أحد المواطنين الذين ينتظرون دورهم لشراء الزلابية حدثته «الشرق الأوسط» فقال لنا: «يوميا آتي إلى هنا لشراء رطل من الزلابية ورطل من المخارق». وتابع: «لقد تعودنا على هذا التقليد في الأسرة منذ كنا صغارا، وعندنا في تونس نقول: الله لا تقطع لنا عوايد (أي عادات)».

وشاركت سعيدة الفاني محمود السقا في رأيه قائلة: «إننا نشق فطرنا (أي نفطر) على الزلابية والمخارق، وهذا من قديم الزمان.. ولا تحلو السفرة من دون الزلابية والمخارق.. هكذا تعودنا، مع أن بعض الناس ما عادوا يهتمون بالزلابية والمخارق كما جرت العادة في السابق».

من جهة ثانية، التقينا «سي» رضوان العزعوزي، وهو صاحب محل صنع الفطائر التي يتناولها التونسيون في فطور الأيام العادية (بعضهم يوميا وبعضهم الآخر أحيانا) إلا أنه يتحول إلى صناعة الزلابية في رمضان. وخلال مستهل الحوار معه قال: «إننا نخلط الفارينا (الدقيق) مع الخميرة والماء ونترك العجين يتخمر لمدة 3 أيام صيفا، و6 أيام شتاء. ثم نضيف المادة الملونة، ونقسم العجين إلى قطع.. نباشر بعد ذلك تفصيلها سواء في شكل زلابية أو مخارق». ثم أردف شارحا: «بعد الانتهاء من قلي الزلابية، فإننا نغمسها في العسل بالنسبة للطلبيات الخاصة، أما في ما يتعلق بالطلبيات العامة، فإننا نغمس الزلابية والمخارق في عسل السكر، أي وضع الماء والسكر يغلي حتى يصبح شبيها بالعسل».

وهنا، على الرغم من أن الإقبال على شراء الزلابية والمخارق يبدو واضحا للعيان، فإن «سي» رضوان يشير إلى أن مرد ذلك إلى تجمع الزبائن في وقت واحد قبيل موعد الإفطار. واستطرد: «يأتون كلهم في هذا الوقت لضمان أن تكون الزلابية طازجة أكثر». ثم أضاف بنبرة شاكية: «لقد كثرت أنواع الحلويات وما عادت الصناعة المحلية العريقة والتراثية وحدها في السوق. اليوم البعض يشتري المقروض المحشي بمعجون التمر.. وهناك من يشتري حلويات أخرى كثيرة في السوق، وعلى الرغم من وجود زبائن دائمين للزلابية والمخارق، فإن كثيرين يشترونها فقط لأنهم اشتهوها أو من منطلق الرغبة في تغيير الروتين».

مع هذا، لم ينس «سي» رضوان أن يقول: «ولكن هناك نوع آخر من الزبائن هو ذلك الذي يحمل الزلابية والمخارق معه هدايا من التونسيين إلى أصدقائهم في الخارج. الواحد من هؤلاء يأتي إلي في منتصف النهار أو عند المغرب ويقول لي إن طائرته في موعد كذا وإنه بحاجة لكمية من الزلابية والمخارق لنقلها لأصدقائه في الدول العربية أو أوروبا والأميركيتين.. وعندها نبادر إلى تحضير الطلب.. وحين عودته يجد طلبه جاهزا».