الفراعنة الأجدر والأحوج

محمود تراوري

TT

حين تتجه الأنظار، مساء اليوم، نحو العاصمة الأنغولية لمتابعة نهائي كأس أمم أفريقيا، ترتفع التساؤلات عن سر تفوق المصريين واجتيازهم سطوة الأسماء وبريق النجومية اللذين تتمتع به غالبية الفرق الأفريقية، بما تضمه من كوكبة نجوم يشعلون منافسات الدوري في أقوى البلدان الأوربية، ولكنهم عندما يلعبون دوليا مع منتخباتهم تجدهم إما متعالين في أدائهم، أو حذرين جدا خشية الإصابة، وهذان سببان رئيسيان - في تقديري- يمكن أن نرجع إليهما خروج منتخبات من الوزن الثقيل كالكاميرون وكوت ديفوار ونيجيريا، وقد يضاف إليهما سبب لا يقل أهمية، وهو التجانس وتقنية الأداء الجماعي، وهذا ما يميز المنتخب المصري، الذي يبدو أنه الأقرب اليوم لتحقيق الكأس السابعة في تاريخه.

إذا ما تمعنا في الثلاثة أسباب السالفة لنؤكد أن المنتخب الغاني ليس ببعيد عنها. وهذا ما يؤكد في البدء والنصف والخاتمة أن كرة القدم لعبة جماعية، يعوزها مدير فني، يجيد قراءة الواقع ليحدث التفوق. ولا يمكن لأي لاعب مهما علا صيته وسطع نجمه أن يجلب التفوق لفريقه منفردا، وأمامنا أمثلة صارخة قدمتها كاس أمم أفريقيا فهذان دروجبا ويحيى توريه أخفقا مع كوت ديفوار، وهذان ايتو وايمانا مع الكاميرون، وكذا كانو وتاكاتا مع نيجيريا.

لكن اللافت هنا، وفي ظل تفوق المصريين أفريقيا، لماذا لم ينجحوا في تقديم لاعبيهم للاحتراف أوربيا؟ فكل التجارب التي خاضها مصريون باءت بالفشل .سواء محمد شوقي أو عصام الحضري، أو ميدو أو هاني سعيد أو محمد زيدان أو حسام غالي، وأخيرا تجربة عمرو زكي مع ويغان الإنجليزي.

مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية كانت قد نشرت تقريرا قالت فيه «إن اللاعبين المصريين لا يملكون سمعة طيبة في الدوريات الأوروبية، وباتوا غير مرغوب فيهم لعدة أسباب: منها عدم الالتزام داخل الملعب وخارجه، وعدم الانصياع لتعليمات المدير الفني، بالإضافة إلى شكواهم المريرة من الغربة لعدم إجادتهم اللغة التي تساعد في التأقلم والتكيف مع المحيط الذي يلعبون فيه.

السؤال الأهم الآن، هل من الضروري أن يحترف لاعبون مصريون في الدوريات الأوربية؟ وما الذي سينعكس على الكرة المصرية؟ وهل أحدث المحترفون في أوروبا من الدول الأخرى فرقا؟ فها هي فرق الجزائر والكاميرون ونيجيريا بكل مدججيها من المحترفين أوروبيا سقطوا أمام الفراعنة، إضافة إلى سقوط كوت ديفوار أمام الجزائر. إذن المحترفون لم يصنعوا فرقا، خاصة إذا ما عدنا للأسباب الثلاثة التي ذكرتها بداية.

لكن المسألة هل يمكن أن ينظر إليها بهذا الشكل التبسيطي؟

لا أظن.

دعونا نتابع نهائي الليلة، فلربما أمكننا مقاربة إجابات تضعنا في أول الطريق، وإن كنت - عطفا - على ما ذكرت أرشح الفراعنة للظفر باللقب، فالدافعية لديهم أفضل وأقوى من الغانيين. وأسباب احتياجهم للكأس أعمق لأسباب تعرفونها جيدا!